اللغة وابن جلون !!
[align=justify]
يحار الأديب محمد برادة ويستغرب بل ويستهجن عندما يقوم الأديب الطاهر بن جلون بتصدير مقولة إن اللغة العربية لا تستوعب أو لا تسعف على التعبير الصريح ، وقوله هذا – حسب برادة- يمرره خلال حوار في برنامج تلفزيوني ، حيث يرى بن جلون أن اللغة العربية هي لغة مقدسة أو لغة القرآن وهو ما يعني عدم قدرتها على استيعاب كل ما نريد قوله ، خاصة ما يتعلق بالجسدي !!.. وطبعا يأتي برادة بالأجوبة المقنعة والقائلة بخطأ الطاهر بن جلون وتعسفه في اتهام اللغة العربية ، ويذكره بألف ليلة وليلة والكثير من الأدب العربي الحديث والقديم الذي استطاع أن يوصل كل شيء بدقة متناهية ..
قد يجد الطاهر بن جلون ، وهو يتحدث للغرب ، وللفرنسيين خاصة ، انه من الأجدى أن يمتدح لغتهم والكتابة فيها ، وان يرى أن اللغة الفرنسية تعطيه الفضاء الذي ما استطاعت اللغة العربية أن تعطيه إياه لذلك فهو يفضل أن يكتب باللغة الفرنسية !!..
لا احد ينكر أهمية الطاهر بن جلون ككاتب كبير له الكثير من المعجبين العرب ، وهو إعجاب يستحقه عن جدارة .. لكن ينسى كاتبنا ببساطة أن المشكلة ليست في اللغة العربية، لكنها ببساطة شديدة نابعة منه ومن قدرته المبتورة في التعامل معها .. فاللغة العربية من اشد اللغات قدرة على امتصاص كل جديد وتصدير كل تعبير دون صعوبة .. وحين يصيبها أي عجز أو قصور فهو نتاج تقصير الأدباء والكتاب والمشتغلين باللغة .. إذ ليس من ذنب أي لغة لها عمق وامتداد وتاريخ وأصالة أن يكون أصحابها مقصرين في بعض النواحي .. أما مقولة أو ربط اللغة بالدين ، فتبدو مضحكة وسخيفة ، لأن كل لغات العالم مرتبطة بهذا الشكل أو ذاك بما هو ديني أو مقدس ، ولم يكن ذلك عائقا أمام أي لغة لتقول ما تريد قوله وإلا لنسفنا كل ما كتب من أدب في كل اللغات العالمية ..
بشكل طبيعي جدا تستوعب اللغة ، أي لغة حية وحيوية ، المستوى الديني والدنيوي ولا تضارب أو تعارض في ذلك .. فاللغة مفردات وألفاظ تتحول إلى تراكيب وجمل تطول وتقصر وتتشكل بالصور والاستعارات والخيال ، ولا يقف في وجهها شيء .. وليس من المفيد أو المجدي أن نسلم بأن لغات الآخرين أفضل فقط لقدرة فلان من الناس على الكتابة بشكل فيه عطاء أجمل بلغة هؤلاء الآخرين .. إذ المعنى البسيط والواضح يتبدى في أن هذا الشخص متمرس في اللغة الأخرى أكثر من التمرس بلغته ، وهو شيء خاص به وحده وليس بلغتنا ولا لغة الآخرين .. وعليه أن يقول إنني كفرد استطيع أن اعبر بهذه اللغة أو تلك بشكل أفضل .. ولا داعي لأن نقارن بين الطاهر بن جلون ونجيب محفوظ مثلا ، أو بينه وبين نزار قباني ومحمود درويش وسواهم .. فلكل حضوره، لكن كثر هم الذين يكتبون باللغة العربية وتترجم أعمالهم إلى لغات أخرى منها الفرنسية مثبتة بريقها وتميزها ولمعانها وتفوقها .. فلماذا لم يكتب هؤلاء وسواهم بلغة أخرى إذا كانت العربية غير قادرة على استيعاب إبداعهم الكبير .. ألا يدعو ذلك لسؤال الطاهر بن جلون : أين العيب وفي أي جانب هو القصور والتقصير في اللغة أم عند من يستعملها؟؟!!..
[/align]
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|