|
رد: خاص بأخبار ونشاطات وكتابات الأديبة القاصة الدكتورة سناء الشعلان
[align=justify]
قصص قصيرة جدا
هو لا ينام إلاّ إن حكيتُ له حكاية... ولا يستيقظ أبداً إن حكيتُ له حكاية!!!
(1)
كانت الأرض في بداية التاريخ والخلق جميلة،ببحار زرقاء هادئة،وأشجارٍ خضراء باسقة،وأشجار عليلة،وحيوانات مسالمة،لكنّ البشر أفسدوا كلّ شيء بشرورهم،وحروبهم،وتطاحنهم،الدّماء الحمراء أغرقت كلّ الأماكن،وأفسدت كلّ الألوان،الآلهة ضاقت ذرعاً بهم،وأرسلت عليهم أمطاراً لا تتوقّف كي تغرقهم أجمعين،وجعلت تميمة الخلاص في فعل خير،ولكن البشر بقوا في شرورهم،ولم يدركوا الحلّ،حتى كانت قبلة عاشق وعاشقة،كانت قبلة وداع قبل الموت غرقاً،ولكّنها كانت جميلة وصادقة وخيّرة،ففرحت السّماء بها،وهلّلت الآلهة لها،فتوقّفت أمطار السّماء المتدفّقة دون نهاية،إكراماً للقبلة التي أنقذت البشرية من الهلاك.
الأم الطّيبة كانت أكثر نساء الدّنيا حزناً وألماً،فقد ولد توأماها الجميلان بزوجي عيون دون نور،كانت عندهما عيون جميلة،ولكن معتمة لا ترى،لم يستطيعا أن يريا أسراب السّنونو في السّماء،وجري الخيول في الوديان،ورقصة السّنابل التي تداعبها الرّياح في الحقول،ونظرة العشق في العيون،ونظرة الحبّ والحنان في عميق عينيّ أمّهما،تضرّعت الأم طويلاً للآلهة كي تهبهما نوراً لعينيهما بأيّ شكل من الأشكال،الآلهة كانت ثملة في تلك الليلة،وراغبة في تسلية جهنّمية،استجابت لضراعة الأم الطّيبة،وفي لحظة إرادة جبّارة أشاعت النّور في عينيهما،وأطفأته في عيني الأم.
توقّعت الآلهة أن تضحك كثيراً من هذه المهزلة الإنسانيّة المبكية،ولكّنها خجلت من نزوتها وحماقتها عندما غدت الأم ترى عبر عيون أولادها المسكون بنور عينيها أسراب السّنونو في السّماء،وجري الخيول في الوديان،ورقصة السّنابل التي تداعبها الرّياح في الحقول،ونظرة العشق في العيون.
الملك الطمّاع كان مولعاً بجمع الأشياء الجميلة،طوّف البلاد،وأرسل الفرسان إلى جميع أصقاع الدّنيا ليجمعوا له أجمل ما فيها من نساء وجوهر وتحف وريش وذهب وفضة وأحجار كريمة وقصص وحكايات وآوانٍ وزرابي ومرايا وسجّاد وأرائك،عادوا جميعاً يحملون أجمل ما وقعت عليه أعينهم الباحثة بنهم عن كلّ جميل، الملك استعرض بلا مبالاة كلّ ما وقعت عيناه عليه،صرفهم جميعاً بعد أن كافأهم بسخاء،وأمر بزجّ كلّ ما أحضروه في خزائنه المنيعة،وجلس إلى نافذة قصره يبكي بحرقة؛لأنّه يبحث عن قلب جميل يحبّه بعيداً عن ملكه وسطوته وثرائه،فلا يجده!!
|