التسجيل قائمة الأعضاء



 
القدس لنا - سننتصر
عدد مرات النقر : 144,238
عدد  مرات الظهور : 172,872,823

اهداءات نور الأدب

العودة   منتديات نور الأدب > مـرافئ الأدب > جداول وينابيع > الخاطـرة
الخاطـرة فيض الخاطر

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 06 / 11 / 2025, 13 : 08 PM   رقم المشاركة : [1]
د. نوال بكيز
دكتوراة في الأدب الشعبي ، مهتمة بالأدب الشعبي ، التراث المكناسي ( الظاهرة العيساوية - الأمثال الشعبية )
 




د. نوال بكيز is on a distinguished road

على ضفاف وادي بوفكران د. نوال بكيز

مضت أيام على لقائنا... ولازلت اعيش على دفء اللحظة، وفي عيني دمعة.
في مقهى على ضفاف وادي بوفكران، التقيت و صديقتي بعد غياب كاد يسرق منا ملامح الأيام.
التقينا بعد غياب طال كالفصول.
و كأن الزمن عاد بنا إلى لحظة نسيها العمر في زحمة السوابق الخاليات.
هكذا كان لقاؤنا على ضفاف الوادي، حيث يتنفس المكان خضرة، ماء و حياة.
حيث الاشجار تبدو باسقة، كظل طال انتظاره.
و الماء يهمس على مهل بأغنية اللقاء.
و الهواء العليل كابتسامة تولد من جديد.
و رائحة الشواء تفوح من بعيد، تمتزج بنسمات باردة تداعب الخدود و لسان حالنا يقول :"اخيرا تحقق اللقاء، الذي ضربنا له موعدا منذ زمن بعيد".
" اخيرا تحقق الغذاء، الذي كان افتراضيا، على رائحة الشواء و العد العكسي، ليصبح هذه المرة واقعيا، على توقيعات الاذان يملأ ارجاء المكان، طمانينة و امان.
هكذا كان لقاؤنا الاخير على ضفاف موقع ينبض بالحياة.
بين الاشجار و الماء و الهواء، تبادلنا الحكايات، كما يتبادل الورد عطره مع نسيم لطيف، ضحكنا، صمتنا، ثم غيرنا الحديث من جديد، فالغينا المسافات و تذكرنا الأمنيات.
لقمة هنية تقاسمناها، موضوعها شواء و كأس شاي و خبز "تافرنوت".
كانت صديقتي كريمة، كظل غيمة، في ظهيرة حارة.
و بقلب من ذهب، قدمت لي هدية تشبهها. انيقة ، جميلة، حملت في طياتها عمرا من الحنين و الاهتمام.
فذكرتها بخجل، ان لقائي بها كان اجمل هدية.
اهدتني صديقتي ايضا، باقة متنوعة من الفواكه. لعل اغربها واحبها إلى نفسي، حبات "الفراولة الجبلية"، فهذه الأخيرة لم اتذوقها مذ كنت طفلة.
و بقلب من ذهب، قشرت لي تفاحة و حبة كاكي بيدها السخية. فاختلطت علي مشاعر كثيرة، لم تستطع كلماتي ان تعبرها، ففاضت من عيني دمعة.
كان كل شيء يقطر رقة وجمالا، الاشجار تهمس بحديثنا، و الماء يعكس بسماتنا، و الشمس تراقبنا من بين الاغصان، تجبرنا على التنقل بين الظلال، كطفلتين هاربتين من دفء لذيذ، و الهواء يرقص حولنا بنعومة تشبه العناق، وكأن المكان يعرفنا ، ينتظر عودتنا.
بعد الغذاء، و لاول مرة، و على خلاف العادة، لم نفكر ان نكمل بقية اليوم في مكاننا المعتاد، لشرب الحليب باللويزة مع قطعة حلوى شهية، لعلها رغبة خفية في ان نمحو من ذاكرتنا حادثة عكرت صفو اخر لقاء.
كانت صديقتي جوادة في هذا اليوم. فتذكرت قول أبي تمام "هو البحر من اي النواحي اتيته، فلجته المعروف، و الجود ساحله"..
بعد صلاة العصر، تحولنا إلى مكان آخر من ضفة نفس الوادي، لنحتسي كأس شاي يعبق برائحة النعناع الزكية، مع حلوى "كعب الغزال و غريبة بالكوك و الكركاع" - لااخفيكم ايها الأعزاء هي فعلا حلوى لذيذة - صمتنا قليلا، لنستمع الى نغمات تدفق الفوارة، لنتامل الجمال من حولنا، تشيعه الأضواء الناعمة على صفحة الماء.
كان المنظر مهيبا وفي غاية الروعة. وزاده جمالا محيا صديقتي المضيء، - يبدو ان صحتها تحسنت واستعادت عافيتها عن آخر مرة - وجلبابها الكناري الانيق، و منديل راسها المزركش بالالوان البهية، وكأن الفصل ربيع.
ثم جاء الناذل بالحليب المرشوش بالقهوة الكريمية، ففاح عبيرها بيننا، فامتزجت حرارتها بحرارة الزمن الذي توقف لحظة، احتراما لصداقة لم تحتج إلى وعود كثيرة .فقد تكفل الصدق بحراستها فغدت سرمدية.
يبدو جليا ان صديقتي أرادت ان لاينقصنا شيء.
كان لقاء بنكهة مغربية: غذاء، كاس شاي مع حلوى شهية، واخيرا فنجال حليب مرشوش بقلب من القهوة الكريمية، مع "كرواصة فلورنسية" .
ومرة اخرى، تحدثنا طويلا، ضحكنا، سكتنا، ثم عادت الكلمات لتزهر من جديد، كما تزهر الأرض بعد المطر.
و عندما افترقنا، كان الوداع خفيفا، كنسمة عابرة، لكن في قلوبنا وعد سري بالعودة.
افترقنا و عيوننا تعلم أن هذا اللقاء سيظل يسكننا طويلا، كلما سمعنا صوت الاذان، كلما هبت نسمة عليلة، او مر بنا عطر شواء، او نكهة شاي بالنعناع، او مذاق حليب مرشوش بقلب من ذهب.
ففي ظل الشجر، وبحضور النسيم و الماء، غسلت بحديثك أيتها الغالية، تعب السنين الطويلة، و بكفك التي قشرت لي التفاح، ازلت عن قلبي وحشة الغياب.
هذه التفاصيل، ستظل عالقة في الحافظة، لتذكرني ان لي وطنا اسكنه، كلما شعرت بالتيه في عالم الدنيا الفانية. و دمت لي يا صديقتي وفية.

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
د. نوال بكيز غير متصل   رد مع اقتباس
قديم اليوم, 08 : 01 PM   رقم المشاركة : [2]
خولة السعيد
مشرفة / ماستر أدب عربي. أستادة لغة عربية / مهتمة بالنص الأدبي


 الصورة الرمزية خولة السعيد
 





خولة السعيد will become famous soon enough

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: على ضفاف وادي بوفكران د. نوال بكيز

ما أجمل اللقاء بعد طول فراق والقلب مازال يحتفظ بحبه والذكريات!
وما أجمل الصداقة حين تزهر ورود محبات!
فرحتك بلقاء صديقتك ارتسمت في حروفك، فشكرا على مشاركتنا هذه الفرحة
خولة السعيد غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
اللقاء،الغياب،الدفء،الظلال،الحنين،الاهتمام، الخضرة،الماء، الهواء ..


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 20 : 09 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية

خدمة Rss ||  خدمة Rss2 || أرشيف المنتدى "خريطة المنتدى" || خريطة المنتدى للمواضيع || أقسام المنتدى

|