بدايات الإساءة إلى شخصية رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم ح(6)
في العصر الحديث
ظهرت الكثير من المطبوعات التي طعنت في شخصية الرسول (صلى الله عليه وسلم) ومن أبرزها هي رواية آيات شيطانية للروائي البريطاني من اصل هندي سلمان رشدي-( الصورة المرفقة ) ، والتي صدرت في لندن بتاريخ 26 سبتمبر 1988 بعد 9 أيام من إصدار هذا الكتاب منعت الهندسلمان رشدي من دخول بلادها وتلقت دارالنشر التي طبعت الكتاب الآلاف من رسائل التهديد والاتصالات الهاتفية المطالبة بسحب الكتاب من دور بيع الكتب.
دولياً قامت بنغلاديش و السودان و جنوب افريقيا و كينيا و سريلانكا و تايلاند و جمهورية تنزانيا المتحدة و إندونيسيا وفنزويلا و سنغافورة بمنع الكتاب وخرجت مظاهرات تنديد بالكتاب في إسلام آباد و لندن و طهران و بومبي و دكا و اسطنبول و الخرطوم و نيويورك . وحصلت خلال عمليات الاحتجاج هذه حادثتين لفتتا أنظار العالم وهما : حادثة حرق أعداد كبيرة من الكتاب في "برادفورد" ببريطانيا في 14 يناير 1989 والحادثة الثانية : هي صدور فتوى من الخميني في 14 فبراير 1989 بتحليل دم سلمان رشدي وهاتان الحادثتان لقيتا تغطية واسعة من قبل وسائل الأعلام الغربية وفيها تم اتهام المسلمين "بالبربرية"، و"عدم السماح لحرية التعبير" .
وتتحدث الرواية عن شخصيتين رئيسيتين هما : صلاح الدين جمجة وهو هندي عاش منذ صغره في المملكة المتحدة وانسجم مع المجتمع الغربي وتنكر لأصوله الهندية و جبرائيل فريشته الذي هو ممثل هندي متخصص بالأفلام الدينية وقد فقد إيمانه بالدين بعد إصابته بمرض خطير حيث لم تنفعه دعواته شيئا للشفاء ، يجلس الاثنان علي مقعدين متجاورين في الطائرة المسافرة من بومبي إلى لندن ولكن الطائرة تنفجر و تسقط نتيجة عمل تخريبي من قبل جماعات متطرفة وأثناء سقوط هاتين الشخصيتين تحصل تغييرات في هيئتهم فيتحول صلاح الدين جمجة إلى مخلوق شبيه بالشيطان و جبرائيل فريشته إلى مخلوق شبيه بالملاك ، في أحد أحلام جبرائيل فرشته يرجع بنا سلمان رشدي إلى فترة صلح الحديبية ويبدأ فصل من الرواية بعنوان "ماهوند" وهذا الفصل من الرواية هو ماجرح مشاعر المسلمين بصورة عميقة .
قبل التعمق في هذا الفصل يجب معرفة أن ماهوند هو اسم استعمل في القرون الوسطى من قبل المسيحيين المتطرفين لوصف الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) .
الحبكة الرئيسية في هذا الفصل من الكتاب مستند على رواية ذكرت في سيرة الرسول (صلى الله عليه وسلم) حسب ابن إسحاق وفيها يذكر أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) وأثناء نزول سورة النجم عليه همس له الشيطان بهذه الكلمات "تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى" و الآيات المقصودة هنا هي الآيات 18 و 19 من سورة النجم التي تنص على :"أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى، وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى، أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى" ، وحسب الرواية فإنه هنا همس الشيطان بهذه الكلمات "تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى" وهذا يعني انه تم ذكر تلك الأصنام بخير في القرآن وفي هذا إشارة على أن الرسول حاول بطريقة أو بأخرى تقليل معاداة أهل مكة لدعوته وكف الأذى عن أتباعه بذكر آلهة مكة بخير حيث يزعم البعض انه بعد هذه الحادثة ساد الوئام بين الرسول محمد ومعارضيه السابقين من أهل مكة حتى بلغ الأمر أن بعض المسلمين الذين كانوا مهاجرين إلى الحبشة هربا من قمع أهل مكة قد قرروا الرجوع.
طبعاً رواية ابن إسحاق هذه تفتقد للصحة التاريخية وهناك اجتماع مطلق بين علماء المسلمين على عدم صحتها حتى أن الطبري عندما كتب سيرة الرسول (صلى الله عليه وسلم) أضاف في حاشية هذه الحادثة بأنه كمؤرخ يقوم بتدوين كل ما سمعه حتى إذا كان ما سمعه من نسج الخيال وهذه عادة اتسم بها كتاب السيرة جميعهم. وهناك أمور أخرى كثيرة في فصل ماهوند من رواية آيات شيطانية والتي جرحت مشاعر المسلمين منها على سبيل المثال وجود دار للدعارة في مدينة الجاهلية والتي يقصد سلمان رشدي بها مدينة مكة وكان في دار الدعارة هذه 12 امرأة وكانت أسماءهن مطابقة لأسماء زوجات الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) وفيه أيضا وصف تفصيلي للعمليات الجنسية الذي قام بها ماهوند.
يتبع.. الحلقة المقبلة: ( بعد أحداث 11 إيلول/سبتمبر 2001)
|