[align=center][table1="width:100%;"][cell="filter:;"][align=justify]
لغتنا العربية العذبة الجذلة الجميلة، لله درها ما أجملها وما أعذب موسيقاها، كيف لا وهي أرقى وأغنى اللغات قاطبة
لغة الزهور والأشجار والطبيعة، تعالوا ننصت و نسترجع الألفاظ ونكتشف معا كيف نلفظ الصوت بلغتنا كما يتحدث عن نفسه في الطبيعة وكيف المسمى يعبر عن الصورة الذهنية أيضاً
كل صوت من الأصوات مسماه ينطبق على فعله وصوته، نصغي له فنجد الاسم والصوت الذي تعبر عنه يحاكي لغة الطبيعة عن نفسها
هل تأملت في كلمة حفيف؟
الصوت صوت في معظم اللغات وفي لغتنا الجميلة لكل صوت مسمى يصف ما يصدر عن هذا الصوت
لا تستغرب
اجلس تحت الشجر وأنصت لحفيف الأشجار وستكتشف أن هذا الحفيف يصدر ونسمعه هكذا: " حَ فِ ي ف " تطول بعض الأحرف وتقصر حسب درجة الرياح واتجاهها لكن دائما احتكاك ورق الشجر يخرج " حَ فِ ي ف " أو حَ فْ حَ فْ
اذهب إلى الشلال واصغ " ش لّ ا ل " هكذا تنحدر المياه وهي تصدر صوتا يشبه تماما اسم صوت تدفق مياه الشلال ( شلاّل ) والصورة الذهنية تنطبق أيضاً شَ لْ
صوت المياه: " خرير " انتبه لصوت المياه واصغِ جيدا ستجده " خَ رِ ي ر "
الزقزقة ، العواء ،المواء ، النباح ، الزئير ، الفحيح،
فحيح من الحلق وكأنه صوت مغتاظ يريد أن يلسع.
حين سمعت هذا لأول مرة في أحد الجامعات الكندية، كان رائعاً بالنسبة لي مثل هذا التعريف والإطلاع على الدراسات التي أجريت حوله في مقارنة اسم الصوت حين ينطق به الإنسان وصوته الفعلي في الطبيعة والحيوان...
كل الذين قاموا بهذه الدراسات المقارنة غربيون، خرجوا من دراساتهم بهذا التعريف: " اللغة العربية هي لغة الطبيعة الحيّة "
ابتسمت يومها باعتزاز وحضرتني أغنية عبد المطلب وأخذت أدندن بها في سري:
" الأرض بتتكلم عربي الأرض الأرض "
ألم يقل الصادق الأمين عليه أفضل الصلاة والسلام أن العربية لغة الملائكة وأهل الجنة ولغة الطبيعة التي توحد الله سبحانه؟
حين كنت أعمل في هيئة مساعدة المهاجرين، كثيراً ما كنت أجد نفسي تلقائياً أقول لمن يشعرون بالوحشة والغربة والوحدة وما يعرف بالصدمة لعدم سماع كلمات لغتهم التي ألفتها آذانهم في الجوار من حولهم:
" لست وحدك كل الطبيعة من حولك لغتها مثل لغتك، أنظر إلى الأشجار والأزهار كلها مثلك لغتها العربية وتسبح الله بها "
ولعلي هنا لا أجد أجمل وأدق من تعبير الأديب الكبير " العقاد " حين وصفها بـ " اللغة الشاعرة " وأضاف " اللغة الواقية " وقال:
" الأصل في الناس أنهم يجتهدون ليقوا هويتهم حتى لا تضيع, لكن الأمر مع اللغة العربية يختلف, فاللغة العربية في هذا المقام هي التي تحمي أصحابها, هي الدرع والحصن الذي يذود عن هذه الأمة ويضمن كمالها ودوامها وثباتها واستقرارها. "
لغة الضاد
قل لي بربك : هل صادفتَ بستانـا = يحوي من الأُكُل الفيّـاض ألوانـا
فيه الفواكه مما طـاب مغـرِسُهـا = أو الثمـارُ تـدلّى فيـه أفنـانـا
أو الينـابيـعُ ،جـلّ الله باجسُهـا = كدفقـة الروح تُزجي الخير ريّانا
يهوى النسيـم ظلالَا لأنس مائسةً = فيه، يراقص غصنَ الحَور هيمانا
أو العصافيـرُ سكرى تنثني طربـاً = بعطـر أنسامهـا ينساح نشوانـا
تبـارك الله ، هـذا الفضل ألهمني = آيـاتِ درٍّ، بهـا قـد جدت فنانا
أسبّـح الله ، يحـدوني لحضرتـه = قلبٌ تفجّـر حبّـا، فاض تحنانـا
قد شاره من لسـان الضّـاد مقخرةً = لمّـا تشـرّف بالتنزيـل قرآنـا
لسانُنـا قد سرى سحـراً ، يؤلقـه = معنى بديـعُ، ولفظ دقّ عِرفانـا
أما المعـاني فبحـرٌ زاخـرٌ عببٌ = واللفظ فيه استوى قيعاً وشطآنـا
نسعى إليه نِهـالاً من مراشفـه = ونصطفي من جميل الدر حصبانا
إن رمتَ معنىً جليلاً نلتَ أوفـره = أو شِمتَ لحناً لطيفاً حزتَ ألحانـا
إن كانت الحَلْيُ قد صيغَتْ بعسجدها = فهيّجتْ بوميـض المـال دنيانـا
فإن أنوار آيالضـاد من شـرفٍ = قد تيّمَتْ قبل أهـل العين عميانـا
فهْي العرائس لا تبـلى على قِـدَمٍ = في كل آن ترى من حسنها شانـا
تهديـك كلَّ جديد من ولائـدهـا = كفلقة البـدر ، بل فاقتْـه إحسانـا
وصوغُها لصحيح الفكـر يكسبـه = فوق الوضوح بيانـاً جـلّ تبيانـا
والشعر أغرودة اللهفـان يرسلهـا = نفثـاً يحرك في الأعماق أشجانـا
يلقيـه نبضاً يهيـم السامعـون به = ويلهـب القـوم إحساساً ووجدانـا
يثيـر فيهـم غراس الخيـر يانعة = ويدفـع القـوم للميـدان شجعانـا
والنثر نسجٌ حوى من سندسٍ ألَقـاً = فيه السنـاء، ومن إسـتبرق زانـا
يعلوبه مَن سمت في قلبـه فِكَـرُ = جُلّى تساوق في الأثمـان عِقيانـا
لله درُّ لسـان الضـاد منـزلـة = فيهـا الهـدى والندى والعلم ماكانا
الشاعر د. عثمان مكانسي
[/align][/cell][/table1][/align]