رد: المحبة مقام معرفي كبير
أخي الحبيب عادل سلطاني
لقد صدقتم والله فيما قلتم وما جاء في مداخلتكم القيمة
والعقل أخي الكريم ليعد من أفضل الخصائص
التي ميز بها الله الانسان ، وبالعقل صار الانسان خليفة
الله في الأرض وبه تقرب اليه فلا دين لمن لا عقل له
ومن لم يكن عقله أغلب خصال الخير عليه كان حتفه
وبالعقل ترى الأشياء كما هي فلا نخطئ في التمييز بين
الحق والباطل ، لذا فالغاية دوما هي الدعوة والتذكير
وجميع ما ورد به الأنبياء من أوله وآخره هو من مجاري اليقين
الذي لا يتحول في القلب فلزم الاتباع
ومن الحكمة معرفة أن كل فرضية في حدود العقل تبقى ظنا بغير
معنى ولا برهان الا أن يفقهها القلب وهذا أعده من كمال المعرفة
فعندما نذكر النورمثلا فأول ما يرسم في أذهاننا
وفكرنا سبل الهداية الحقة ومعالم الفوز والفلاح
وهذا النور يحمل في دلالاته معان رحبة وغزيرة وسامية
تجسد الطهر والقدسية والكمال والجلال والحكمة والنور هو
قيمة الانسان الحقيقية في الحياة والوجود وبنور العقل نبصر
الحقيقة ونهتدي الى الله ، كما أنه يتملك أعماق الانسان بما
أودع الله عز وجل وما يقربنا اليه فهو مالك قلوبنا وواهبها الرحمة
والشوق وما يحيينا لهذا النور ، فكانت المحبة أقوى شيء في المعرفة
ولا يوصل اليها بشيء سوى الله فهو العارف والمعروف والمحب
والمحبوب ، قال حبيب الحبيب صلى الله عليه وسلم
اللهم ارزقني حبك وحب من يحبك وحب من يقربني حبه الى حبك
فالعارفون بالله ينظرون الى جمال الصنعة الالهية فيتوصلون الى
صورة الجمال المجرد ثم منه الى عالم الجمال الكلي ثم الى جمال الواهب
للكل الذي كل جمال في الكون مستفاد منه والله تعالى جعل هذا الاستعداد
المعرفي في بني البشر ورقاهم بمقامات معرفية لمطالعة الجمال الالهي
والتلذذ بمحاسنه وقربه الموجب للمحبة والاكرام وكلما زاد القرب
انمحت الفواصل . قال الشاعر :
أدنيتني منك حتى // ظننت أنك أني
كما أننا عندما نتأمل الحب نجد أنه غاية كل المقامات
العالية وثمرة ممارسة أعلى الفضائل وأسماها
وأزكاها ، والعارف بالله هو من يرى الله في كل
شيء بل يراه عين كل شيء والترقي هو جذب في مدارج
الكمال والعبد موطن أن يترقى في مدارجه فاذا نظر الى
معرفته فلا يعرف سوى الله فلا شيء يحجبه عن الله
والمحبة لا تحجبه عن المحبوب لأنه يحياها بوجدانه
والوصول ليس من قبل العبد بل بعناية الله
قال تعالى ( ان الله بالناس لرؤوف رحيم ) الآية
فمن صفات الألوهية الرأفة والرحمة والرأفة أخص
والرحمة أعم ، وتصديرهما بحرف تأكيد مراد بيانه اتصافه
سبحانه وتعالى في ذاته العلية بالرأفة التي هي كمال الرحمة
وبالرحيمية التي هي المبالغة فيها على الدوام والاستمرار
وهو سبحانه الذي فتق بين قلوب أحبابه وألف بين قلوبهم
فأصبحوا بنعمة الله متحابين مؤلفة قلوبهم والله ذو الفضل العظيم
عذرا أخي الحبيب على اطالتي عليكم وكل ما نسعى اليه هو
النقاش الهادف المثمر لنعمق معارفنا ونستفيد حقا من نقاش
موسع مع كل أحباب هذا المنتدى الطيب بأهله
محبكم : عمر الريسوني / المملكة المغربية
|