[خالد مخلوف]

سلسلة ألف طلقة وطلقة

الطلقة الأولى

(بسم الله الرحمن الرحيم )

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه صلاة وسلاماً دائمين إلى يوم الدين.

وبعد، فإن سير الأولين صارت عبرة للآخرين لكي يرى الإنسان العبر التي حصلت لغيره فيعتبر ويطالع حديث الأمم السالفة وما جرى لهم فينزجر. فسبحان من جعل حديث الأولين عبرة لقوم آخرين فمن تلك العبر والحكايات التي تسمى ألف طلقة وطلقة وما فيها من الغرائب والأمثال.
كان يا ما كان في قديم الزمان وسالف العصر والأوان
أيها الشعب السعيد ذو الرأي الرشيد
في البعيد بلاد تسمى الواق واق وهي بلدة من مجموعة بلدان تنتهي بالواق
والواق واق هذه بلد اختصها الله في الاحترام والقدسية وجعل فيها بيت من بيوته المحرمة وهي بلدة تضم جميع الألوان والأعراق
حدث أن احتلها قوم لا يقيمون وزن لشيء هم شراذم تجمعت من كل حدب وصوب لا شرعة لهم
اتخذوا من تلك البلد أرضا ً لهم وادعوا أن الله وعدهم بتلك البقعة في كتابهم الذي لم يبق منه أثر
شردوا معظم سكانها ومن بقي في البلاد كان يعاني الأمرين
وكانت بلاد الواق واق تقع وسط عدد من البلدان المحيطة لها القريبة منها نسباً ولغة
ولهم فيها مكانا ً مقدس
وكان خلف تلك الشرذمة التي احتلت بلاد الواق واق بعض المجوس البعيدين واللذين
ساعدوا على ترسيخ دعائم تلك الشرذمة بالقوة والبطش وعلى رأسهم المجوسي الأكبر الذي كان يمتلك القوة الكبرى والسطوة والنفوذ
كان ذاك المجوسي هو ومن يحكم من ثلته يظهر الولاء لتلك الشرذمة ويمد لها كل يد العون ولو تجرأ أحد ما عليهم يقيم الدنيا ولا يقعدها
و منذ أن بدأت معاناة أهل بلاد الواق واق وهم يحاولون الاستقلال والتحرر
وبدأت الثورات في الواق واق من أجل الخلاص وكان من يقود تلك الثورة يهتم بادئ ذي بدء في تلميع كرسي القيادة وتكديس المال الذي يصله من أجل شعب الواق واق ويحوله إلى خزائنه وخزائن حاشيته التي تواليه
انشق من تلك الثورة الكثيرين مشكلين فصائل بحجة أنهم جاؤوا للتخليص والتجديد وكلٌ يرتدي ثوبا خاصا فيه
وما أن يصبحوا أصحاب نفوذ حتى يتحولوا مثل سابقيهم
وأما جيرانهم وأقاربهم ومن ينتمون لهم نسبا وعرقاً لم يكن بإمكانهم أمام ما يرون
من معاناة شعب الواق واق إلا أن يندبوا ويحزنوا لما يجري في تلك الأرض الشقيقة التي تعنيهم ولا يستطيعوا إلا أن يدينوا ويشتموا ما يحصل لإخوتهم هناك وفي محاولة منهم لمساعدة أخوانهم في البداية قرروا خوض غمار حرب ولكنها كانت حرب فاشلة لأنهم أساسا ًلم يكونوا مستعدين لهذا
وتطورت الأمور ولم يعودوا قادرين حتى على الشتيمة
هنا صاح الديك معلنا ومؤذنا ظهور الصباح
سلسلة ألف طلقة وطلقة

الطلقة الثانية

بسم الله الرحمن الرحيم

نعود إلى مملكة الواق واق وما يجري في تلك البلاد الحبيبة

وتكلمت شهرزاد وأصاغ لها السمع الملك شهريار ومنصور خلف

الباب تأكله نار الغيرة على ما حل في سيفه من صدئ وقشعريرة
ودنيا زاد تحت السرير تصغي السمع مع الأمير.

وتكلمت شهرزاد وقالت مولاي

وللعجب العجاب أن كربا يا مليكي حل بالأماكن التي يقدسها شعوب الواق جيران

مملكة الواق واق حيث كانت تعتبر مكان حج لهم ولكن ويا للآسف
مولاي حتى الرفض أو الاستنكار ما عاد بإمكانهم عليه وتركوا
لشراذم المجوس ليصولوا ويجولوا وأخفوا رؤوسهم في التراب
كما يفعل النعام يقال أن تلك الرياضة هي الأفضل لمن لا يقوى
على فعل شيء وأهل الواق واق وإخوانهم من جيرانهم سلموا
أمرهم لله بعد أن غسلوا يدهم من ولاة أمورهم وها هم بعض
ساكني ذلك المكان المقدس باتوا فيه وسكنوه خوفا من دخول
ثلة الشراذم التي تحاول جاهدة أن تأخذه عنوة من أصحابه
فتارة ً يدعون وجود مقبرة ملكهم فيه ولهذا الملك في معتقدات
أهل الواق واق احترام وحظوة وهو بريء من هذه الشرذمة وما يحاولون إدعاءه

تارة ً يحفرون تحت ذلك المكان حتى بات يخشى عليه

من الانهيار وتارة ًيتباكون أمام حائط مقدس فيه على أساس

أنه حائط مبكاهم وهو بالحقيقة حائط وقف عنده البراق والبراق هذا ناقة من الجنة كان الله أرسلها لاصطحاب أحب خلقه

وما زالت الأمور في شد وجذب يا مولاي ولا نعلم إلى ماستوصلنا إليه
وفي جانب آخر من بلاد الواق واق في مكان اسمه سرداق
جرى فيها قبل فتره مجازر تجري الدمع من ألمآق لم يرحموا
شيخا ولم يتورعوا في قتل طفل في حضن أمه وهدموا

كل بنيانه ودكوا بيوته دكا وجعلوها مستوية مع الأرض

و كان قد تقرر

الأمر في أن يشكلوا محكمة لمحاسبة بعض السفاحين من الشرذمة

لعلهم لم يكن سيجنون شيئا لأن جميع المحاكم تدين بالولاء للشرذمة
وللمجوس وخاصة المجوس الأكبر قبح الله وجهه ولكن المهزلة
أن حكومة الواق واق هي التي طالبت بتأجيل تلك المحكمة تحت
أعذار واهية ولكن الأكيد أن عذرهم الأول هو الحفاظ على ذلك
اللعين كرسي الحكم والنفوذ ولو أنه بالنسبة لهم لا يشكل حكما و نفوذا غير على أنفسهم لأنهم ويا لرخصهم لو أرادوا أن
يتحركوا فيجب أن يأخذوا تصريح تنقلهم من تلك الشرذمة
وتوجع شعب الواق واق وكما تعود أن يبلسم جراحه وأن يأمل
من ربه فقط فما عاد يعول على أحد
وللقصة بقية ولكن الديك أذن ولاح الصباح وترك للصبية
شهرزاد أن ترتاح
سلسلة ألف طلقة وطلقة

الطلقة الثالثة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه صلاة وسلاماً دائمين إلى يوم الدين.

وتكمل شهرزاد روايتها

وتنتقل من الواق واق إلى العرق واق وهي بلد قريبة من بلاد
الواق واق كان يحكمها رجل لا أعلم ما أسميه بطلا أم طائشا
أرعن فقد أوصل بلاده إلى التهلكة وبرعونته فتح الباب للمجوسي
الأكبر ليدخلها ويعيث فيها الفساد والدمار
فتارة ً كان يدخل إلى بلد قريب يدعى القات واق على أساس
أنه يريد تحرير الواق واق
فأعطى الذريعة لبوش شاه وهذا ملك المجوس الأكبر أن يحرك ضده كل المجوس
وضربوه ضربة لم يستطع بعدها القيام
وبعد ذهاب بوش شاه من ولاية المجوس الكبرى تولى
بوش شاه الابن الولاية وكان هذا لبوش شاه الابن طائشا
أرعنا أكثر من أبوه متعطشا للدماء
وفي ولايته ضرب أهم مبنيين للمجوس الأكبر وهناك
غموض في من ضرب تلك المباني هم نسبوا الأمر
لشخص يدعى ساسان ابن دهمان من بلاد ساق واق
وبدء البوش شاه حربا ضروس على كل بلاد آخرها
واق بحجة أنهم إرهابيون وبحاجة لدرع واق
وكان ساسان ابن دهمان يقيم في بلاد أفغان واق
فدخل كل المجوس تلك البقعة إعلانا ً للولاء للمجوس
الأكبر وقلبوعاليها أسفلها
ومن ثم التفت بوش شاه الابن نحو العرق واق وبحجة
أنهم يدعمون ساسان ابن دهمان ضربوه الضربة القاضية
واحتلوا العرق واق وبدء بنهب خيراتها ونقلها لبلاده
وبدء وجع آخر وأضيف هم آخر
وهنا أذن الديك

وأعلنت الشعوب لولاتها الطلاق

سلسلة ألف طلقة وطلقة

الطلقة الرابعة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه صلاة وسلاماً دائمين إلى يوم الدين.

نعود لحكايات الملك شهريار وأخيه الملك شاه الزمان

وبعد أن أرخت شهرزاد شعرها بدلال
مما زادها فتنه وحسن ودلال
وطار لب الملك شهريار على ضفاف ذلك الشلال
فقالت ومن شفاهها الكلام شهد إذ يقال
بلغني أيها الملك السعيد ذو الرأي السديد الرشيد
أنه كان يا ما كان في سالف العصر والأوان أن شعب الواق واق ورغم
الاحتلال هو ذو رقة وجمال وخفة ظل وتيه ودلال
ورغم كل ما يعانيه في شرق وغرب وجنوب وشمال يصنع من الحزن والموت
فرح تشهد له الأرض والبحر والسماء والجبال
ورغم كل السواد الذي يخيم ورغم كل ما يحيطهم من مؤامرات
أمامهم أو خلف كواليس الساسة والأعوان
كانوا يصنعون الفرح والبطولات الجماهيرية الذاتية التي كان يسيسها المنتفعون
لاحقا وينسبوها لهم وهي منهم براء
وماهي إلا بطولات شعبية من صنع أفراد لا علاقة لهم لا بالسياسة ولا المتسيسون
وكثيرا ما كانوا ينتفضوا ويثوروا ويصارعون الجميع،
ومن ورائهم قادتهم إما مؤيدين لمصالح أو مؤيدين خوفا ،ومنهم من ينتظر
ردة فعل المجوس الأكبر بخوف وترقب ورقص على حبال الكلام
وهكذا كان شعب الواق واق يمارس طقوس الموت لكن بحب وإحترام
لأنهم كانوا يؤمنون أن موتهم لقدسية هذه الأرض يكسبهم رضا الله وجنته
كانوا يتابعون حياتهم رغم كل ما يتعرضون له من ضيم وحيف يقيمون أفراحهم
ويحولوا جنازات شهدائهم إلى أعراس وكانوا يقولون لا بد للظلمة أن تنجلي لتشرق شمس حريتنا عاليا
وكان إيمانهم بواق واقهم وقدسيتها أكبر من أن يحبطه احتلال _ أو قائد_أو منظمة
فاسدة وهم متأكدون أن نهاية هؤلاء هو مزبلة التاريخ التي لن تذكرهم إلا لتلعنهم
أما مولاي أطفال الواق واق فهم وحدهم حكاية تكتب بالذهب والياقوت
لو شاهدتم مولاي ما أجملهم عندما يقف واحدهم عاري من كل شيء ومن كل سلاح
إلا من إيمانهم وحبهم لواق واقهم وكرامتهم وبيده حجر يلمع ليرهب من كان يتصدى له.

أما جنود الشراذم فترى فزع الفأر يسكن عينيهم رغم كل ما دججوا فيه من عتاد وسلاح وواقيات صدر ورأس كان الولد يقف شامخا أو ينتظر الآليات المجنزرة

حتى تأتي ليهجم عليها بصدره معلنا لله وللجميع أن شعبا وأطفال مثل هؤلاء

يستحق الحياة والحرية والوطن
وفي الجهة المقابلة الشراذم المدججون والمؤللون بكل أنواع العتاد والسلاح الحديث
يقفون وعلى وجوههم الخوف والذل ونظرات الانكسار فلا يجيدوا إلا أن يطلقوا
نيران حقدهم وكرههم للحب والابتسام فيقتلوا دون رحمة أو تفريق أطفال ورضع
وشيوخ وينسفوا ويمسحوا الأرض مسحا لا يدعون بيتا أو مكان للعبادة مقدسا
أو زرعا وكأن كل ما هنا يحاربهم وأكثر ما يلفت انتباهي مولاي حقدهم الدفين
على شجر الزيتون
وكانوا يرمون نيران طلقاتهم على الأطفال يحاولون النيل من قلبه الجميل
يضربون بهراواتهم يطحنوه طحنا علهم يصلوا لذلك القلب لكن عبثا لا
يصلون وهذا ما يزيد جنونهم
ابتسم شهريار لشهر زاده وداعب شعرها وهمس في أذنها ليت لي مثل
تلك الرعية
وهنا أعلن الديك مؤذنا عن انبلاج الصباح

سلسلة ألف طلقة وطلقة

الطلقة الخامسة

بسم الله الرحمن الرحيم

وتروي شهرزاد لشهريارها تقول له: مليكي

مليك الزمان لروايتي الآن بعض الإثارة وقد تثير جنون الجنس لديك

لكن احترس فما كلامي إلا لعبرة فانتبه لمواطن الكلام يرعاك الله
وحديثنا يدور حيث كل بلادالتي تنتهي بالواق
وحيث شبابهم فمنهم من نذر نفسه لصالح البلاد وهناك من قد سرقتهم الحياة وحرفتهم
إلى أنفسهم وملذاتهم تخيل يا سيدي أن هناك اختراع اسمه ألنت ومن
خلاله يدخلون في البداية تكون حجتهم أنهم بحاجة لثقافة وما أن يدخلوه
حتى يسرقهم
إلى عوالم كعالمنا هنا على السرير فيه كل شيء مباح فلا ديك يؤذن
ولا صباح وما يدور فيه أخجل أن أكلمك عنه يا مولاي
فينادي شهريارسيافه منصور فيهم بالدخول لكن شهرزاد تستوقفه وتقول
سيدي: أبعده حتى أكمل الرواية
ونبدأ الكلام بالصلاة على سيد الأنام فصلي يا مليكي عليه أفضل الصلاة والسلام
لكي يحلو الحديث والكلام
كل الشعوب التي تنتهي بالواق يا مولاي مسكينة مقهورة وبالكبت الجنسي مشهورة
لأنهم قد تباعدت بينهم وبين دينهم الصورة
فصاروا يحللون ما يروق لهم كعادة الولاة والحكام في هذه المعمورة
والانفتاح الذي شهده العصر في كل شيء سيدي كان عليهم كبيرا
فحاولوا أن يلاحقوه فأصابهم مثل ما أصاب
البدوي الذي أتوا به من الخيام وأسكنوه في قصر فأصر أن يأتي بغنمه كي يستجم بعد العصر
فلاحقوا التطور السريع ولبسوا وتزينوا ولم ينسوا أن يجلبوا
العطور من باريس والأحذية من إيطاليا والجينز من أمريكا
والأجهزة الحديثة من اليابان ولم ينسوا أن أهم شيء كي
يكملوا العنوان أن يحدثوا النسوان
وللنساء عندهم طقوس والأهم يا سيدي أن يلبسوا اللباس
أما ضيقا أو شفافا كأنه غير ملبوس
وصارت كل المبادئ عندهم كم معك من القروش والفلوس
فهز شهريار رأسه وضحك حتى بان ضرسه
وقال أريد من تلك النساء قبيلة أريد البيضاء والسمراء
أريد القصيرة والطويلة
علني أستغني عن حكاياتك أيتها الجميلة
وللقصة بقية عن ألنت وأحواله المهولة فتابعوني
لأن الديك أذن وأعلن عن انبلاج الصباح