على بساط نور الأدب سنطير إلى عـالـم الحكايـا القصص الموجهة للأطفال والنشء + قصص عالمية - تترجمها وتصيغها نصيرة تختوخ ( الحقوق محفوظة للقاص والمترجم وأي نقل دون ذكر المصدر واسم المبدع يستوجب الملاحقة القانونية )
على بساط نور الأدب نواصل الرحلة متنقلين من قارة لقارة ومن بلد لبلد لإكتشاف حكايات جديدة ومن المزرعة الإيرلندية نطير لنحط الرحال في أرمينيا الواقعة في قارة آسيا والتي لها حدود مع تركيا و إيران وآذربيجان. الحكاية الثامنة عشر : الخادم و السيد.
يحكى أن أخوان فقيران عاشا في أرمينيا وأنهما قررا ذات يوم أن يسعيا لتحسين وضعهما.
الأول يسافر ويبحث عن سيد يشتغل عنده كخادم و الثاني يحرس المنزل و يعتني به لحين عودة أخيه.
مضى الأخ الأول يقطع بلدات و مدن إلى أن وجد رجلا ثريا له أرض شاسعة يحتاج إلى خادم واستقر عنده يكد و يجد لكسب قوت يومه وتوفير مايحتاج إليه.
لكن سيده فاجأه بعرض غريب و مغٍر إذ قال له:'مارأيك إن إتفقنا أن من يغضب منا على الآخر يعطيه ألف روبل(الروبل=عملة نقدية).
رد الخادم: لكني إن غضبت لن أستطيع أن أدفع هذا المبلغ فأنا شاب فقير أسعى لكسب رزقي ولست أملك أموالا ولا ممتلكات ثمينة.
رد السيد: هذه ليست مشكلة إن لم تستطع الدفع تعمل مقابل المبلغ عشر سنوات عندي.
فكر الخادم مليًّا وقال في نفسه أن ألف روبل تستحق المجازفة وأنه شاب عاقل و صبور وله قدرة عالية على التحمل فلما لا يقبل العرض.
أعرب للسيد عن قبوله وتم إتفاقهما.
في الصباح الموالي أعطى السيد خادمه منجلا وأمره بحصاد الحقل وما كان على الخادم إلى إطاعة الأمر ومضى يعمل طول اليوم وحين عاد آخر النهار لتناول طعامه و الراحة فوجئ بسيده يقو ل له:"ماالذي أتى بك؟
أجاب الخادم:"أتيت لأرتاح وآكل وأنام!"
فرد السيد:عد لتتم عملك،الليلة منيرة أنظر البدر في السماء؛ لازال بإمكانك العمل!"
بدأ صوت الخادم يتغير وعلامات الإستياء تظهر عليه وقال:'ومتى سآكل وأنام؟؟".
لكن السيد إستفزه ونبهه بقوله:'وكأنني أسمعك وأراك غاضبا وساخطا علي".
تذكر الخادم الإتفاق وقال: لا ،لا، سأنصرف للحقل حالا.
وهكذا مضى الخادم إلى الحقل وواصل العمل حتى بدأ البدر يغيب و الشمس ترسل أشعتها الأولى حينئذ رمى المنجل ناقما قائلا:'اللعنة عليه من سيد لئيم، اللعنة على روبلاته و طعامه".
وماإن أنهى جملته حتى وجد سيده أمامه يقول له أنه بما قاله خسر الإتفاق وأنه مخير بين دفع 1000روبل أو العمل 10سنوات .
بعد أخذ و ردٍّ كتب الخادم إقرارا على نفسه بأنه مدين لسيده ب 1000روبل وعاد إلى بيته لعله يجد حلا لورطته.
بعد وصوله حكى لأخيه ما حدث بالتفصيل فكانت الابتسامة ردة فعل أخيه بالإضافة إلى العبارة:'هوِّن عليك، سنتبادل الأدوار الآن سأعود للخدمة مكانك و ارتح أنت هنا بالبيت و احرسه حتى أعود".
إنطلق الشاب وترك أخوه المديون بالبيت ليحل هو على سيد أخيه السابق و يستمع منه لنفس العرض.
أجاب الشاب:' لو تغير فقط المبلغ من ألف لألفين".
لم يضجر السيد من هذا الإقتراح و قال أن لابأس في ذلك لكن عشر سنوات من الخدمة سيحولها أيضا إلى عشرين إن فقد الخادم أعصابه وأبان عن غضبه وكذلك أن الإتفاق سارٍ حتى يعلن طائر الكوكو عن قدوم الربيع.
عبر الخادم لسيده عن رضاه عن الإتفاق و افترقا حتى صبيحة اليوم الموالي.
إنتظر السيد طويلا ليرى الخادم في الحقل لكنه لم يره فتوجه إلى مخدعه وصاح:'إستيقظ، لم يعد يفصلنا عن الظهيرة إلا وقت قصير وأنت لاتزال نائما!".
رد الخادم:'وكأني أحسك غاضبا مزمجرا سيدي؟!".
أجاب السيد:' لا لا لست غاضبا أردت فقط أن ألفت انتباهك لمسؤولياتك و للوقت وأنه حان الأوان لتشرع في عملك بهمة و نشاطٍ".
أجاب الخادم:'في التأني السلامة ولاداعي للاستعجال سأتوجه للحقل بعد أن أنتعش قليلا".
قام الخادم وغسل وجهه ولبس ملابسه ببطأ شديد والسيد يقاوم رغبته في اخراج غضبه.
وما إن حلت ساعة الغذاء حتى وجده السيد أمامه و هو يقول:'لابأس في تناول وجبة شهية تمنح الطاقة و الحيوية!".
تمالك السيد نفسه و ترك الخادم ينعم بالأكل معه.
بعد أن امتلأ بطن الخادم قال:' بعد وجبة دسِمَة شهيةٍ،نومة لذيذة هنية". وقصد كومة تبن لينام فوقها.
تبعه سيده وقال:' يبدو أنك لا تريد أن تتصرف بشكل سليم ولائق!".
نظر الخادم إليه ورد:'هل هذه عبارة رجل ساخط غاضب؟؟".
استشعر السيد أنه يكاد يقع في مصيدة الإتفاق و تدارك موقفه قائلا:لا أقصد القول أن يوم عملك هذا لم يكن مثمرا ومجديا بما يكفي".
فرد عليه الخادم:' غدا يوم جديد و الأيام تتوالى ويمكن تدارك كل شيء".
وواصل استلقاءه.
في المساء أمر السيد الخادم بأن يختار كبشا و يذبحه لأن جارا سيزورهم.
فسأل الخادم:'أي الخرفان أذبح؟".
رد السيد: إختر أي خروف يعجبك!
وماهي إلا سويعات حتى حضر الجار منذرا و متعجبا قائلا:'أيها الجار العزيز ماالذي يحدث عندك ومابال خادمك يذبح خرفانك تباعا؟".
هرول السيد إلى مكان الخرفان ليشهد المذبحة و يكاد يغمى عليه.
فسأل الخادم ماذا دهاه وماالذي فعله ليجيبه خادمه:'لقد ذبحت الخروف الأول الذي أعجبني، ثم أعجبني واحد آخر وبعدهما رأيت واحدا آخر يبدو مناسبا و هكذا".
وأضاف:'لا أرى سببا يستحق غضبك ياسيدي!".
ماإن سمع السيد كلمة غضب حتى تذكر الإتفاق وكتم غضبه وسخطه مجددا.
توالت الأيام وتمنى السيد لو يحل الربيع بسرعة ليتخلص من الخادم والإتفاق المشؤوم لكن الشتاء طال وطائر الكوكو لم يسمع له صوت.
فقرر أن يحتال وطلب من زوجته ذات الصوت الشادي الجميل أن تختفي في شجرة في الغابة و أن تقلد صوت الطائر حين تسمع صوت خطاه هو والخادم.
دعى السيد الخادم لنزهة في الغابة وماإن مرا بجانب الشجرة حتى بدأت الزوجة بإصدار صوت الطائر.
فقال السيد:'وأخيرا حل الربيع وزارنا طير الكوكو!".
لكن الخادم بحت عن قطعة حطب صلبة ورمى بها أعلى الشجرة فأصاب الزوجة وسقطت المسكينة بشدة.
جن جنون السيد وهو يرى زوجته تتهاوى وخطته تفشل فصرخ: اللعنة ثم اللعنة!
عقب الخادم عليه: أأنت غاضب؟
فزاد السيد غضبا وصراخا ليصيح:'أنا غاضب أجل غاضب جدا، أستشيط غضبا، أعطيك ألفي روبل لكن اختفي من أرضي و دنياي و حياتي !".
هكذا حصل الخادم على المبلغ و تمكن أخوه من أن يسدد دينه و أن ينعما هما الإثنان بألف روبل ويتخلصا من شبح الفقر.
النهاية
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
التعديل الأخير تم بواسطة نصيرة تختوخ ; 01 / 12 / 2010 الساعة 16 : 11 PM.