بدايات الإساءة لشخصية رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم ح(9)
بعد أحداث 11- إيلول / سبتمبر 2001 ح(9)
بابا الفاتيكان( بندكت السادس عشر)
لم يمضي وقت طويل على موجات الإساءة المتتالية للرسول صلى الله عليه وسلم عبر الرسوم والكتب ومواقع الأنترنت، حتى أطلق بابا الفاتيكان (بندكت السادس عشر) في صبيحة يوم الثلاثاء 12-9-2006تصريحات فاجأت العالم بأسره عندما،ألقى محاضرة فلسفية في جامعة:(ريجينزبورج)، بولاية بافاريا الألمانية كان عنوانها: (الإيمان والعقل والجامعة ذكريات وانعكاسات)،بدأ البابا المحاضرة باجترار للذكريات التي عايشها أثناء مرحلة الدراسة والعمل بالجامعات الألمانية ومن بينها جامعة ريجنزبورج، وسرعان ما انتقل للحديث عن العلاقة بين العقل والعنف في الديانة الإسلامية و بتخليطه غير المحسوب والمسؤول عن الإسلام، ومع أن الحديث كان في سياق أهمية العقل والمنطق العلمي، إلا أن البابا أهمله في محاضرته، ونسي في سكرة الحديث أبجديات الحكم على الأديان وأدبيات الحوار الحضاري.. وتناول الخلاف التاريخي والفلسفي بين الإسلام والمسيحية في العلاقة التي يقيمها كل منهما بين الإيمان والعقل، وانتقص فيها من قدر النبي محمد صلى الله عليه وسلم حين استشهد بنص ورد في كتاب يفترض أنه للإمبراطور البيزنطي مانويل الثاني (1350 – 1425) الذي يحمل عنوان "حوارات مع مسلم ـ المناظرة السابعة"، وقدمه ونشره في الستينيات عالم اللاهوت الألماني اللبناني الأصل "تيودور خوري"، من جامعة مونستر، وفيه يعرض الإمبراطور الحوار الذي أجراه بين عامي (1394ـ1402)، على الأرجح مع علامة فارسي مسلم " مفترض" ..
فأردف قائلاً: أريد التطرق لنقطة واحدة فقط هامشية نسبيًا وشغلتني في كل هذا الحوار وتتعلق بموضوع الإيمان والعقل، وهذه النقطة تمثل نقطة الانطلاق لتأملاتي حول هذا الموضوع..
ففي جولة الحوار السابعة كما أوردها البروفيسور خوري تناول الإمبراطور موضوع الجهاد، أي الحرب المقدسة، من المؤكد أن الإمبراطور كان على علم بأن الآية 256 من السورة الثانية بالقرآن (سورة البقرة) تقول: " لا إكراه في الدين" .. إنها من أوائل السور، كما يقول لنا العارفون، وتعود للحقبة التي لم يكن لمحمد صلى الله عليه وسلم، فيها سلطة ويخضع لتهديدات. ولكن الإمبراطور من المؤكد أيضًا أنه كان على دراية بما ورد، في مرحلة لاحقة، في القرآن حول الحرب المقدسة.. وبدون أن يتوقف عند التفاصيل، مثل الفرق في معاملة (الإسلام) للمؤمنين وأهل الكتاب والكفار، طرح الإمبراطور على نحو مفاجئ على محاوره المفترض "السؤال المركزي بالنسبة لنا عن العلاقة بين الدين والعنف بصورة عامة"، فقال: (أرني شيئا جديدا أتى به محمد صلى الله عليه وسلم، فلن تجد إلا ما هو شرير ولا إنساني، مثل أمره بنشر الدين الذي كان يبشر به بحد السيف).. معلناً في ذلك تأييده لذلك الإمبراطور فيما ذهب إليه، وأشار في ختام محاضرته إلى طبيعة حوار الحضارات وشروطه للبدء في هذا الحوار وقال: " لن يمكننا ذلك إلا إذا تلاقى العقل والإيمان بصورة جديدة.. ومن خلال ذلك فقط يمكننا أن نكون مؤهلين لحوار حقيقي بين الحضارات والأديان الذي نحن في أمس الحاجة إليه"، وأكد بأن من يؤمن بالإسلام لا يصلح لأن يمارس هذا الحوار لأنه حسب قوله:"العقل الذي يكون فيه الجانب الرباني أصم والدين ينتمي إلى الثقافات الثانوية هو عقل غير صالح لحوار الحضارات"..!
إثر ذلك بدأت على الفور ردود الفعل العربية والإسلامية واسعة ومستنكرة وعكستها وسائل الأعلام العربية والغربية معاً بالشجب والمطالبة بالاعتذار؛ فكتبت صحيفة : (نيويورك تايمز) في افتتاحيتها لعدد يوم السبت 16 سبتمبر 2006م مطالبة البابا باعتذار موصفة إياه، بأنه يجب أن يكون "عميقاً ومقنعا" وعقبت قائلة في نفس الافتتاحية: "إن العالم يستمع باهتمام لكلمات أي بابا.. وإنه من الخطير والمؤلم أن ينشر أحد ما الألم سواء عامداًَ أو غير مكترثاً.. إن البابا بحاجة إلى أن يقدم اعتذاراً عميقاً ومقنعاً ليبين أن الكلمات يمكن أيضا أن تشفي الجراح" في إشارة لخطورة ما قاله..
فما كان منه إلا أن أصدر(أي البابا)، بياناً جاء فيه "إن البابا المقدس "حزين جداً" أن بعض فقرات محاضرته قد بدت وكأنها تهاجم مشاعر المسلمين". وأعقب قائلاً: "أنه يحترم الإسلام ويأمل أن يتفهم المسلمون المعنى الحقيقي لكلماته"..لكن ردود الأفعال التي وردت معبرة عن مواقف المسلمين، حول هذا البيان، اعتبرت بأنه يعالج الإهانة الأولى التي جرحت كرامة كل مسلم.. بإهانة ثانية تفترض في كل المسلمين الغباء أيضاً، مضيفةً: إن مواقف هذا البابا من الإسلام معروفة مسبقاً، ولكن الأمة الإسلامية آثرت في السابق أن تعطي لهذا البابا فرصة إعادة النظر في تلك المواقف بعد أن تولى أعلى المناصب الدينية في العالم الغربي؛ لكنه للأسف لم يفعل بل زاد الطين بلةً..! وتساءلت: إن البابا يقول أنه "حزين جدا"ً أن عباراته بدت وكأنها هجومية، ولكنه لم يعتذر عن هذه العبارات، أو يشرح كيف يمكن ألا تكون هجومية.. هو فقط حزين جداً لما حدث.. فأين الاعتذار..؟ كما طالبته ألا يستغفل أو يستهين بهذه الأمة، التي تنهض من جديد، وهو يلعب بالنار وحذرت بأن استثارة هذه الأمة بهذا الشكل المتكرر، ستكون نتائجه وخيمة على الجميع، وأول من سيعاني منها هم من اختاروا الاستهزاء بنبي الأمة صلى الله عليه وسلم، ورمز عزتها وطهارتها وحبها للسلام، كما ذكّرت ردود الأفعال في وسائل الأعلام العربية والإسلامية بمواقفه القديمة والمعادية للإسلام وأوردت منها : معارضته وبشدة دخول تركيا إلى الاتحاد الأوربي بدعوى انتمائها على حد قوله إلى: "دائرة ثقافية أخرى" أي الإسلام، ولم يتنازل عن هذا الموقف حتى الآن، وكتاباته في عام 1996م عن أن "الإسلام لا يمكن أن يتعايش مع العالم المتمدن".. وكذلك ماقاله في معرض رده على سؤال لأحد الصحفيين إن كان يعتبر "الإسلام دين سلام"، فرفض أن يصف الإسلام بدين السلام، وأجاب بثقة: "إنني لا أرغب في استخدام الكلمات الكبيرة لوصف أمور عامة.. إن الإسلام بالتأكيد يحتوي على عناصر يمكن أن تميل إلى السلام، ولكنه أيضاً يتكون من عناصر أخرى.. ولابد لنا أن نختار دائماً أفضل العناصر". يتبع..
[motr][type=754731]تحذير هام: يمنع النقل أو الاقتباس دون إذن مسبق من إدارة المنتدى تحت طائلة الملاحقة القانونية[/type][/motr]
|