[خيري حمدان]

[frame="1 98"]إلى الأديب سليم علاونة[/frame]


كان سعيد يحبّها حتى الجنون، يحبّ وردة الصغيرة المدلّلة، ولكن دون بطنها المنفوخ. كيف شاءت الظروف وكَبُرَ بطنُها هكذا دون مقدّمات؟ وهي التي لا تفقه من أمور الجنس والدنيا إلا ما ندر. كيف راودته نفسه بالقيام بهذه الجريمة، ابن عمّها ومن لحمها ودمها، ألم يكن يدرك حقيقة ماذا ينتظرها حال ثبت حملُها؟

- تناولي يا وردة قطعة الشوكولا هذه، إنّها لذيذة يا أختي الحبيبة.
وتأخذ وردة تقفز كالملائكة، فرحة ببوادر الحياة. كانت الشمس ساطعة، تحرق رطوبة المنازل المتعفنة، والطيور تزقزق مبشرة بربيع جديد، وهناك من بعيد لاحت شجرة بلّوط تتحدّى زرقة السماء. وأخذت وردة تقفز مجدّداً، وفي مخيلتها كانت الفتاة البكماء تغنّي

شبرة أمرة شمس نجوم
شبرة أمرة شمس نجوم

- كلّي يا وردة هذا الحلقوم، طعمه كالموت القادم لا محالة، لأن الحياة مرفوضة في زمن الحصار. لا أقصد بالطبع الحصار الإسرائيلي، ولكن حصار الخجل من زهوِ الحياة. أنا أخوك وعمّدت نفسي القاضي والجلاّد. لن تفهمي كلماتي ولكني ستشعرين بطعم الخيانة، لحظات قبل أن تهوي نحو النهاية والخلاص.

مضى كلاهما باتجاه تلّ قريب، البحر كان يهدر غاضبا، الدلافين أدركت ما ينتظر وردة، والأمواج انتحرت على الشاطئ مرة أخرى منذ الأزل. ناولها زجاجة من الماء البارد، من كان شرب، وردة أم الجنين المفعم بالحياة؟ كلاهما كان يسرق آخر شهيق وبعض الزفير القادم من أعماق الرئتين. أخيراً وصل سعيد بالقرب من غايته المنشودة، هناك على حافة الدنيا، استمرت وردة باللعب، لكنها أدركت تلك النظرة السوداء في عينيه. أدارت ظهرها لأخيها، أدارت روحها لهذا العالم المجنون، وضعت يدها على بطنها، شعرت به داعب راحتها، وبعد لحظات معدودة، كانت يد سعيد تدفعها بعنف من أعلى التلّ. تدحرجت كالكرة نحو الأسفل. هناك .. حيث كان الأنبياءُ ينتظرون تحرّرها من لعنة النسيان.

صرخ بملء صوته حين أدرك بأنّها أضحت جثة هامدة. كانت وردة قد تحررت، ودخل سعيد إلى سجن كبير بحجم دنياه الصغيرة. هناك، في المكان الذي سقطت فيه وردة، انفجر من باطن الأرض نبع عين، طعم ماءه لذيذ يشفي العليل، وشذاه وردٌ خالص .. أطلق عليه الأهالي بعد حين اسم (درب وردة)

[رشيد الميموني]

ذكرتني هذه المقطوعة الرائعة بنهاية قصة "بداية و نهاية" لنجيب محفوظ .. إذ غالبا ما تكون الضحية هي كبش الفداء "اتقاء للفضيحة" بينما ينجو الجلاد بفعلته الشنيعة .. لكن مهلا .. لقد أصبت أخي خيري كبد الحقيقة حين ذكرت ذلك السجن الكبير الذي يقبع فيه الجلاد .
يمتعني اختيار أسماء الأشخاص في كل قصة أقرأها .. ربما يكون هذا الاختيار عفويا .. لكني أرى اسم سعيد له دلالات ، سواء في حبه لوردة ، أوعند نجاحه في محو أثر جريمته الأولى أو في تناقضه مع ما يعيشه في سجنه من معاناة أزمة الضمير ..
متعة لا حد لها هي قراءة نصوصك أخي العزيز .
فمزيدا من الإبداع ولك مودتي

[بوران شما]

الأخ الأستاذ خيري حمدان

كثيرا ماسمعنا مثل هذه القصص , قصص الثأر والشرف .
ولكن عند قراءة نصوصك بشكل عام , و"درب وردة" بشكل
خاص , هنالك نكهة خاصة لجمال السرد وروعة الأسلوب .
بانتظار المزيد من إبداعاتك , لك مني فائق التقدير والاحترام.

[د. ناصر شافعي]

الأستاذ القدير و الأديب المتألق خيري حمدان :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سرد قصصي مبدع لموقف إجتماعي مؤلم .. القصة حركت مشاعرنا .. وأفادتنا .. ومتعتنا بإسلوبها الأدبي الراقي المتميز .
لقد تحققت في قصتك الأهداف الأساسية للأدب القصصي .. التفاعل الوجداني و الفائدة و الإمتاع.
متعك الله بالصحة والعافية و دوام الإبداع . د. ناصر شافعي

[خيري حمدان]

الأديب العزيز رشيد الميموني
نجيب محفوظ كتب فأبدع وأوضح كيف تكون الضحية في المفهوم الأدبي.
من الجميل أن يسلّط الديب سليم علاونة الأضواء على هذه القضايا التي يبدى لها جبين الضمير العالمي والأمة العربية
للمرأة قدسيتها فهي الأم والأخت والحبيبة ولا بدّ من احترام حضورها الأنثوي ونصون كرامتها
شكرا لإضافتك الجميلة
محبتي

[خيري حمدان]

السيدة الفاضلة بوران شما
نعم هناك الكثير من القصص التي تتناول قضايا الشرف وقتل المرأة والفتاة دون أدنى حقّ
قصص يندى لها الجبين عند سماعها، ولكن لا يدّ من العمل بجدّية وحزم حتى نصون حقوق المرأة العربية المهضومة
شكرا لحضورك ولإطراءك
محبتي

[خيري حمدان]

الدكتور الفاضل والأديب ناصر شافعي
الأدب يسلّط الضوء على الأمراض الاجتماعية، وهذه الخطوة الأولى البنّاءة لحلّ هذه المشاكل الاجتماعية المعقّدة
شكرا لذائقتك الأدبية المرهفة
حضورك يشرفني
محبتي