وكأن الإسلام ما زار هذه الديار ولا حط رحاله هنا ، كأن معالمه اختفت ، تبخرت ، طُمست حروفها على مرّ الزمن فلم يعد يظهر منها إلا خيالات متكسرة ، مهشمة ، منقوشة على جدران باهتة وملامح من عدم .
تفحصت جيدا ً طقوس عبادتهم علّني أجد ضآلتي المنشودة فيها ، لكنني عبثا ً أحاول فما هي إلا حركات معدودة وإيماءات مرصودة وقلوب
وأفئدة جوفاء تديرها عقول مأجورة .
درت حول نفسي مستنكرة ، حاولت أن أفهم لغتهم ، ماذا يتكلمون ؟ ماذا يسّبحون ؟ من يشكرون ؟ لمن يستغفرون ؟
السلطان .. السلطان هو سيّدهم ، هو إلههم المزعوم على الأرض ، هو قِبلتهم للصلاة وله وحده عبارات شكرهم ودعاؤهم وإرضاؤه هو همهم الأول والأخير بل همهم الأوحد .
من أين سأبدأ معهم الحوار وكل الطرق إلى عقولهم مغلقة ، كل السبل إلى أفئدتهم متعرجة ملتفة بكل ألوان اللف والدوران ؟
كيف أبدأ معهم الحوار ودروبهم ملتوية وأفكارهم متحجرة وكلماتهم حروف مبعثرة في الهواء وقلوبهم كأنها قدت من حطب ؟
كيف السبيل إليهم وأعينهم لا تبصر أبعد من مرمى الحجر ؟ ولمن أمد ّ يدي وهم تماثيل
نحتت وُشكلت من باطن الصخر ؟
وكأن الإسلام ما زار هذه الديار وما حط رحاله هنا ، وكأن الإسلام ما انبعثت رايته من هنا وما رفرفت وما علت ، وكأن نبيّ الله ما تلا على أهل هذه الديار ثلاثين جزءا ًً من السور .
كأنها الجاهلية الأولى بعثت من جديد وامتدت أزمانها حقبا ً وحقب فانتشرت معالمها على كل الوجوه والصور ، رق في ازدياد وجَوار ٍ تملأ جنبات القصر وعبودية للناس ، للطير ، للشجر ، للحجر .
كيف السبيل إليهم وهم في غيّهم وطغيانهم يعمهون ؟ لا سبيل إليهم .. لا سبيل.. فلن يصلح العطار ما أفسده الدهر .
عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ميساء البشيتي
[frame="10 98"]
جاهلية 2
من أين سأبدأ معهم الحوار وكل الطرق إلى عقولهم مغلقة ، كل السبل إلى أفئدتهم متعرجة ملتفة بكل ألوان اللف والدوران ؟
[/frame]
نحن في القرن الحادي والعشرين، نملك احدث ما توصل له العقل البشري من صناعات تسهل امور حياتنا وتجعلنا نغرف من ترف الرفاهية بلا حساب ، الظاهر للعيان ان كل شئ يرفل في الحداثة والتطور ولكن اذا اقتربنا الى بنو البشر اكثر نرى ان الروح مازالت جاهلية.
اختفت من قاموس صفات البشر الكثير من المعالم الإنسانية ، اصبحنا اكثر تذمراً بالرغم من كل من يحيطنا من رفاهية، اصبح الطريق المستقيم يزعجنا بالرغم من انه الأقصر وصرنا نفضل الطرق الملتوية بالرغم من طولها، اصبح البشر في حالة من انفصام في الشخصية ، يحاولون ان يعيشوا التطور والحضارة ولكن هناك نزعة داخلية تعيدهم الى الوراء.
من الصعب ان نبدأ حوار مع اصناف البشر المتأرجحة ما بين الحضارة والجاهلية فهم ممزقون ما بين قطبين مختلفين.
بوح جميل لا استغربه من المبدعة ميساء البشيتي،
لا تغيبي ميساء ، بغيابك تذبل زهور الياسمين الشقية الغافية على شرفات المنتدى
أديب وقاص ومترجم أدبي ويعمل في هيئة التدريس -عضو الهيئة الإدارية / مشرف عام على المنتديات والأقسام / نائب رئيس رابطة نور الأدب
رد: جاهلية 2
امتدادا لـ"جاهلية 1" ، جاءة هذه الخاطرة الحاملة لرقم 2 لتحمل حملة شعواء على من لا زالت عقليتهم تمت إلى الجاهلية الأولى بصلة .. رغم أن النورالذي بددها لا زال و سيبقى مستمرا خالدا ابد الدهر .. كل مواصفات الجاهلية الأولى تبدو للعيان في الوقت الحاضر .. و قد نلمس بعض العذر لمن عاش تلك الحقبة التي ساد فيها ظلام الجاهلية إذا اعتبرنا أن الوضع كان عاما إلا من رحم ربي و اتبع الحنيفية .. أما و قد تقدمت العلوم و جاءت البراهين والحجج ليسطع النور ويضيء العقول ، ثم نجد الكثيرين غارقين في مستنقع الجهل بجميع أصنافه و الحقد والظلم و الإباحية و غيرها من الرذائل .. فهذا ما يسيء إلى الإنسانية .
خاطرتك ميساء هي صيحة مدوية وبوح صادرعن قلب غيور غلى القيم النبيلة .. و هذا من شيم الأبيات من أمثالك .. شكرا لك ودمت متألقة .
عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سلوى حماد
نحن في القرن الحادي والعشرين، نملك احدث ما توصل له العقل البشري من صناعات تسهل امور حياتنا وتجعلنا نغرف من ترف الرفاهية بلا حساب ، الظاهر للعيان ان كل شئ يرفل في الحداثة والتطور ولكن اذا اقتربنا الى بنو البشر اكثر نرى ان الروح مازالت جاهلية.
اقتباس
عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سلوى حماد
اختفت من قاموس صفات البشر الكثير من المعالم الإنسانية ، اصبحنا اكثر تذمراً بالرغم من كل من يحيطنا من رفاهية، اصبح الطريق المستقيم يزعجنا بالرغم من انه الأقصر وصرنا نفضل الطرق الملتوية بالرغم من طولها، اصبح البشر في حالة من انفصام في الشخصية ، يحاولون ان يعيشوا التطور والحضارة ولكن هناك نزعة داخلية تعيدهم الى الوراء.
من الصعب ان نبدأ حوار مع اصناف البشر المتأرجحة ما بين الحضارة والجاهلية فهم ممزقون ما بين قطبين مختلفين.
بوح جميل لا استغربه من المبدعة ميساء البشيتي،
لا تغيبي ميساء ، بغيابك تذبل زهور الياسمين الشقية الغافية على شرفات المنتدى
بكل الحب،
سلوى حماد
غاليتي استاذة سلوى
تعليقك رائع للغاية وسررت جدا ً به
نعم عزيزتي نحن نلتحف قشور المدنية والحضارة
ولكن في أعماقنا نغرق في مستنقعات الجاهلية
المدنية والحضارة لا تعتري سوى أجسادنا أما عقولنا
فما زالت هي هي من قبل مليون عام لم يعتريها التغيير
ولن يعتريها لأنها متحجرة ، بالتالي نحن نصطدم في كل
خلاف لنا أو حتى نقاش مع كتل من الصخر والحجر فنعود
ونستسلم لما نحن عليه أو نترك المكان إلى غير رجعة
أشكرك غاليتي على هذه القراءة العميقة والمتأنية للنص
وعلى هذه الأضافة الجميلة في التعليق التي أغنت الخاطرة بالتأكيد
الف شكر يا سلوى ولك مني كل الاحترام والتقدير والود .
عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رشيد الميموني
امتدادا لـ"جاهلية 1" ، جاءة هذه الخاطرة الحاملة لرقم 2 لتحمل حملة شعواء على من لا زالت عقليتهم تمت إلى الجاهلية الأولى بصلة .. رغم أن النورالذي بددها لا زال و سيبقى مستمرا خالدا ابد الدهر .. كل مواصفات الجاهلية الأولى تبدو للعيان في الوقت الحاضر .. و قد نلمس بعض العذر لمن عاش تلك الحقبة التي ساد فيها ظلام الجاهلية إذا اعتبرنا أن الوضع كان عاما إلا من رحم ربي و اتبع الحنيفية .. أما و قد تقدمت العلوم و جاءت البراهين والحجج ليسطع النور ويضيء العقول ، ثم نجد الكثيرين غارقين في مستنقع الجهل بجميع أصنافه و الحقد والظلم و الإباحية و غيرها من الرذائل .. فهذا ما يسيء إلى الإنسانية .
خاطرتك ميساء هي صيحة مدوية وبوح صادرعن قلب غيور غلى القيم النبيلة .. و هذا من شيم الأبيات من أمثالك .. شكرا لك ودمت متألقة .
اخي الطيب رشيد
أرأيت يا رشيد ما زلنا نرتع في مستنقعات الجاهلية
نلتحف قشور الحضارة لكن من داخلنا متحجرين
ما زلنا من الداخل في عتمة كبيرة لم يصل النور اليها بعد