رد: مثقفو نور الأدب يعرِّفون المثقف ... شارك بالصياغة والتعريف
ياسيدى أنت تأمر ولا تتمنى هذا أولا .
ثانياً : رأيت أنه من المناسب بل ومن الضرورى أن نضع أمام المشاركين بعض المعطيات التى قد تسهم فى فتح نوافذ أكثر للتفكر والتذكر وعليه سأبدا مستعيناً بالله فى نقل المعانى من لسان العرب ثم أنتقل لانتقاء بعض الطروحات والتعاريف وما يتيسر محاولاً قدر الأمكان تجنب الاطالة والتكرار عسى ألا يكون البحث مملا .
بسم الله ابدأ بمعنى الكلمة والتى يعود أصلها إلى الحروف الثلاث المجردة ث ق ف وثَقِقَ الشئ ثَقْفاً وثِقافاً وثُقُوفةً أى حَذِقَه ويقال رجل ثَقْفٌ وثَقِف وثَقُف أى حاذقٌ فهم لذا قالوا ثقف لقف وثقيف لقيف.
وفيه من المعانى الكثير أختصرها فى أن الرجل الثَقَف على وزن ضخم حاذق سريع الفهم ولقف أى يلقف ما يعرض له سريعا وثقف الشئ بفتح الثاء وكسر القاف وفتح الفاء أى فهمه سريعا وفيه ظفر به كما فى قوله تعالى : واقتلوهم حيث ثقفتموهم . (فلم يقل سبحانه وجدتموهم كما فى بعض التفاسير وإنما قال ثقفتموهم وهى أدل .* من عندى )
ويقول الشاعر :فإما تثقفونى فاقتلونى والمعنى واضح .وتقول أم حكيم بنت عبد المطلب فى بعض حديث لها : إنى حصانٌ فلا أُكَلم وثقافٌ فلا أُعَلّم أى انها من أدبها لا يكلمها أحد ومن ثقافتها لا يعلمها أحد
وفيه الثقاف خشبة تسوى بها الرماح وفيه قول عائشة رضى الله عنها :وأقام أوده بثقافة . تصف أباها
وفيه ثقفى أى منسوب إلى ثقيف على اعتبارها قبيلة اوحى من احياء العرب على خلاف فى ذلك
وفيه خفيف وفطن والمعنى يدور إجمالاً فى الفطنة والذكاء وسرعة التحصيل وليس التعلم فقط والتقويم أيضاً وهو معنى مهم وأكتفى بهذا راجياً أن يكون المعنى واضح وإلا فعذراً لتقصيرى .
:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: ::::::::::::::::::::::::::::::::
أما الثقافة فأبدأ بها قبل المثقف وفيها كثرت التعاريف وأختصرها - ناقلاً - فيما يلى :
المركب الكلى الذى يشتمل على المعرفة والمعتقد والفن والاخلاق والقانون والعرف والعادات والقدرات الاخرى التى يكتسبها الانسان باعتباره عضوا فى المجتمع .
النمو التراكمى للتقنيات والمعتقدات والعادات لشعب من الشعوب يعيش فى حالة اتصال مستمر بين أفراده.وينتقل هذا النمو التراكمى للمعتقدات والعادات عن طريق الآباء للأبناء وعبر العمليات التربوية .
الجهد المبذول لتقديم مجموعة متماسكة من الاجابات على الأسئلة المحيرة والمآزق التى تواجه المجتمعات البشرية .
.الحذق وفهم العلوم والمعارف والفنون .... الخ.
هذا قليل من كثير وإجمالاً أقول :الثقافة هى المخزون الحى فى الذاكرة كمركب كلى ونمو تراكمى مكون من محصلة العلوم والمعارف والمعتقدات والأفكار والفنون والآداب والاخلاق والقوانين والأعراف والتقاليد والمدركات الذهنية والحسية والموروثات التاريخية واللغوية والبيئية التى تصوغ فكر الأنسان وتمنحه الصفات الخلقية والقيم الاجتماعية التى تصوغ سلوكه العملى فى الحياة .
فى النهاية ينبغى الا يغيب عن البال ان الثقافة تختلف باختلاف الزمان والمكان ولعله لا يطول بنا الزمان حتى نرى الثقافة قد خرجت من اسر القومية والطائفية والاقليمية والعرقية لتدخل افاق العالمية وتنشر ظلالها الوارفة على البشرية كلها .
أما عن تكون الثقافة فتبدأ مع الطفولة من تحسس الاشياء الى السمع الى المحاكاة( والتطور الطبيعى للادراك والتعلم كل حسب ما وضع الله فيه من قدرات تختلف مع اختلاف حاجة المجتمع لكل القدرات المتنوعة ذادت او نقصت )* من عندى .
وفيبه يقول الرسول عليه الصلاة والسلام : ان كل مولود يولد على الفطرة وأبواه يمجساته او يهودانه او ينصرانه .
اما عن علاقة الثقافة بالحضارة فالثقافة ليست هى الحضارة وإن كانت هى العنصر الاساسى فى بناء الحضارة وترسيخ قواعدها فى المجتمع والحفاظ عليها وتكون الحضارة بعد ذلك رافد من روافد الثقافة وتنمو علاقة تبادلية بين الثقافة والحضارة .( ولذا يختلط الامر احيانا فتبدوان وكأنهما شيئاً واحدا
)* من عندى .
وقبل أن ننتقل للمثقف نقول أن الثقافة القوية الاصيلة لا تنهزم أمام القوى العسكرية والاقتصادية أوالاعلامية والسياسية فالثقافة الاسلامية لم تنهزم أمام غارات الغزو المتوالية على مر العصور بل دخل الغزاة بثقافاتهم فغرقوا فى ثقافة الاسلام واعتنقه اكثرهم .* بتصرف للاختصار .
:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: :::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: :::::
على ضؤ ما أسلفنا من تعريف الثقافة نتعرف غلى المثقف وهو الذى يحمل الثقافة ويوصلها ويعبر عنها
وإن كان لا يوجدها من عدم ولكنه يحركها من سكون وينشطها من خمول .
وعليه لا يمكن للثقافة أن تبقى وإن احتفظت بعوامل بقائها دون المثقف والا بقت صورا جامدة للفلسفات والعقائد وكل مقوماتها .
ويبقى أخيراً دور المثقف وما عليه :
أن يتمثل ثقافته جيداً فكراً وسلوكاً
أن يعمل جاهداً لنشر ثقافته والتبشير بها
أن يدفع عنها عوامل الانهزام الداخلى والغزو الخارجى - ويكون ذلك بالانفتاح الحر على الثقافات الاخرى وعدم الانغلاق على نفسه ومحيطه وبيته وعدم الخلط بين الثابت من الحقائق والمتغير من العادات والتقاليد والموروثات والتمييز الدقيق بين ما هو اساسى وثابت من الاركان وبين المتمات والمكملات والحرص على عدم التخلف عن العصر والتفاعل فيه ايجابا وتأثيرا والتطلع للمستقبل بآمال وأهداف ورغبات مجتمعه قاصداً خدمته .
نريد مثقفا متحرك مؤثر يحمل امال الامة وتطلعاتها وقيمها ويستطيع نشر ثقافته بما يخدم المجتمع الذى يعيش فيه مخاطبا الجميع كلا بما يناسبه فلا يقتصر على النخبة ويعتزل الجماهير .
المثقف الذى يستشعر المسؤلية فيتمثل دور النبى لا الفيلسوف .
مثقف يحارب الظلم والفساد والاستبداد ويكسر القيود وينشر قيم العدل والحرية والمساواة بين مجتمعه ثم بين البشرية كلها .
:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: :::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: ::::::::::::: أصدقائى واخواتى وأساتذتى : نقلت لكم بعض تعريفات وطروحات حول الثقافة والمثقف أرجو أن تكون مفيدة ومن بركة العلم رده إلى أصحابه وهذا فكر عقول مستنيرة وما كنت إلا قاطف لزهور افكارهم وحاصد لثمار بساتينهم اليانعة وقد استفدت شخصياً وأنا أنقل وأختصر قدر الإمكان وأساال الله أن ينفعكم به.
منقول من مجلة النبأ لسنة 2000
|