[align=center][table1="width:100%;"][cell="filter:;"][align=justify]
تحياتي وأهلاً وسهلاً ومرحباً بك أستاذ عبد الكريم في نور الأدب
ومرحباً مرة ثانية بهواء لبنان الحبيب الغالي عليّ الذي هلّ علينا بقدومك
ليس للإبداع حدود ولا قيود، والمهم بداية وجود الإبداع والتمكن اللغوي والموسيقى الشعرية...
في عصر تغيرت فيه العادات والتقاليد والأنظمة والقوانين، في عصر التكنولوجيا والاختراع تغير كل شيء حتى الإنسان وتأثرت الآداب والفنون بهذه التغييرات فجاء الشعر العربي الحديث بمختلف أشكاله وأنواعه وتياراته، والمبدع مبتدع يسعى على الدوام للتجديد والابتكار، ولدينا الأنموذج في أساس نور الأدب شاعرنا الكبير طلعت سقيرق في بحثه الدائم لتطوير القوالب وما جاء في قصيدة الومضة والقصيدة المدورة ، أو قصيدة السطر الواحد .. هي جديدة من حيث الشكل الذي يجرّ إليه الموضوع .. كانت القصيدة العربية مصرّة على العمودي أو التفعيلة أو حتى قصيدة النثر التي نحن بصددها .. بعض الشعراء استعملوا مقاطع من السطر المدور خلال كتابة قصائدهم ، وهذا قليل .. من جهته ومنذ أعوام أخذ الشاعر الأستاذ طلعت سقيرق في كسر القاعدة ، خاصة حين رأى كما يقول قصيدة التفعيلة تدخل حالة النمط الشكلي دون الخروج عن ذلك ، فكأنهم دون أن يشعروا حولوا قصيدة التفعيلة إلى شعر عمودي دون أن يجهدوا أنفسهم في البحث عن الجديد .. فأراد أن يجرب .. وبدأ البحث عن صورة أو شكل غير نمطي .. فكتب قصيدة السطر الواحد أو القصيدة المدورة ليرسخ مفهوماً مغايراً للسائد ..
تأخذ قصيدة السطر الواحد معنى دحرجة التفعيلة أو ترك العنان لها حتى آخر القصيدة.. عندما كتب هذا النوع ، وجد تجاوبا كبيراً خاصة ممن يسكنهم الوزن .. وهي قصيدة متعبة للكاتب والقارئ معا .. القارئ من حيث السماع لأن الشاعر لا يستطيع أن يتوقف قبل انتهاء القصيدة .. كيف ؟؟.. عندما تكون التفعيلة / متفاعلن مثلا / فعلى الشاعر أن يبدأ ولا يتوقف إلا مع نهاية القصيدة .. إنّ التوقف في أي مكان يجعل الشاعر يعود للبداية .. هنا عذابات الشاعر الذي يطلب منه أن يملك الموسيقى بتحكم وعفوية ..
بيت الشعر القديم كان يسمح للشاعر أن يتوقف في نهاية البيت ليأخذ نفسا .. وقصيدة التفعيلة تسمح للشاعر بالتوقف عند نهاية هذا المقطع أو ذاك ليرتاح ويفكر ..وهنا تأتي قصيدة السطر لتخالف كل القواعد ، فهي تحتفظ بالوزن ، لكن التوقف أو الراحة أو التأني، أشياء غير واردة هنا ..
هناك مأزق للشاعر في مثل هذه القصيدة يتمثل في إيقاف عمل أخذ النفس و هنا أيضاً كما أرى أنا قمة الإبداع والتميّز .. هنا لا يجوز أن نتوقف .. هذا يعني أنّ على الشاعر أن يكون في حالة صدق مع انفتاح مطلق على أحاسيسه ومشاعره .. ويعتبر أنّ دراسة نفسية الشاعر وعواطفه تنجح هنا بشكل تام ..
قبل أن نعود للشعر الجديد أود أن أشير لمقدمات التحول الذي جاء به امرؤ القيس، فتخطى الأعراف القبلية عبر ممارساته الفردية لقيم أخرى صالحة في نظره ومفسودة في نظر الآخرين، من حيث المضمون تطرق إلى مواضيع لم يجرؤ أحد أن يطرقها قبله ومن حيث الشكل كان بارعاً في تطويع الألفاظ لما فيه خير المعاني...
أنا منحازة، لكني منحازة للإبداع و التميّز بأي قالب جاءت الصورة الشعرية،قديماً عرّفوا الشعر بقولهم: " كلامٌ موزونٌ مقفّى " و هذا لم يعد مقبولاً نظراً لما طرأ من تغيرات جذرية، معنى و مبنى، خصوصاً وأنّ هذا التعريف لم يعط أية أهمية لفحوى الكلام و إنما لشكله فقط! و لا قيمة للوزن و القافية إن لم يكونا في خدمة المعاني، و لأنه يعتبر الشعر علماً و هو في الحقيقة فن لا بدّ له من فضاء رحب و آفاق لامتناهية يرسمها الخيال الشعري المبدع و لا بدّ له أن يكون مسكوناً بالشعور والعاطفة المتولدة في لحظة معينة و كما قال أحمد شوقي:
و الشعر إن لم يكن ذكرى و عاطفة = أو حكمة فهو تقطيع وأوزان
الشعر العربي نشأ نشأة غنائية موسيقية و على أساس الأنموذج القديم وضع العروضيون أوزانهم لتحببنا بالكلمة و تقرّب الألفاظ إلى نفوسنا و ترسّخ الأبيات في أذهاننا فنطرب لسماعها و نشوق إلى تكرارها دائماً، وفي النثر موسيقى سمّوها السجع و في النثر الحديث أيضاً موسيقى، و لا بد لنا هنا من التمييز بين نوعين من الموسيقى الشعرية:
1- الموسيقى الخارجية و هي الأوزان المعروفة
2- الموسيقى الداخلية و هي التي تجمع ما بين اللفظ والصورة، ما بين وقع الكلام و الحالة النفسية للشاعر، إنها مزاوجة تامّة ما بين المعنى و الشكل بكلّ جزئياته، و لدينا أيضاً الإيقاع و هو كما يقال النسيج للسامع من التوقع و الإشباع و الاختلاف و المفاجأة...
1- واجبنا كعرب أن نحافظ على القصيدة العمودية ولا نتنكر لها باسم التطور
2- واجب أن يتعلم الشاعر ويعرف عروض الشعر حتى لو كان يكتب فقط قصيدة النثر
3- أن يحافظ على هذه الموسيقى الداخلية في قصائده النثرية.
المشكلة ليست في قصيدة النثر بل في كل جاهل ومدع ركيك اللغة معدوم الموهبة وما أكثرهم اليوم، يسبغ على نفسه لقب شاعر والمسمى " قصيدة النثر".
ألف شكر لك وأهلا بك مرة أخرى في نور الأب مع عميق احترامي
هدى الخطيب
[/align][/cell][/table1][/align]