استوقفتني صورة المفكر الأستاذ المهدي المنجرة على غلاف كتاب فطلبت من البائع أن
يسمح لي بتصفحه ولم أكن أظن أن شيئا آخر سيسترعي انتباهي وأنا أحاول أن أكون فكرة عن محتوى الكتاب و مضمونه إلى أن وقفت بجانبي تلك المرأة.
مغطاة بالسواد ، ملتحفة السواد مدثرة بالسواد لا يبدو من وجهها إلى عيناها فمكانهما صنعت على الثوب فتحتين لتتمكن من النظر إلى العالم الذي لاشك لا تريده أن يتعرف عليها.
سألت البائع عن عنوان كتاب وردت فيه عبارة الأشهر الحرم و مضت لتتركني أتساءل ،و أنا أدفع ثمن مااشتريت ،عن مغربي الذي أنجب المختار السوسي و علال الفاسي وعبد الكريم الخطابي ...
عن مغرب الجلابة و القفطان و العواشر وحق الجار وكرم الضيافة والأصالة ألم يعد مخزوننا الثقافي يكفينا لاستيراد بدع الغير؟
في المقاهي أو على الشاطئ قد يطل حلق من صرة تكشفها سريدة قصيرة أو طقم سباحة ليفاجئ العيون المغربية وفي المكتبات أو الشوارع قد يطل شبح امرأة تذكرنا بأقتم صور الشادور.
ثوار الموسيقى الجدد كما اصطلح على تسميتهم يغنون للوطن و المواطن و الحقوق لكنك إن خفضت الصوت و نظرت إلى الصورة و الحركة لن تجد إلا تقليدا لحركات مؤديين امريكيين و لن أقول مطربين لأن كلمة طرب تنم عن تناغم و فن وتستلزم مؤهلات و استمرارية.
تمغرابيت حين تمزج بجرعات زائدة من الأمركة تصير نشازا.
كثير من مواطنينا لم يعودوا متتبعين لأخبار بلادهم لأن الصحون على ديارهم تقدم لهم أطباق برامج من بلدان نائية لكنها تروقهم أكثر و تريح مزاجهم بشكل أفضل.
في المغرب كل شي باين المصداقية الإعلامية مشكوك فيها و الفساد الإداري يعيش كالبكتيريا في الخفاء و حين تحدث طامة كبرى كانفجارات الدار البيضاء ستنقلها الفضائيات الأخرى أيضا.
لكن هل هو وضع صحي أن يغيب الإعلام خاصة المرئي و المسموع عن بيوت مواطنيه؛ هل من السليم الإقبال على ثقاقات تدخل من نافذة التلفاز و تناسي موروثنا العريق.
أليست تمغرابيت مهددة بكل ماتحمل من معالم وشهية مواطنينا مفتوحة إما على العولمة وإما على التيارات التي تهب من أراض تفصل بيننا وبينها آلاف الكيلومترات؟؟؟
أتمنى أن يكون إحساسي هذا بالتغيير في غير محله وأن تجد الثقافة المغربية درعا يصونها و يحميها.
Nassira