صَدَقَ الحِمَارُ
فِي دَوْحَةٍ
تجتَمِعُ الْأطيَارُ كُلَّ لَيلَةٍ
فَتَسْتَمِعْ
لِقِصَةٍ ، لِعِبرَةٍ ، لِمَوقِفٍ
قَالَ الغُرَابُ : اليوَمَ أَحكِي قِصَةً
فِيْهَا الْعُجَابُ وَالْأَسَى
هُمْ إِخْوَةٌ فِي غَابَةٍ
يَشكُونَ مِنْ أَحْوَالِهَمْ
وَالْخَوفُ يَحْيَا بينَهُمْ
في كُلِّ لَيلٍ دَأَبَ
جَمعُ الذِّئاَبِ غفلةً
خَطْفَ صِغَارِ الغَنَمِ
وذبحهمْ
قَد أَهَمَلَ الغَضَنْفَرُ الغَابَ بلَا
حِمَايةٍ لأَهلِهَا
قَد رُفعَ الْأمرُ إلَيْهِ لَاحقًا
فَلَمْ يُبَالِ أَمرَهَم
قَالَ لَهُمْ
تَصَرَّفوا
فَاجتَمعَ الْإِخْوَانُ فِي مَجَالِسَ
ضَمَّتْ حميرًا بَيْنَهُمْ
مُمَثِّلي الْجرذانِ وَالْخِرَافِ وَالْأغْنَام مِنْ
أَخْيَارِهِمْ
قَال خَرُوفٌ مِنْهُمُ
جُرذَانُنَا ، أَبطَالُنَا ، حُمَاتُنَا
يَبنُونَ سُورًا حَولَنَا
ثُمَّ يُرَاقبونَ كُلَّ خُطْوَةٍ
إذا دَنَتْ منَّا الذِّئاب فُجْأةً
فِئرانُنُا أَسْنَانُهُم ْ
كَانتْ لَهُمْ
بِالْمِرصَدِ
جُرذَانُهُمْ
صَاحَتْ بِهِمْ
إنَّا لَهَا ، إنَّا لَهَا
بِالرُّوحِ نَحنُ نَفتَدِي أبْنَاءَنَا
وَصَفّقُوا لِنَصرِهِمْ
قَالَ حِمَارٌ مِنْهمُ
ماذا لَدَينَا مِنْ سِلَاحٍ مَثلُهُمْ ؟
أَتبْاعُهمْ
فَوقَ التِّلَالِ والرُّبَا
إِنْ نُرسِلَ الجُرذانَ حلَّتْ نِقمَةٌ
مَذبَحَةٌ تَهوِي بِنَا وَأَهلِنَا
فَقَدْ نَمُوتُ كُلَّنا
أو لَا تقومُ عِزَّةٌ حِيَنَا لنا
فَانتَظِروا ، تَرَيَّثُوا يَوْمَاً نَكُونُ مِثلَهُمْ
بِقِوَةٍ وَعُدَّةٍ
وَاسْتَطرَدَ الْحِمَارُ قائلاً لَهُمْ
أَقتَرِحُ الْآتي هُنَا مُؤَقَتًا
نَكُفُّ عَن إِيذَائهِمْ
نُهَادِنُ الْأَحْدَاثَ حتَّى نَهْتَدِي
إِلَى سِبيل الْقُوةِ
لَو طالَ الدَّهرُ هكَذا ..
حَتْمًا ، بِيومٍ سوفَ يَقوىَ ظَهرُنا
عِتادُنَا ، سِلَاحُنَا ، أَبنَاؤُنَا ، جَمِيعُنَا
أَو رُبمَّا نَكُونُ أقوَى منْهمُ
أَو قَدِّمُوا حَلَا بَديلاً ، غَيرَهُ
لكنَّهم
قَد أَخفَقُوا ، وَاخْتَلَفُوا ، تَفَرَّقُوا
فِي لَيلَةٍ
جَمْعُ الذِّئَابِ كَالْرَّدى ، تقدَّمَ
قَد خَسَفَ الْأرضَ بِهِمْ
ثُمَّ اعْتَلَى بِيُوتَهُمْ
وَهَدَّمَ
وَأَحرَّقَ
غِذَائَهُمْ
بِيُوتَهُم
ثُمَّ الغَضَنْفَرِ الشَّقِيْ
قدْ أُعْدِمَ
جُزَذانُهُمْ
بِغَالُهُمْ
أَغْنامُهُمْ
جَمِيعُهُمْ
بَينَ قَتِيلٍ قُطِّعَ
بَينَ جَرِيحٍ أُحْضِرَ
لِأَكلَةٍ
لَم يَنْجُ منْ أقوامهمْ
غَيرُ حِمَارٍ قد وعَى
فرَّ بَعيِدَاً هَارِبًا
كَانَ يَصِيحُ قَائِلاً
أَنَا الْحِمَارُ قُلتُ دَائِمًا لَهَمْ
إنْتَظِرُوا ، تَرَقَّبُوا
يَوْمًا نَكُونُ مثْلهُمْ
بِقُوَةٍ
وَلَمْ يَزَلْ يُرَدِّدُ
أَنَا الْحِمَارُ قُلتُ دَائِمًا لَهُمْ
إنْتَظِرُوا ، تَرَقَّبُوا
يَوْمًا نَكُونُ مثْلهُمْ
بِقُوَةٍ
بَاتَتْ طُيُورُ الْأَيْكِ تَنْعِي ما جرى
قَالَتْ حِمَارٌ قَد وَعَى
لَكنَّهُمْ
لَمْ يَسمَعُوا
.....
شعر : مراد الساعي
من مجموعة أشعاري الخاصة
بحكايات على ألسنة الحيواتات
والطيور باسم حكايات الطيور
( القصيدة لا تشير إلى أي موقف إنساني احتراما لآدمية الإنسان)