[طلعت سقيرق]

[align=justify]
كل واحد منا يعرف المنارة ، يعرف كيف تهدي السفن ، يعرف كيف تنير الطريق .. وهكذا الكلمة في كل أحوالها ، هكذا الكلمة حين تخون نفسها ومحيطها وشعبها .. فالكلمة تضيء الطريق وتفتح البوابات وتلقي الضوء على الدرب .. لكن هل كل الكلمات كذلك ؟؟..
بعض الكلمات تكون منذ البداية خائنة لنفسها ولكاتبها ولمحيطها ولشعبها .. طبيعي أن يكون المسئول عن الكتابة رغم أنه واقع تحت خيانة كلمته مسئولا عن هذه الخيانة لأنه بالأساس لا يؤمن بهذه الكلمة ولا بعرباتها السحرية الجميلة التي تقود دائما لعلى الدروب الخضراء ..
عند كل شعب كتاب يخونون الكلمة وأنفسهم معها ، وكتاب يخلصون للكلمة وأنفسهم معها .. وليس هناك حلول وسط في هذا المعترك ، فالكلمة إما نور وإما ظلام .. وأفضل الكلمات ما كانت منارة لشعبها ..
الشعر الفلسطيني المقاوم في أكثره كان منارة لشعب فلسطين على طول الخط .. وهذا لا يعني بطبيعة الحال الشعر وحده ، بل الفن والثقافة والأدب ككل .. فالكتلة هنا متكاملة تصل بنا دائما إلى أنها ذات مكانة في أعماقنا ..
قبل أيام كنت أجادل البعض حول من أريد أن أدرسهم للشهادة الثانوية والإعدادية ، طبعا اللغة العربية ، دون مقابل ، وكان هذا البعض ينتقد موقفي المتطرف باختياري للبعض وتدريسهم دون مقابل .. دار بيننا حوار طويل .. قيل لي لماذا لا تختار بعض الأغنياء وتدرسهم عندها ستفيد وتستفيد .. قلت : بصراحة الغني سيجد طابورا كاملا يدرسه وهو ليس بحاجة لي .. أما من مثلنا فلن يجد أحدا يدرسه لأنه لا يملك أجرة الدرس وأنا أحب أن اختار هذا الصنف.. هز البعض رؤوسهم ربما معتبرين إياي مجنونا .. واكتفيت بأن تكون نفسي راضية بما أقوم به ..
سقت هذه الحادثة ، وآسف لذكرها ، لأن هناك من صار يظن أن الكلمة تجارة يتاجر بها ويبيع ويشتري ، مع أنها علم ، والعلم يفترض أن نقدمه لكل من يطلبه ..
[align=justify]
لست أطلب من سواي أن يفعلوا مثلي ، فلكل رأيه ، لكن على أقل تقدير لنحترم هذه المنارة ولنعطها قيمتها الحقيقية لا المادية .. لن أكون ضد من يدرس من يملك ثمن الدرس ، فهو حر .. لكن في المبالغة شطط لا معنى له ،لأنه يحرم الفقير من القدرة على الاستفادة من صاحب العلم .. لنوازن .. أو ليوازن من يريد أن يأخذ أجرا على التعليم .. حتى تبقى الكلمة نظيفة كنظافة المنارة التي توصل السفينة إلى بر الأمان .. أما أن تصير الكلمة مجال طمع وتمسك بالقشور ، فما أصعب أن تصطدم السفن بالصخر أو بغيره مما يعني الأذى وأي أذى ..!! لكل منا رأيه .. لكن للكلمة شرف يجب أن نحافظ عليه وألا نخونه وألا نبيعه بسوق النخاسة.. إن بياض ونور الكلمة أفضل ألف مرة من كل كنوز الدنيا مهما كثرت .. لأنك بعد ألف عام ستقرأ الكلمة وستقول هل كان صاحبها مخلصا لها أم لا ؟؟..
[/align]
[/align]

[نصيرة تختوخ]

صدقت أستاذ طلعت وهانحن نقرأ كلماتك و نترحم على روحك و يصلنا صدق خطابك.