الحقيقة التائهة
قصة قصيرة :
......... الحقيقة التائهة ..........
في واقع شبيه بالخيال أو كالذي تصوره ذكرى ما، جال فكري بين آلاف الصور التي التقطتها يوما و منذ ولادتي و كأني بكلماتي هذه أسترجع لحظات خروجي إلى الحياة بصرخات قوية أو مكتومة حينها ربما أخافني النور بعد أشهر من الظلام، و اليوم ..... نور أعادني لتلك الثواني لكن بفارق جد بسيط عمره سنين بعمري أنا، بفارق الذاكرة المحطمة و الذاكرة الخامدة، بفارق الظل الذي صور أنوثتي، بفارق المعاني المرة التي تحويها ملايير الدموع بين الأمس و اليوم .... بفارق الصراخ المدمر و الصراخ الهادئ و كأن أحدا ما قد قصد كتم أنفاسي و كان الواقع ... لأني شابة و لا يمكنني الصراخ، بفارق شبح جد مخيف قد غزى صدري و للأسف منذ ولادتي و كذلك بفوارق أهمها الألم الذي أستشعره اليوم و استشعرته طويلا و ذلك الألم الذي كان هادئ بل غائب الوعي و كأنه بركان خامد بدأ يصحو عبر السنين التي بدأت ترسم جسدي بأدق تفاصيله لأدرك أني امرأة .... صحا ضميري و صحت ذاكرتي و كأني قد صعقت، كهرباء جد قاتلة تلك التي أدمت جسدي قبل
أن تهزه بعنف .... حينها فقط أدركت شكل ذلك الشبح الذي كان ساكنا يوما ما بأحشائي بل و أدركت أنه أقوى و أضعف بل مصدر الضعف كله، حين تفجر و بقوة ليخلف آلاف بل ملايين الأحاسيس الغريبة و المبهمة حينها تأكد شكي و كرهت أحلام اليقظة تلك التي صاحبتني منذ طفولتي لأني كنت ذلك الحين صغيرة و كأن أحلامي بحجم جسدي الضعيف .....
علمت بعد سنين من البحث و بعد أن طاف جسدي بين آلاف الأطباء في العالم مرضي و كأن الطب لم يتوصل بعد إلى سر ذلك المرض الغريب ... حينها فقط قررت أن أهب الجزء المريض لجسد آخر ...... كانت دموعي تنهمر و كانت دموعه تنهمر و كأننا ببكائنا قد هزمنا جفاف الصيف ..... " كلمات جد غامضة " .
تتواصل الأحداث ........ شيء ما قد هزني بقوة حين اقتربت من النافذة و كأنني وددت الانتحار و يا ليتني فعلت لكان وقع ارتطامي أقل من وقع الانفجار الذي دوى بداخلي ... ألم غريب قد شطرني نصفين حينها بحثت عن والدتي شعرت برغبة جامحة في عناقها و برغبة قاتلة في البكاء بين ذراعيها و خفت .... خفت أن يكتشف العالم بكائي الخفي ... تسمرت و كدت أقع .. جلت بعالم غريب .... كانت النافذة و كانت رغبتي في رؤية ذلك الموكب السريع و كأنه يسابق الزمن .... حينها سرقت و من المجهول، شيء ما قد سقط لتوه و كأن السماء قد ذرفته حزنا على حالي ... طيف ما بجواري أكاد أتحسسه، كلمات قد نقشتها شفتاي بالكاد أعيها و كأن الباقي من وعي قد رثى .... حينها فقط أغمضت عيناي لأن الألم جد فضيع تراجعت إلى الخلف و ظللت أرقب الغيب ... بحثت بالشارع و بين آلاف المارين عن سبب صدمتي لكن دون جدوى . حينها قررت الفرار من نافذة الوهم تلك فدلفت إلى الداخل و سرت .... اختفى الطيف الذي كنت أحدثه بل خفتت كل الأضواء و سكنت كل الأجساد التي كنت أراها لتوي حتى الأطياف رحلت فجاء الليل فجأة برؤيا جديدة وكأنه يداعبني ... حينها سقطت و بسقوطي خفت و بكيت .. بكيت بحرقة و لازلت أبكي ... لأني أدركت معنى الخداع الذي كنت أدعيه يوما ما و كنت جد غبية بل أغبى من الغباء ذاته لأني تصورت أني قطعة من الخيال أبدو و أختفي و متى شأت و الواقع أن ذلك وهم و كأني شابة في شخصية رضيعة أؤمن بالخيال ...... تحطمت رغبتي في النهوض و في المكوث و كأني أرفض كل الحلول .. وكأني بتلك الساعات التي فصلتني حينها عن النافذة قد صاحبني رهان فاشل رغم أني لا أراهن كنت نزيلة إحدى فنادق الأمراض العقلية و قد أضحكتني تعابيري هذه و كأني بلعبة الكلمات و التي أجيدها قد شيدت هذا المكان الخيالي حينها قررت أن ما يختلجني من مشاعر هو الجنون ذاته .......
و عدت إلى قصة الهبة ......و قد قررت أن أتبرع بقلبي و أنا حية بعدما قرأت مرارا عن عمليات زرع لقلوب موتى .... لأحس أني أمنح الحيلة لشخص آخر و أنا راضية تماما و بنظرات انتصار زائفة صورها لي فكري الغبي أكون قد هزمت الواقع الذي أوقعني و دون أن أحس هو الغرور بذاته و كم أكره الغرور حينها فقط قررت أن أفر من الغموض الذي اشتعل بين فقرات هذه القصة و أعترف بأشياء ...... و كأني اهتديت بحدسي كامرأة إلى السر الموجود بين ألاف رواد ذلك الشارع المشئوم ،أغمضت عيناي لتصور مخيلتي صورة الشارع و كأني امتحنت أعماقي ..... حينها فقط و برؤيا صادقة أنار القدر لي جزء ما من تلك الصورة و بكاميرا جد متطورة ازداد حجم الصورة و ازداد ..... حتى احتل جدار عيناي لأفاجأ بشخص مجهول كان هو نقطة ضعفي و الذي أرغمني على أن أهب قلبي حتى أقضي على غروره و أملك نفسي و إن كنت ميتة ...... يوما قررت أن تجرى العملية و أنا مستيقظة لأرى قلبي التافه و الذي خادعني ينتشل من تحت الأنقاض ذلك الشكل الذي رسمته و أنا طفلة دون أن أدرك خطورته ..... جلست أنتظر دوري و كأني بمستشفى ... الكل يقاسمني أحلامي الحمقاء ... أحمق ذلك الذي سيحمل قلبي ... يوما ابتسم بل ملك الدنيا بعودة الحياة له دون أن يدرك المعاني الحقيقية لذلك الفعل الإجرامي و قبل أن أعترف له أني أنتقم ..... كنت جالسة و الكل يصرخ من حولي إلا أنا لما لا أشعر بالألم ... صراخ مزدوج ... قوي و ضعيف ....... انتهى الحلم و دخلت قاعة العمليات استلقيت و غبت في عالم لم يكن عادي لأني لم أفكر لحظتها في أي شيء ... و الواقع أن الصرخات كانت لأطفال حديثي الولادة إذا كنت بمصلحة طب النساء ....... حين اقترب الخنجر ليشق صدري صرخت و صرخت ... وظللت أصرخ و أصرخ حتى اهتز العالم لصراخي ... استشعرت لمسات حانية جد حانية قد هزتني و برفق و كانت أمي التي قصدت أيقاضي لأني كنت نائمة، أدركت أني كنت أحلم و لم أعي معنى حلمي حينها بحثت عن الحقيقة التائهة بين أحرف هذه الكلمات و لست أدري كم من الوقت سأظل أبحث ......
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|