التسجيل قائمة الأعضاء



 
القدس لنا - سننتصر
عدد مرات النقر : 138,641
عدد  مرات الظهور : 162,993,115

اهداءات نور الأدب

العودة   منتديات نور الأدب > مـرافئ الأدب > قال الراوي > الـقصـة القصيرة وق.ق.ج.
إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 10 / 05 / 2010, 15 : 09 PM   رقم المشاركة : [1]
مسعدالنحلة
كاتب نور أدبي مشارك
 





مسعدالنحلة is on a distinguished road

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: ــــــــــــــــــــ

story2 الثأر الأكبر

الثأر الأكبر





قمت من حفرتي .. رحت أعدو وسط انفجارات الدانات التي كانت تحيطني من كل اتجاه .. أنتقل في وثبات قصيرة .. استطعت الوصول إلى المساعد هريدي .. كانت إصابته خطيرة فوضعت أذني على صدره .. يئن أنات ضعيفة .. لا تكاد تسمع ، استجمعت قوتي وحملته .. كنت أتحرك بصعوبة .. وصلت إلى نقطة الإسعاف الميدانية .. تلقفه مني العاملون بها .. شرعوا في إسعافاتهم الأولية .. تركته وعدت إلى مكاني في الموقع .. دبابات العدو تشتعل فيها النيران .. فشلت في اختراق صفوفنا وتوقفت أمامها .. حين اقتربت منا رأيت الصول هريدي يندفع نحوها .. ألقى على إحداها قنبلة يدوية مضادة للدبابات .. أصابها إصابة مباشرة .. كنت مذهولا وأنا أراه مندفعا نحوها .. بعد أن فجر الدبابة توالت إصابات باقي الدبابات .. كأن القوات قد أصابتها عدوى من الصول هريدي .. فانطلقت المقذوفات المضادة للدبابات من كافة الأعيرة .. انطلقت من كل صوب وحدب .. كأنها حجارة من سجيل .. لم تستطع دبابات العدو الفرار من هذا الأتون الملتهب .. أصيبت جميعها وهي تحاول الهروب .. لا أدرى لماذا أسرعت لنجدة الصول هريدي .. وأنا بالذات .. كنت أتحين الفرصة لقتله .. نعم لقتله .. لقد قضيت عمري كله لا هدف لي إلا قتله .. لم أكن أعرفه .. ولا أعرف شكله .. كل ما كنت أعرفه عنه هو إسمه .. فمنذ أن مات أبي وأنا في الثالثة من عمري وأمي تعدُّني للأخذ بالثأر من قاتل أبي ورفضت تقبل العزاء .. أرجأته لحين الأخذ بثأره .. احتفظت بالبندقية الخرطوش في دولابها .. بين طيات ملابسها بعد أن غطتها ولفتها جيدا بالأقمشة انتظارا ليوم الثأر المنتظر .. لقد أرضعتني أمي منذ نعومة أظفاري الرغبة في الثأر .. أوغرت في صدري الغل .. دفنته في قلبي الصغير .. كانت دائما تذكرني بهذا الواجب المقدس في نظرها .. كبرت واشتد عودي .. وكبر معي رغبتي السوداء .. لم يكن بيني وبين أمي حديثا غير الثأر ودم أبي الذي لم يبرد بعد .. وينتظر مني أن أريحه في قبره وفي رقدته القلقة .. كلما شعرت أمي .. أو ظنت .. أن النار قد خمدت في أعماقي تقوم بإزكائها ، وشعللتها بدون كلل أو وهن .. كنت أقوم بزراعة الأربعة أفدنه التي تركها أبي .. قالت لي أمي يوما
( آن أوان الثأر يا ولدي ) .. أخرجت البندقية الخرطوشة من مكمنها .. ألقتها في يدي بعنف ، والشرر يتطاير من عينيها في إصرار وتصميم .. لم أكن أعرف قاتل أبي .. لم تقل لي أمي سوى أن اسمه هريدي .. زودتني ببعض المؤن والنقود التي كانت تدخرها لهذا اليوم .. رحت أسأل الأهل والجيران ، علمت منهم أنه هرب من بر الصعيد كله .. وأنه توجه إلى بحري وربما يكون في محافظة الشرقية .. استقليت القطار في رحلتي إلى عالم المجهول .. لأبحث عن المدعو هريدي .. كنت كمن يبحث عن إبرة في كوم قش .. وصلت إلى محافظة الشرقية .. لم أكن أدري ماذا أفعل .. كانت البلاد في حالة من الهياج الشديد ، يقولون أنها الحرب على الأبواب والعدو على الحدود .. لم يكن يهمني كل هذا .. كان همي الوحيد هو العثور على هريدي لأقضي عليه .. وأقتله .. وأعود إلى بلدي لأزف الخبر .. ونقيم العزاء لأبي .. وتتحرر أمي من السواد الذي ظل يلازمها عشرون عاما .
كنت أتحرك في كل مكان أحمل الخرطوشة .. لا أتخلى عنها أبدا .. نصحني بعض الذين سألتهم أن أبدأ بحثي بعمال التراحيل من أبناء الوجه القبلي .. وجدتهم على قناطر تسعة بمدينة الزقازيق في مكان تجمعهم الصباحي قبل أن ينتشروا مع مقاولي الأنفار .. لم يفدني أحد فهم لا يعرفون هريدي الذي جئت أسأل عنه ، لم يكن هناك سوى هريدي واحد في العشرين من عمره .. همت على وجهي .. كنت أتحرك طوال اليوم .. وأنام في الحدائق العامة ليلا .. بدأ اليأس ينتابني .. تبخرت كل نقودي .. كان على أن أدبر مأكلي .. لأستطيع العيش لأتمكن من تحقيق هدفي الذي جئت من اجله .. عرضت البندقية الخرطوشة للبيع .. شك في صاحب محل الأسلحة .. فبعد فترة وجيزة كان رجال البوليس فوق رأسي .. اقتادوني في القيد الحديدي .. لم يصلوا معي إلى شيء .. أخفيت عنهم السبب الحقيقي لوجودي .. إدعيت أني أبحث عن عمل .. قاموا بترحيلي إلى مناطق التجنيد .. تم شحننا بالملابس المدنية في لواري إلى سيناء .. قالوا إنها الحرب مع إسرائيل .. ساقونا إلى الصحراء كقطعان الغنم .. لم نلقن بمهمة محددة .. لبسنا ملابس الميدان فور وصولنا إلى المواقع .. ولم نلبث أن وجدنا أنفسنا تائهين في صحراء سيناء بلا دليل أو مرشد .. تلاحقنا طائرات العدو ، وتطاردنا دباباته .. رأينا أهوالا أثناء الانسحاب .. نجحت مع بعض الجنود الوصول لقناة السويس .. أعيد تجميعنا مرة أخرى غرب القناة .. كلفنا باحتلال مواقع دفاعية على الضفة الغربية للقناة .. خضنا معارك الاستنزاف .. كنا نقاتل ونتدرب في نفس الوقت .. استغرق تدريبنا ست سنوات كاملة .. استوعبت فيها دروسا .. واكتسبت مهارات .. وتولد في نفسي ثأر كبير من العدو .. ولكن لم ينسني ثأر هريدي .. ويشاء القدر أن ألتقي به صدفة .. أثناء وجودي في المنطقة الخلفية ضمن مندوبي صرف التعيين للوحدة من مستودع التعيينات .. لم يعرفني .. ولكني عرفته ، عرفته من مجرد إسمه .. لم يهدأ بالي إلا بعد أن عرفت مسقط رأسه .. وتأكدت منه .. ومنذ هذا التاريخ وأنا أتحين الفرصة لاصطياده .. كان يجب ألا أضبط متلبسا بقتله .. فأعدم .. ولا يصل خبر قتله إلى بلدتي في الصعيد .. ولا يقام عزاء لأبي ، ولا تخلع أمي السواد .. كنت أتمنى أن أنفرد به وحده .. كنت دائما أحاول أن أكون ضمن طاقم مندوبي صرف التعيين حتى يظل قريبا من ناظري .
بدأ القتال يوم 6 أكتوبر 1973 .. أصر الصول هريدي أن يكون في الصفوف الأولى .. وجها لوجه مع العدو .. سألته ..
ــ لماذا تصر على ذلك ؟ .. وهناك من يتمني أن يكون في المناطق الخلفية بعيدا عن النيران المباشرة والطلقات ؟ ..
أجابني بحماس وقد لمعت عيناه ..
ــ إنه ثأر مع اليهود منذ هزيمة 67 .. لقد قتلوا رجالنا ، ونساءنا ، وأطفالنا .. واحتلوا أرضنا .. كيف أتركهم إلى المناطق الخلفية بعيدا عنهم .. إنني في الصفوف الأمامية أزود عن زوجتي وأولادي ..
شعرت بالخجل وأنا أسمعه .. أحسست أن أمامي ثأرا أكبر ، وأنا أبحث عن ثأر هزيل صنعناه بأيدينا .. تذكرت أن أبي حين قتل كان أيضا وفاءا لثأر هزيل آخر .
حانت لي أكثر من فرصة لقتل الصول هريدي وهو يتحرك من مكان لآخر في خفة الفهد .. وعزة الأسد .. كانت طلقة واحدة كفيلة بتحقيق الهدف الذي عشت طويلا أسعى إليه .. كانت الفرصة متاحة وسط هذا الكم الهائل من الشظايا والطلقات المتبادلة مع العدو .. ولن يشعر أحد .. ولكني تراجعت .. جبنت .. لا خوفا ، ولكن خجلا .. أحسست أنني سأصبح خائنا .. أقاتل ضمن صفوف العدو .. أقتل من يحاول الزود عن أرضي وأمي وأهلي .. شاهدت جندي العدو فوق برج الدبابة .. يصوب رشاشة نحو الصول هريدي .. لم أشعر بنفسي وأنا أحول ماسورة بندقيتي في اتجاه الجندي وأطلق النار لأرديه قتيلا .. لقد أنقذت الصول هريدي الذي ظل مندفعا نحو دبابة العدو .. تمكن من إصابنها بقنبلته اليدوية المضادة للدبابات .. ولكن حاصرته الشظايا فأصيب .
مع أول أجازة لي بعد انتهاء القتال حرصت على زيارة الصول هريدي بالمستشفى العسكري للاطمئنان عليه .

ــــــــــــــــــــــ

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
توقيع مسعدالنحلة
 
ـــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


مسعدالنحلة غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 24 / 10 / 2010, 01 : 04 PM   رقم المشاركة : [2]
نصيرة تختوخ
أديبة ومترجمة / مدرسة رياضيات

 الصورة الرمزية نصيرة تختوخ
 





نصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond repute

رد: الثأر الأكبر

صدقت أستاذ مسعد الهواجس الشخصية تندحر أمام هواجس الأمة وقضاياها، الثأر و الانتقام اللذان يأتي ذكرهما مرتبطين بالصعيد المصري و لاشك من العادات المخالفة للشرع و للقيم الحضارية فالعدالة و القضاء كفيلان بحل النزاعات و معاقبة المجرمين كما أن الله لا يغفل ولكل مذنب جزاءه.
لك تحيتي و تقديري
نصيرة تختوخ غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 25 / 10 / 2010, 24 : 01 PM   رقم المشاركة : [3]
زاهية بنت البحر
الإعلامية والأديبة مريم يمق / شاعرة وقاصة وأديبة وإعلامية، مشرفة سابقاً عضو الرابطة العالمية لشعراء نور الأدب
 




زاهية بنت البحر has a reputation beyond reputeزاهية بنت البحر has a reputation beyond reputeزاهية بنت البحر has a reputation beyond reputeزاهية بنت البحر has a reputation beyond reputeزاهية بنت البحر has a reputation beyond reputeزاهية بنت البحر has a reputation beyond reputeزاهية بنت البحر has a reputation beyond reputeزاهية بنت البحر has a reputation beyond reputeزاهية بنت البحر has a reputation beyond reputeزاهية بنت البحر has a reputation beyond reputeزاهية بنت البحر has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: سورية

رد: الثأر الأكبر

قصة جميلة جدا هادفة جدا، تبًا للثأر ما أظلمه وما أقساه على الناس، داء قاتل يصعب استئصاله إلا بالوعي وتقديم المصلحة العامة على الخاصة كما حصل هنا، استطعت بأسلوبك المشوق أخي المكرم أستاذ مسعد أن تشدني حتى الحرف الأخير، أكره الثأر وقدمتُ مجموعة من القصص القصيرة والطويلة بهذا الشأن منها مااستوحيته من الصعيد المصري ومنها من أماكن أخرى( الثأر- يمين طلاق- الغبي، جنون الحب) وغيرها.
بارك ربي فيك ورعاك
أختك
زاهية بنت البحر
توقيع زاهية بنت البحر
 

http://rasoulallah.net/muhammad/inde...d=1&quest_id=9
[flash=http://andalali.jeeran.com/bannns.swf]WIDTH=460 HEIGHT=80[/flash]
زاهية بنت البحر غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 26 / 10 / 2010, 00 : 08 PM   رقم المشاركة : [4]
نعيم الأسيوطي
رئيس قسم الأدب المسرحي في نور الأدب - عضو اتحاد كتاب مصر- عضو نادي القصة بأسيوط
 





نعيم الأسيوطي is on a distinguished road

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: مصر

رد: الثأر الأكبر

أخي الكريم / مسعد


تحية حب وتقدير


حقا الثارالأكبر هو التخلص من العدو الغاشم ..


أما الثار الأسود فهو مرتبط بالعقل والقلوب المتحجرة ..


وصدقني يا صديقي رغم التقدم العلمي والتكنولوجي وارتفاع نسبة التعليم وانتشار وسائل الأعلام ( صحف .. راديو .. تليفزيون ) وصحافه إلا أن الفكر لم يتغير.. من ثلاثة أيام تم ذبح شاب قبل ليلة زفافه بأيام قليله وحوادث أخري ..


لدينا في الصعيد السلاح قبل الطعام..


الثار الأسود أصبح مثل الهواء نتنفس مرارته دائما


.. لا أمل يا صديقي ..

لقد جاء نصك معبرا ومحاكيا للواقع من حيث تناول فكرة الثأر ودور الأم في تحريض الابن والبحث عن هريدي والنقلات الزمنية للحدث المناسبة لروح النص وأعجبتني لحظة التحول عندما قتل الابن عدوه الاكبر مدافعا عن هريدي عدوه الاصغر ليتنا ندرك قيمة هذه المشاعر النبيلة في العائلة الواحدة ..
مودتي وتقديري
نعيم الأسيوطي غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ما لا تعرفه عن التمر.... الصادق عبد المالك علم التغذية وقاموس الفيتامينات والحمية 2 16 / 10 / 2012 03 : 02 AM
معلومات عجيبة عن التمر ناهد شما علم التغذية وقاموس الفيتامينات والحمية 8 28 / 03 / 2011 44 : 10 PM
التمر المحشي باللوز على الطريقة المغربية وفاء النجار وصفات الطعام العربية والعالمية 2 24 / 03 / 2008 09 : 04 AM


الساعة الآن 03 : 08 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية

خدمة Rss ||  خدمة Rss2 || أرشيف المنتدى "خريطة المنتدى" || خريطة المنتدى للمواضيع || أقسام المنتدى

|