يا سائلي !! اشطب سؤالك لي أين الخلاص ،،، فلست بحاثا و لا أتقن الجدال ، ما أنا إلا شاعر عشق التجوال.. تلقيت حق الميلاد كأي إنسان ، وذاك حظي الطيب الوحيد.
لي قلب ببطينين و أذينين ووطن... سكني مبني بالطين و التبن و الكفاف ، هناك قرب شجرة الزيتون.. ألا تراه؟؟؟
كان يمر بجوارنا نهر الحياة،، هادئة تموجاته كالبسمات، مزدانة ضفافه بنوار الدفلى، معبقة نسماته بأريج القرنفل.. و كانت طيور السنونو تتبختر من فوق صفحته بحركاتها البهلوانية محاولة الغطس دون أن تغطس.. أما أنا.. فكنت اجلس تحت شجرة الزيتون، ابحث عن جمل قوية شفافة لأجسد حلما.. ابني قصرا.. انحت لفظا.. اهدم رغبة.. أترجم حبا و اسطر برنامجا يوتوبيا، و كنت حين تتأهب الشمس للغروب شاحبة كأنها مطلية بلون الندم... أشنف سمعي بآخر لحن من سمفونية الحياة و أترنم بنشيد :" وطني وطني فيه السكن" و أرتل آية "و قضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه و بالوالدين إحسانا ".
و حل موسم الحصاد.. و انتهى موسم الحصاد.. سبعا و عشرين مرة حل و ارتحل..و انحدرت الأطماع عبر السيل إلى نهر الحياة..انحدر الخوف و اليأس و انحدرت الضجة ، و هاج النهر، تعالت أمواجه بدموعها و دمائها، بجراحها و فرقتها..و رحلت بنت جارتنا في الربيع.. أخذت معها الربيع و اعتقلت الفرحة داخل حقائبها،، فاستلقى الأمل جثة مهترئة أمام عتبة أحاسيسي،، و توقفت عن حفر نشيدي على جذع الزيتونة.
و هأنذا الآن...وحيدا كعادتي.. اجلس إلى جذع الزيتونة... أناجي المحال أن يمدني بسهام افقأ بها عين الفجيعة... وحيدا أتنفس التيه و أدخن الحيرة... أدبج إعلانات عن ضياع وطن و ابعثها الى صحف لا عناوين لها... و ألملم الحروف من مستنقع الحياة الآسن لأنقش على الزيتونة نشيدي الجديد... "" سكني سكني اين وطني"... و عند المغيب ارتل "ان الله لا يغير ما بقوم "".
العامرية 03/12/1993