كاتب وأستاذ جامعي، يكتب المقالات ، الخواطر والقصة القصيرة
يوميات مدير
يوميات مدير – محمد الفاضل
وجد صعوبة بالغة في ارتداء بدلته الإيطالية هذه المرة ، في الأونة الأخيرة اكتسب عدة كيلوجرامات من الشحوم نتيجة شراهته المفرطة ، وبعد طول عناء ، نجح في حشر كرشه المتدلي داخل البدلة ، كان يتصبب عرقاً وتقطعت أنفاسه . وضع ساعة الروليكس في معصمه ولم ينس أن يتعطر بأفخر العطور الباريسية ، طالع نفسه في المراَة وشعر بالزهو ، ركب سيارته الفارهة وأشعل سيجاره وبدأ ينفث الدخان بعصبية ظاهرة وهو يتململ في مقعده الخلفي .
الزحمة خانقة في الصباح ، نهر سائقه بأن يسرع ، حار السائق المسكين ماذا يرد عليه ، ولكنه أذعن للأمر وبدأ يضغط على دواسة البنزين ،
- اللعنة على هذه الشوارع ، تبا لأنظمة المرور ! متى يتطور هذا البلد ؟ متى نصبح مثل الدول المتقدمة التي تحترم مواطنيها ؟
قبل حوالي شهرين كان يحضر أحد المؤتمرات كعادته في أوروبا الذي يناقش كيفية تحفيز الموظفين وتحسين الأداء الوظيفي ، جلس في كرسيه الجلدي الوثير وبدأ يطالع الأخبار في الصحف اليومية ، لم يجد ما يثير اهتمامه ، شرع بحل الكلمات المتقاطعة ،
بدا مدير مكتبه متهيباً وهو يقدم خطوة ويؤخر أخرى حاملاً بريد الصباح ،
- ماذا وراءك ؟ لماذا تقف منتصبا كالتمثال ؟
- سعادة المدير ... لا أدري كيف أبدأ ...... إنه ... إنه بخصوص أحمد .
- من ؟ من هو أحمد ؟
- سيادتكم ، إنه يعمل في قسم الأرشيف وقد قدم عدة طلبات مؤخراً بخصوص سلفة ،
أشعل المدير سيجاره الكوبي الفاخر والذي يحرص على اقتنائه من أفخر الأنواع وبدأ يرقب مشهد سحب الدخان الذي ينفثه في هواء الغرفة .
- ألم يأخذ سلفة الشهر الماضي ؟ انه جشع لا يشبع أبدا .
- سيادتكم ! لقد رزق بمولود الأسبوع الماضي .
- ما بال هؤلاء ؟ يتناسلون مثل الأرانب ، لماذا لا يخططون للمستقبل ، هؤلاء سبب تأخر البلد ، تباً لهم !
أخرج قلمه الباركر الثمين من جيب بدلته وبدأ يكتب ، " نظراً للظروف التي تمر بها الشركة ، يرفض طلب المدعو ، وبهذه المناسبة نهيب بكافة الموظفين ترشيد الاستهلاك و ممارسة سياسة شد الأحزمة "
ولم ينس أن يذيل توقيعه الذي تدرب عليه مراراً ، استدار نحو مدير مكتبه وبادره بالسؤال .
- سامي ! هل حجزت كل الطاولات في المطعم للوفد الأجنبي ؟ نريد أن نظهر أمامهم بمظهر لائق ، يجب أن تكون المائدة عامرة بما لذ وطاب ، مهما بلغت التكاليف ، ولا تنس الكافيار !
هم المترفون الذين لا يشبعون , يرمون باللائمة على المحتاجين و الفقراء , و لا ينسون أن يزيدوا رصيدهم مرات و مرات مقابل سحق مرؤوسيهم و استغلالهم أبشع استغلال .
بالضبط هي كذلك يستكثرون على البسطاء أقل شيء
ويلقون بالكثير تحت أقدام الترف
لا حول ولا قوة إلا بالله
وكم مدير لدينا على هذه الشاكلة ؟!
شكرا لك الأديب العزيز محمد الفاضل .. دائما تمتعنا بقصصك الجميلة وأسلوبك المميز
بوركت ودام عطاؤك
كاتب وأستاذ جامعي، يكتب المقالات ، الخواطر والقصة القصيرة
رد: يوميات مدير
اقتباس
عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د. محمد رأفت عثمان
هم المترفون الذين لا يشبعون , يرمون باللائمة على المحتاجين و الفقراء , و لا ينسون أن يزيدوا رصيدهم مرات و مرات مقابل سحق مرؤوسيهم و استغلالهم أبشع استغلال .
مساء الورد الدكتور العزيز محمد رأفت
أنا في غاية الامتنان على تفاعلك الجميل وحضورك العطر
تحياتي
كاتب وأستاذ جامعي، يكتب المقالات ، الخواطر والقصة القصيرة
رد: يوميات مدير
اقتباس
عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ميساء البشيتي
بالضبط هي كذلك يستكثرون على البسطاء أقل شيء
ويلقون بالكثير تحت أقدام الترف
لا حول ولا قوة إلا بالله
وكم مدير لدينا على هذه الشاكلة ؟!
شكرا لك الأديب العزيز محمد الفاضل .. دائما تمتعنا بقصصك الجميلة وأسلوبك المميز
بوركت ودام عطاؤك
مساء جميل يليق بعبق حضورك الأديبة الرائعة ميساء
يسعدني انها راقت لك سيدتي
جل التحايا