لم تستطع 60 عاماً من الغربة والتهجير ان تمحي من ذاكرة ستة ملايين لاجئ فلسطيني او ما يزيد ان تمحوا حلم العودة للوطن. منذ ذلك التاريخ المشئوم في 15 مايو 1948 عندما اعلنت العصابات اليهودية المدعومة من الإحتلال البريطاني عن قيام دولة اسرائيل واستولت على 78% من ارض فلسطين الى ان استولت على كامل الأراضي الفلسطينية بعد نكسة يونيو 1967 وحتى يومنا هذا وبالرغم من كل الضغوطات الرهيبة التى مورست على ابناء الشعب الفلسطيني لم يفقد الفلسطينيين ايمانهم بحقهم التاريخي في ارضهم فلسطين.
يتسائل البعض ، من هو اللاجئ؟
والإجابة هي ان اللاجئ هو كل فلسطيني طرد من أرضه قسراً عام 1948 أو بعد ذلك، او اي فلسطيني كان خارج ارضه ولم يسمح له بالعودة،. وصفة اللاجئ لا تسقط عن صاحبها حتى لو هُجر في بقعة اخرى داخل ذات الوطن الى ان يرجع الى موطنه الأصلي.
يتسائل البعض لماذا هاجر الفلسطينين؟ لماذا تركوا ارضهم؟
واجيبهم بأن الاحداث التى دونها التاريخ كفيلة بالإجابة على السؤال. لقد ارتكبت العصابات الإسرائيلية عدد كبيراً من المجازر يزيد عن 35 مجزرة كان ابرزها مذبحة دير ياسين في 9 ابريل 1948 ـ حيث دمرت القرية بالكامل واستشهد كل ابنائها. واستمرت سلسلة رهيبة من القمع والترويع الذي اجبر 750 الف فلسطيني هم آجداد وأباء الملايين الستة المشردون اليوم في انحاء العالم من 530 مدينة وقرية على ترك اراضيهم والهرب بابنائهم الى الضفة الغربية وقطاع غزة والدول العربية المجاورة وتم الإستيلاء على اراضيهم التى تبلغ مساحتها حوالي 18.6 مليون دونم. ومازال مسلسل الترويع والإرهاب قائم حتى يومنا هذا فمازالت مجزرة جنين عالقة بالأذهان ومازال الدم الطاهر ساخناً على ارصفة الطرقات بغزة.
وتقول التقارير التى لم ينكرها الاسرائيليون انفسهم بأن 89% من القرى الفلسطينية قد هجرت بسبب عمل عسكري مباشر و 10% بسبب إثارة الرعب والحرب النفسية و 1% فقط بسبب قرار أهالي القرية.
فكرة الإستيلاء على فلسطين لم تكن وليدة ذلك التاريخ (15 مايو 1948) بل هي مخطط ابتدأ عندما احتلت بريطانيا فلسطين في بعد هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية وعلى اثره اعلن آرثر بلفور وزير خارجية بريطانيا في ذلك الوقت في الثاني من نوفمبر/ تشرين الثاني سنة 1917 وعده المشؤوم والمسمى بإسمه والذي جاء فيه"إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين ، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية"
وبدأت المؤامرة عندما قامت السلطات البريطانية بإبتزاز المزارعين الذين لم يدركوا ما يحاك في الخفاء حيث فرضت سلطات الإنتداب البريطاني ضرائب باهظة اثقلت كاهلهم واضطرتهم لبيع اجزاء من اراضيهم كان لليهود نصيب الأسد في شراء هذه الأراضي تحت اشراف ودعم بريطاني الى ان استطاعوا ان يتملكوا 8% من ارض فلسطين عام 1948.
وبالرغم من صدور القرار 194 الذي اصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة والذي ينص على حق العودة لجميع اللاجئيين الفلسطينيين كما انه حق منصوص عليه في كل وثائق حقوق الأنسان الدولية، فأن اسرائيل ضربت عرض الحائط بهذا القرار وبكل صلافة و بتأييد امريكي بريطاني مطلق. وطيلة الـ 60 عاماً الماضية قدمت اسرائيل 40 مشروعاً لحل القضية الفلسطينية ، لم يتضمن اي منها حق العودة للاجئيين، كما لم يتطرق اتفاقي السلام مع مصر والأردن الى هذا الموضوع ، وفي الفترة ما بين 1993 وحتى عام 2000 وفي اطار اتفاقات الحكم الذاتي المؤقتة وقعت اسرائيل 13 اتفاقاً مع الفلسطينيين لم يتضمن ايً منها الإعتراف بحق العودة للاجئيين الفلسطينيين، كما ان مفاوضات الحل النهائي متوقفة منذ العام 2000 بسبب رفضهم لتقديم اي تنازل في هذا الصدد؟
يتساءل البعض، لماذا لم يفقد الفلسطينيين الأمل بعد طول هذه المدة والمعاناة والتضحيات المستمرة حتى يومنا هذا؟
بالرغم من الهجرة في جميع بقاع الأرض لم تذوب الهوية الفلسطينية ، وبالرغم من ان معظم اللاجئيين لم يحالفهم الحظ بأن يكحلو اعينهم برؤية الوطن مازال الولاء قائم , ومازال الألاف من اللاجئين وابنائهم يحتفظون بمفاتيح منازلهم التى هجروها كما يحتفظون بنسخ من شهادات الملكية الأصلية لأراضيهم يورثونها لأولادهم جيل بعد جيل كما يورثونهم حب الوطن والولاء له.
ربما تسطيع هذه الطفلة ان تجيب عن السؤال افضل مني
وفي الذكرى الـ 60 للنكبة ، وكالاجئة قضيت عمري كله خارج الوطن فإنني اوجه عدة رسائل:
الرسالة الأولى لكل الفلسطينيين الشرفاء:
عليكم ان تبقوا صامدين حتى لو تكالبت عليكم كل الدنيا فقضيتنا يجب ان تسمو فوق الجراح وان تبقى في وجداننا ما حيينا فبقائها 60 عاماً يؤهلها لمزيد من البقاء.
الرسالة الثانية لكل الدول العربية:
خذوا ادواركم الحقيقية ومارسو عروبتكم وقفوا وقفة رجل واحد لآن الفلسطينيين يحمون بكل شجاعة بوابة الدخول الى باقي الدول العربية.
الرسالة الثالثة الى عصابات الصهاينة:
مهما تفننتم بأساليب القهر والترويع
وعربدتم في الارض والسماء بهمجية
لن تكسرو الإرادة الفلسطينية
ولن تمزقوا الكوفية
وسيبقى ايماننا بحقنا في العودة
محفوراُ في كل خلية
سنرضعه لأطفالنا
ونردده في اشعارنا
وسنسمع صوتنا لكل البشر
ففلسطين لنا
وارضنا هي الهوية
اسألوا التاريخ
اسألو السهل والتل والشجر
بالصدق سينطق الحجر
وستزغرد رصاصات الحق من فوهة البندقية
لن يضيح حق وراءه مطالب
فإيماننا بالله قوي
وبحقنا في العودة وعدالة القضية
سلوى حماد
17/3/2008