عضو الهيئة الإدارية / مشرف عام على المنتديات والأقسام
القصيدة والقارئ-- بقلم د / رجاء بنحيدا .
القصيدة والقارئ --بقلم / د رجاء بنحيدا .
يقول جون كوهين في كتابه بنية اللغة الشعرية : " إن القصيدة الشعرية ... ليست التعبير الأمين عن عالم غير عادي ، إنما هي التعبير غير العادي عن عالم عادي ."١
هي تعبير مختلف في تشكيل الرؤى والعوالم ، تعبير يحطم القيود والحواجز لينطلق في تشكيل نوعي مختلف وغريب ليخلق كلمة شعرية تعبر عن كيمياء الفعل ، حيث تجتمع كلمات يصعب دمجها في عمل غير الشعر .
من هذا التحطيم المشروع والتجاوز المنظم لبنية التركيب اللغوي للجملة الشعرية ، تظهر الدلالة للبعض مستعصية غير واضحة ، متعددة الأوجه والتأويلات ، قائمة على مبدأ الإنفصال والتقطع .
حين تلج الكلمة مملكة الشعر ، تحمل معها لبوسات متنوعة حربائية تجعلها تتلون بتلوينات تختلف باختلاف مقصدية الشاعر ، فتصعب عملية التأويل ويصبح الهاجس الوحيد هو اللهاث وراء المعنى ،وتضيع فرصةاستراق لحظات التأمل والمساءلة .
كيف تُخلق الألفة بين النص الشعري والمتلقي ؟!
إن عملية الانخراط في علاقة صادقة وحميمية مع النص واقتحامه لنُعلن إطلاق سراحه وسجنه من عزلة الورق إلى القراءات المتعددة لقراء مختلفين ، تجعل الألفة قائمة وممكنة.
الشعر يخاطب الوجدان ويستطيع أن يثيره ويحرك كوامنه ، فهو قادر على تلوين القضايا الإنسانية والسياسية بألوان عاطفية وربط حقائق الواقع بالوجدان الإنساني ، الشعر شعور وتعبير من ذات مبدعة ( ذاتية أو عامة ) ، الشعر تحليق في عوالم يصعب الاقتراب منها ولكن بالكلمة الشعرية يصبح المحظور جائزا ممكنا .
والألفة تأتي من هنا ، من هذا الاختراق والتجاوز الذي يتم بواسطة قارئ متأمل يحرر النص من سلطة التفسير ، ويطلقه من سجن الورق وسلطة الشاعر الذي قال " أنا أبْصَرُ بشعري منكم" هذا القارئ المنتج الذي أصبح مدركا بأن منطق النسق المتسلط الذي يرى بأن الشعر جَمَلٌ بازل قد ولى وانتهى وحل محله منطق النسق المفتوح الذي يرى بأن الشعر ناقة ولود كلها عطاء وإنتاج،فهو نص جمع texte pluriel بصيغة مفرد ،لأنه لا يحمل في ذاته دلالة جاهزة واضحة ونهائية ، ولكنه يحتاج هذا القارئ المتأمل،المنتج أوالنموذجي كما تحدث عنه ( إمبرتو إيكو) واعتبره هو ذاك الذي يفرزه النص وتتمخض عنه القراءة مما بجعله قادرا على أن يحرر المقروء من قيود المؤلف الفعلي والقراءة الأحادية ويعطي النص حقه في التعدد والانفتاح .
فأصبح القارئ هو الوريث الحقيقي للقصيدة بعد ولادتها ، إذ يتمكن وبسهولة من بسط نفوذه على مساحاتها ،بوصفه فارسا متمكنا" لا يأتي من فراغ ولا يتحرك على فراغ ، إنه مسكون باللغة و بالنصوص وبالآخرين "٢
فالمعنى إدن هو شيء في النص بإمكانيات دلالية تنطوي عليها عناصر النص الأدبي ، وهو شيء من فعل القارئ ، يدركه ويلتقطه من داخل نسيج النص ، ليمنحه امتداده الحر خارج الحتمية الظرفية للنص.
هنا أستحضر رواية ابن جني لسر المتنبي فقال:
قال لي المتنبي يوما : أتظن أن عناياتي بهذا الشعر مصروفة إلى من أمتدحه ؟
ليس الأمر كذلك ولو كان لهم لكفاهم منه البيت ،
قلت : ولمن هي ؟!
قال : هي لك ولأشباهك ...٣-
نلمس وعيا ثقافيا مفتوحا على القارئ ودور الفعل القرائي في الصياغة الشعرية حتى أصبح الغائب أهم من الحاضر ، ولم يعد الشاعر يحتكر معانيه، ولم يعد أبصر بشعره من قارئيه ، بل صار مدركا أن القصيدة تنتقل وتتحرر وتنطلق لتصبح إبداعا متكاملا .
١-جون كوهين : بنية اللغة الشعرية . ص ١١٣
٢- عبد الله الغدامي : تأنيث القصيدة والقارئ المختلف ، ص ١٥٧
٣ نفس المرجع ص ١٣٠
أديب وشاعر جزائري - رئيس الرابطة العالمية لشعراء نور الأدب وهيئة اللغة العربية -عضو الهيئة الإدارية ومشرف عام
رد: القصيدة والقارئ-- بقلم د / رجاء بنحيدا .
مقالة أدبية أدبية حقّا طالما تناولتْ موضوعا مهما علاقة القصيدة بالمتلقي أو القارئ بالقصيدة..شكرا لك د. رجاء على هذه المقالة الراقية جدا..مودتي جارتي الأستاذة الغالية د. رجاء..
كاتب نور أدبي متألق بالنور فضي الأشعة ( عضوية فضية )
رد: القصيدة والقارئ-- بقلم د / رجاء بنحيدا .
استاذتي الفاضلة الأديبة الواعية لك أمسيات الخير ولأستذي محمد كل ود واحترام
صعب عليّ التحدث بموضع لا أحسن الحديث فيه. ولكني فهمت المعنى او المقصد مما تفضلت تقريبا
ربما لم يكونوا أفضل الشعراﺀ لكنهم أشهر الشعراﺀ في عصرنا الحديث
محمود درويش نزار قباني عبد الرحمن الأبنودي نماذج عظيمة استطاعت اأن تشرك الآخر بصوغ المعاني الشعرية وغناها كل لسان .
ربما لا يكون هذا القصد ولكني فهمت هكذا. إن اخطأت اعذريني
تحياتي احترامي وتقديري ايتها السيدة المحترمة
مقال مهم د.رجاء يقودنا إلى نخبوية الشعر. فالقصيدة ليست مفتوحة دائما لكل قارئ بل تحتاج أحيانا لذكاء وحسّ يحفزه التأمل ومحاولة الفهم والنظر أبعد من الكلمات كجزء من اللغة وإليها كمكونات للغة الشاعر.
تحيتي لك .
عضو الهيئة الإدارية / مشرف عام على المنتديات والأقسام
رد: القصيدة والقارئ-- بقلم د / رجاء بنحيدا .
اقتباس
عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رأفت العزي
استاذتي الفاضلة الأديبة الواعية لك أمسيات الخير ولأستذي محمد كل ود واحترام
صعب عليّ التحدث بموضع لا أحسن الحديث فيه. ولكني فهمت المعنى او المقصد مما تفضلت تقريبا
ربما لم يكونوا أفضل الشعراء لكنهم أشهر الشعراء في عصرنا الحديث
محمود درويش نزار قباني عبد الرحمن الأبنودي نماذج عظيمة استطاعت اأن تشرك الآخر بصوغ المعاني الشعرية وغناها كل لسان .
ربما لا يكون هذا القصد ولكني فهمت هكذا. إن اخطأت اعذريني
تحياتي احترامي وتقديري ايتها السيدة المحترمة
صدقت أخي رأفت ، كما نعلم جميعا تنحو القصيدة المعاصرة منحى التكثيف وتحفل بالانحراف وغلبة الرمز حيث أصبح الشاعرينهل من مختلف الثقافات والمشارب ليوظفها داخل النص ، كما يوظف الصور الشعرية التي تبتعد بالكلمة عن مدلولها ، كل هذا يحفز القارئ النموذجي على التأويل والمشاركة في بناء المعنى .
تحيتي وتقديري للأخ الكريم رأفت العزي .
عضو الهيئة الإدارية / مشرف عام على المنتديات والأقسام
رد: القصيدة والقارئ-- بقلم د / رجاء بنحيدا .
:=نصيرة تختوخ;196124]مقال مهم د.رجاء يقودنا إلى نخبوية الشعر. فالقصيدة ليست مفتوحة دائما لكل قارئ بل تحتاج أحيانا لذكاء وحسّ يحفزه التأمل ومحاولة الفهم والنظر أبعد من الكلمات كجزء من اللغة وإليها كمكونات للغة الشاعر.
تحيتي لك .[/quote]
شكرًا الأخت الغالية نصيرة على تعقيبك الذي ينم على ذوق أدبي راقٍ.
فالقارئ المتأمل هو الذي يستطيع تحرير النص من سلطة التفسير ، ومن ثم إطلاقه مرة أخرى
لكي يكون دالا عاما ومدلولها ينزلق حسب تعبير " جاك لاكان "
عضو الهيئة الإدارية / مشرف عام على المنتديات والأقسام
رد: القصيدة والقارئ-- بقلم د / رجاء بنحيدا .
شكرًا الأستاذ زايد علاء فارس على
مرورك وتعليقك،
اللهم يارب فرجها على إخواننا في فلسطين ،
لقد قرأت للتو، أن قوات الاحتلال الصهيوني اعتقلت اليوم 18 فلسطينيا
في عدة قرى وبلدات بالقدس المحتلة .
اللهم اجعل هذا الشهر المبارك ، شهر فرج ورحمة عليهم .
اللهم آمين.