[نهال عبد الله]

[align=CENTER][table1="width:95%;background-image:url('http://www.nooreladab.com/vb/mwaextraedit2/backgrounds/24.gif');background-color:darkred;border:4px groove green;"][cell="filter:;"][align=justify]
أنا أهواك ما عادت حدود العشق تكفيني ...
فكوني فوق ما في العشق من عشق ..
وكوني فوق ما في الحبّ من حب ..
وكوني فوق ما في الوجد من وجد ..
وكوني لحظتي مطري هبوب العمر أغنيتي ..
وكوني كلّ أقداري ...
هكذا الشاعر طلعت سقيرق ، سفر مقصود لعالم حالم يتقاطع مع / يوهان غوته / بمشكلات العصر من خلال أحاسيسهما ، لقد عالج غوته قضايا عصره كلها في عصر الأنوار وأيامه ولياليه الرومانتيكية من خلال الدم المتدفق من أوردة قلبه وشرايينه ، من قيمه وتأملاته وطموحاته، أفاقه التي يجب أن يخترقها الإنسان الغربي حين ذاك ، وغوته استخدم جميع الأجناس الأدبية للتعبير عن فكره حتى فاض الكيل عنده ، إنه يتقاطع مع شاعرنا العربي طلعت سقيرق في تعاطيه لجميع الفنون الأدبية من شعر ورواية وقصة ودراسات أدبية ، وكما هو الإبداع لا يمكن أن يتجزأ عند جميع المبدعين في العالم ..
الشاعر طلعت سقيرق فيضيّ في الحب والوجد والشوق للآخر الذي يناجيه .. وأشعر أنه على علاقة وثيقة وطيبة بابن الفارض ومحي الدين بن عربي والسهروردي ، يقول السهروردي :
أبدا تحن إليكم الأرواح ُ
ووصالكم ريحانها والراحُ
وقلوب أهل ودادكم تشتاقكمْ
وإلى لذيذ لقائكم ترتاحُ
وا رحمة ً للعاشقين تكلفوا
ستر المحبة والهوى فضّاح
عودوا بنور الوصل من غسق الجفا
فالهجر ليل والوصال صباحُ
ويقول طلعت سقيرق :
أحبك أبدأ البركان والطوفان أدخلُ شهقة الأشعار في جسدي وأغرق في بحار الوجد مأخوذا تعلقني يداكِ على سياج الروح لا أدري سواكِ سواي في حقل الهوى شجرا ....
ويقول في مكان آخر من القصيدة الصوفية :
هواك وأنت في قلبي وفي دربي وفي ضلعي وفي همسي وفي لمسي أدور وأنت في رأسي أراك وأنت في بصري ألامس جسمك الريحان في جسمي ....
إنه توحد الشاعر مع روح الحبيب وقد يكون اختار هذا التوحد من مشكلات الحياة ونتيجة واقع يعيشه الشاعر بعيدا عن بيئته ووطنه الذي لا بديل عنه :
الأرض والشعب الحجارة والدمُ
شمسٌ فلسطينية لا تهزم ُ
شدوا على خيل الصباح فأورقتْ
في القلب للنصر القريب الأنجمُ
كمْ من صرخة إنّ البلاد حبيسةٌ
في القيد من أوجاعها تتألم ُ
الله وأكبرُ والنفوس أبية ٌ
شعب إلى عليائه يتقدم ُ
يبدو أن الشاعر سقيرق يتفاءل بالعودة إلى الديار الفلسطينية بهمة الأبناء والرجال أحفاد خالد بن الوليد وأبطال الحجارة شهداء القضية والوطن الذين أشعلوا من دمائهم قناديل مضيئة للوطن ومناهج عملية للوصول إلى الهدف الأسمى ألا وهو الحرية ..
الشاعر طلعت سقيرق يعترف أنه ممتلئ بالحب حتى التخمة ويفيض كالسيل الجارف :
أفيض من الوجد شعرا وغيما وعشقا لأنك يا عمر عمري تحطين في قلب قلبي أخاف إذا ما ذكرتك للغيم أن يتطاير نحوك عشقا ....
هذه حالة الشاعر الكيميائية يتوحد عنده الفكر مع الانفعال و تلون ريشته الكنعانية جدار العصر ثم ترسم عشرين قمرا للوطن الفلسطيني الذي يستوطن أغنياته المحكية الشعرية و يغفو و ينام بعض من أقماره على أريكة عشقه المسورة بحدود الأمل الصعب التمني لكل أنثى أن تسرج صهوة الروح و تعود إلى وطن الانتماء و لو كان ذلك حلما يقول في "هذا الحنين إلى الوطن":
لا يشرب العصفور
من كف الغريبْ
وتذوب حيفا مرتين ولا تغيبْ
عن بحة الناي البعيد
يحنّ للبلد الحبيبْ
خذني إلى ماء المطر
و اغسل ضلوعي بابتهالات الشجرْ
يا قلب يا جوع القوافي للطريقْ
وجهي يطالعه الحنينُ إلى الوطنْ
ويقول في قصيدة أخرى:
حملوا على أكتافهم أشواق أبواب المخيم
ومضوا الى دمهم و ما نام المخيم
يا أيها الشهداء ما غاب الوطن
خذني إلى ضلع النهار
وزع دمائي فوق خارطة البلد
في كل أشجار البلد
الشاعر مسكون حتى النخاع بحب الوطن و الأرض و من يعشق الوطن و الأرض يعشق المرأة و الشجرة و الطير و الحياة ..الحب لا يتجزأ في قلوب الناس لكنه عند المحبين يتسع لكل العالم و هو النبل و الإخلاص في كل جسد حي ...
القصيدة الصوفية عند الشاعر طلعت وحدة متكاملة محكمة الارتباط و التلاحم بنسيج لغوي شفاف ينقلك إلى عوالم الروح و صفاء الحياة و مع هذا النسيج الشعري الملحمي يكفيك أن تقرأ من قصيدته الصوفية أو أي ديوان آخر لديه صفحة أو صفحتين و تعرف من خلال ألفاظه ولغته المميزة أنه الشاعر طلعت سقيرق.. و يكفيه التميز بالوجد في زمن قل وشح فيه التميز،إلا من المراءاة و المواراة و النفاق و أصابت هذه العدوى أكثرية الشعراء للأسف لذلك و أنت تقرأ قصائد طلعت سقيرق لا بد و أن تشعر بالمتعة و الارتقاء و كما هو معروف أن الشعر بوجه خاص يجب أن يوصلك لفضاء الجمال و المتعة وإلا ليس هذا بشعر..
لذلك كانت قصيدة الشاعر طلعت انفتاح واسع على عالم الوجد و الروح بهمة ملتهبة أمام هذا المد الكبير من شقاء الإنسان و صراعه مع العالم من أجل الاستمرار و البقاء ..
إن عبقرية الإنسان و إحساسه قادرة على خلق قصيدة متوازنة من أهدافه و مشاعره و التفرد بالشعر يكون في أكثر الأحيان من منظومة اللغة و الكلمات المنتقاة من معجم ثقافة الشاعر و صياغتها بأسلوب شيق وممتع و أخاذ إن أكثر الحقائق التاريخية تندرج في معاني الشعر و آفاقه لذلك كان الشعر من أهم النشاط المعرفي عبر التاريخ و العصور و لقد لمح أفلاطون إلى ذلك عندما قال :إن الشاعر الهي الإلهام و مأخوذ، و بأن الآلهة اختارته لإدراك أسمى الحقائق بالحدس..
يقول الشاعر طلعت سقيرق في في بداية قصيدته الصوفية المجموعة بين دفتي غلاف جميل بالصورة و المضمون يخاطب من وجد نفسه فيها و من كانت بالنسبة إليه المطر و الورد و الشجر:
أحبك فوق ما في الحب من حب و أسرد كل تاريخي و موالي و أحوالي على درب ارتعاش اللوز في أفياء أغنيتي و في أنواء ما في القلب من بلح أعيد إليك أسرار انتباه المشط في شعر الحقول في شعر الفصول السبع من صيف إلى سيف...
إلى أن يقول في الصفحة الواحدة و الستون على أوتار حبه ومن فوق أسوار عشقه:
أحبك فوق ما في الحب من حب ولا يكفي أحبك فوق ما في اللحن من مد و من عزف و مهما طالت الأشجار أشعارا فلا يكفي ولا يكفي
صوفية جلية وواضحة عند الشاعر سقيرق يكاد يتوحد مع الحبيب و يوشك أن يقول كما قال ابن الفارض
أنا من أهوى و من أهوى أنا
نحن روحان حللنا بدنا
و لا شك أن رحابة الحياة و اتساعها و فيضها بكل شيء ثم تغير الطقوس و الظروف و القيم و المبادئ و ذكاء الإنسان و موهبته فيها أكبر و أوسع من أن تقيد بقوالب شعرية مسكوبة و جاهزة و مرصوفة لذلك كان الشاعر سقيرق حرا في أشكاله و وأوزانه و أكثر قصائده على وتيرة التفعيلة و نثرا موزونا و عنده قصائد عمودية تخضع لموازين الشعر أما آخر ديوان للشاعر سقيرق فهو "نقوش على جدر العمر " / دار المسبار – 2008 / زين الغلاف بقصيدة نقوشها كنعانية فينيقية من أيقونة الأجداد يقول في أول قصيدة من الديوان:
سنة سنة
كن نحلة تمتص حلو الأزمنة
وتصوغه عسلا لكل الناس
إن القلب حين يعانق الدنيا هوى
يزداد دفء الأمكنهْ
الشعر عند طلعت في جميع دواوينه يخرج من القلب إلى القلب دون جسور للعبور لا مسافات لديه و لا محاباة و لا تكلف يترك العنان لروحه لنقل ما تشاء للحبيب بعفوية خاطر و اتحاد الروح مع المطلق الذي هو الحب أو الحبيب و طريق النجاة و السعادة الأبدية بصورة جميلة و خيال جامح :
غيبت وجهي بين صدرك و السماء
ونشرت قلبي في فضائك و الفضاء
وإذا تواترت الحكايا
كنت بينك و المرايا
زهرة في كوب ماء
ويقول في العيد كما يراه ببصيرته وروحه:
عيد بعيدْ
ماذا أقول و ليس لي
إلا النشيدْ
حلقي تيبس
قد ذبحت من الوريد إلى الوريدْ
عيد بعيد
يا أم يقتلني الأنين و في فمي طعم الصديد
هذا زمان شائك
يقتات من لحمي و من عظمي و من عمري
تطاردني ابتسامات و لي من شهقتي منفى
و أصيح عيدْ
عيد بعيدْ
هذا قليل من فيض الشعر عند طلعت سقيرق شاعر تغلف دواوينه محبة أصدقائه وأقاربه و أولاده ووطنه أولا وأخيرا..
كان في آخر أعماله صرخة مضيئة في حياة الشعر وقيثارة الحب و الوجد للحبيب الذي ربما كان ضائعا يبحث عنه ،أو موجودا و يبحث عنه حتى يتسنى له ري العمر بطل الهوى يزداد فيه جمرا و خمرا و استمرارا للحياة
طلعت سقيرق له أكثر ثلاثين عملا مطبوعا ...
أكثر من عشرة أعمال شعرية منها:
1-نقوش على جدران العصر.. دار المسبار .. دمشق 2008
2-أنت الفلسطيني أنت دمشق 1987
3-طائر الليلك المستحيل /دار الفرقد دمشق 1998
4-القصيدة الصوفية / دار المسبار دمشق 1999
و له روايتان و أكثر من أربع مجموعات قصصية إضافة إلى دراسات نقدية للشعر الفلسطيني وكتاب "زمن البوح الجميل " مع الشاعرة ليلى مقدسي صدر عن دار المقدسية دمشق 1999 ..
• الثقافة الأسبوعية ... العدد 20 تاريخ 17/5/2008 ..
• رغم كل ماكتب عنه وهو جدّ كثير ،يقول الشاعر طلعت سقيرق " هذه الدراسة من أجمل ما كتب عن أعمالي .. حيث استطاعت الأديبة ندى عادلة التغلغل عميقا في حروفي "..


[/align][/cell][/table1][/align]

[frame="15 98"]
شكرا لكم على الموضوع القيم
[/frame]