أقـــــــدار
أقـــــــــــــــدار
تركت مقابلة مانشستر يونايتد وأرسنال في دقائقها الأخيرة والنتيجة لصالح أصحاب الأرض والملعب ، مانشستر الفريق الأحمر برسم نصف نهاية كأس عصبة الأبطال ذهابا ، وأقفلت التلفاز ثم أوصدت باب المحل والساعة تشير إلى الثامنة والنصف مساء .. محاولا إدراك صلاة العشاء في الجماعة ، وأنا في طريق العودة إلى المنزل ..
الجو رائق رغم بعض البرودة المنبعثة من الريح الغربية الخفيفة .. التقيت بجاري في الحي التجاري السيد كريم باللبار الذي يبيع مواد الترييش وغيرها من الإكسسوارات التي تتماشى مع الستائر والوسائد .. وكانت فرصة لي لمواساته والاستفسار عن المرض الذي ألم به والعملية الجراحية التي أجراها لظهره .. لم أسأله عن التفاصيل حتى لا أحرجه .. ربما لا يرضى باطلاعي على ذلك تجنبا للثرثرة التي لا يتقبلها الكثير من الناس .
في سياق الحديث عن الأمراض والاستشفاء ، وجدته مطلعا على نبإ وفاة زميلنا خالد رحمه الله إثر عملية جراحية في الرأس .. خالد هذا ، التقيته يوم الجمعة الماضي في مقهى "الشاط " صباحا حيث نتناول عادة طعام الفطور، وكنت قد لاحظت غيابه عن الحضور إلى المقهى ، وتطرقت معه إلى موضوع غيابه عنا فاشتكى من الزيادات في الأسعار وسوء المعاملة التي يلاقيها من طرف أصحاب المقهى ..
في اليوم الموالي ، دخل علينا و بيده قنينة ماء "سيدي حرازم " كعادته ،لكن حالته لم تكن كما أعهدها .. فكان شحوبه باديا .. وهزاله يدل على تدهور صحته .. سألته عن حالته فأجاب أنه أصيب بنوع من الميكروبات .. سماها لكنني لم أسمع بها من قبل .. قال إن هذا الميكروب تسلل إلى جسده قبل أن ينتقل إلى رأسه ، و أنه سوف يذهب إلى الرباط ليرى ما يجب فعله .. تناولنا الفطور بمعية محمد الصحراوي ، ثم خرج مودعا ، فدعوت له بالشفاء .. لكنه كان آخر لقاء لنا .. بحيث جاءني نبأ وفاته بعد يومين من ذلك اللقاء ..
قال لي كريم :" أنا أيضا التقيته ودعا لي بالشفاء ونصحني بالاعتناء بصحتي .. وهاهو الآن يرقد في دار الخلود .. سبحان الذي يحيي ويميت .." ثم ذكر لي كريم قصة وقعت أمام عينيه وهو في مصحة الهلال الأحمر بطنجة حين أدخل شاب وهو في حالة غيبوبة .. لم يتم التعرف على هويته .. بحثوا في جيوبه فلم يعثروا على وثائق تثبت ذلك سوى أوراق مالية .. وبقي في الإنعاش بجانب صديقي هذا الذي كان يمر بفترة نقاهة بعد العملية التي أجراها .. وفي لحظة من اللحظات نهض كريم متكئا على عصا يتمشى قليلا كما نصحه الطبيب ، فإذا بالشاب الغائب عن الوعي يستفيق و، فما كان من كريم إلا أن أخطر الممرضات اللواتي أتين بسرعة ولم يستطعن الحصول إلا على رقم هاتفي نطق به الشاب ثم عاد إلى غيبوبته .
اتصلوا برقم الهاتف فإذا بالشخص المجيب يرد من أكادير .. وجاء الأب والأخ إلى طنجة لرؤية المريض، وكان اللقاء حارا بعد أن أفاق هذا الأخير من غيبوبته وأخذ يسترد عافيته .. وتمدد الأب إلى جانب ابنه ليستريح من تعب السفر بينما خرج الأخ لقضاء بعض الحاجات في المدينة وشراء الماء المعدني ويوگورت .. وحين عاد ناولهما لأبيه الذي كان ممددا .. لاحظ أنه لا يتنفس .. فناداه .. ثم نادى الممرضات .. لكن ذلك بعد فوات الأوان ..
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|