المدمر!
The Terminator
بقلم علاء زايد فارس
[align=justify]
نزل من الفضاء في مهمةٍ من العيار الثقيل، مفادها أن يغتال حلم الأرض والإنسان في التخلص من العبودية وبراثن الذل، ولكي يحقق ذلك عليه أن يغتال امرأةً قدر لها أن تحمل في بطنها هذا الحلم قبل أن يغدو واقعاً في المستقبل القريب!
لذلك طاردت هذه الآلة الكهروميكانوحيوية هذه المرأة بكل ضراوة، ومن حسن حظها أنها وجدت من يدافع عنها أيضاً بكل ضراوة ضد هذا المسخ اللعين؛ رجلٌ غيورٌ على مستقبل الأرض والإنسان يعرف جيداً قيمة ذاك الكائن الذي يقطن في رحم هذه المرأة، لذلك فهو على أتم الاستعداد للتنازل عن حقه في الحياة من أجله كي يمنح الحياة للآخرين.
كان القتال شرساً رغم عدم التكافؤ في القدرات، قتل المئات من البشر، أصيب الوحش في عينيه وذراعه ولم يردعه ذلك عن الاستمرار في مطاردة تلك المرأة بلا هوادة، حدث له حادث مزق وجهه فانكشف جزء من جمجمته المعدنية ورغم ذلك استمر في مطاردة هذه المرأة دون كلل أو ملل، حدث انفجار كبير ابتلعه في لهيبه وظنت المرأة وظننا نحن – المشاهدون- أن أمره قد انتهى بلا رجعة، لكنه عاد بلا جلد وقد بدا هيكلاً معدنياً أسوداً مخيفاً أكثر من ذي قبل، وهكذا وفي كل مرةٍ تظن المرأة أن المدمر قد قتل وتلاشى، يعود المدمر بشكل جديد ومخيف أكثر من ذي قبل!
اضطر صديق هذه المرأة أن ينهي هذه المعركة بأقل الخسائر الممكنة وأن يحقن دماء البشر ويحمي مستقبلهم على هذه الأرض، فقام بعملية فدائية ببعض أصابع الديناميت كلفته حياته، فانفجر ذلك الشيء وتطايرت أشلاؤه المعدنية، تنفست المرأة الصعداء وشاركناها ذات الشعور ظناً منا أن المدمر قد أصبح جزءاً من الماضي!
ولكن هيهات!
فقد عاد فجأةً إليها يزحف بنصفه العلوي فقط، وأحكم الخناق عليها في إحدى زوايا ذلك المبنى الصناعي الكبير الذي لجئت إليه لتختفي بين تضاريس آلاته الكبيرة وضجيجها المزعج الذي يشتت التركيز والانتباه.
مد يديه إلى رقبتها النحيلة المنهكة، وبينما كانت عيناه الحمراويتان تعكسان رغبةً عارمةً في الانتقام، أخذ يخنقها بكلتا يديه المعدنيتين التي لا تعرف معناً للرحمة والشفقة.
استجمعت ما تبقى من قواها قبل أن تلفظ أنفاسها الأخيرة وضغطت على أحد الأزرار بجوارها، فسقط - لحسن حظها - مكبس معدني عملاق على ما تبقى من جسده وأخذ يطحنه بكل قوة وهو يتحطم تحته، ورغم ذلك لا زالت يداه تحاولان إنجاز المهمة حتى آخر رمق!
استمر المكبس يطحنه طحناً حتى توقفت يداه فجأةً وانطفأت عيناه، تنفسنا الصعداء حينما شاهدنا ابتسامةً منهكةً ترتسم على وجه هذه المرأة المسكينة التي نجت بأعجوبةٍ ونجا معها الحلم الغض الذي يقطن أحشاءها!
لقد انتهى أخيراً أمر هذا المدمر، ذهب بلا رجعةٍ بعد أن أباد بعناده مئات البشر ودمر الحجر والشجر دون أن يحقق الهدف المشين الذي جاء من أجله، فكلما ازدادت قسوة الظالم ازداد مشهد نهايته قسوة، وهذا الوعد الصادق الذي لا يخلفه التاريخ أبداً!
[/align]
م.علاء زايد فارس
7/12/2011م( مقتبسة من فيلم المدمر الجزء الأول)