كاتب وأستاذ جامعي، يكتب المقالات ، الخواطر والقصة القصيرة
إنهم يصعدون إلى السماء
إنهم يصعدون إلى السماء – محمد الفاضل
- انهض يا ولدي فقد حان موعد ذهابك إلى المدرسة ، لقد جهزت لك الفطور ... لماذا لا ترد ؟ ماخطبك ؟
- ها أنت تمارس لعبتك المفضلة مجدداً ، حتى إخوتك لايردون ! لماذا هذا الصمت اللعين ؟
- سامحني يا فلذة كبدي لأني لم أستطع أن أشتري لك اللعبة التي طلبتها ، انهض وأعدك بأني سوف أشتري لك لعبتك المفضلة ، انهض أرجوك ! لا تفعل هذا بي ، يكفي تظاهر ... يا ولدي ، رحيلك يخنق روحي ويسحبها من جسدي ، فتتحول إلى شجرة ذبلت أوراقها وتساقطت على شرفات سنين عمري .
جثت الأم على ركبتيها والعبرات تخنقها ودموعها الحارة تسيل على الوجنات لتبلل وجوه صغارها الثلاثة ، وهي تلثم جباههم مودعة إياهم الوداع الأخير ، لقد فقدت أعز ما تملك ، بدت غائبة عن الوعي وهي ترثيهم بكلمات قدت من وجع عميق يمتد إلى أعماق روحها ، تقطعت أوتار قيثارة قلبها ولم تعد تصلح للعزف ، أضحت مجرد اَلة لا روح فيها . بدأت تهذي من هول الصدمة ، - فقدكم قصم ظهري يا سلوة الروح .
بالأمس كانوا يتقافزون مثل عصافير الدوري وهم يشيعون الفرح في زوايا المنزل ، كانت ضحكاتهم تنعش فؤادها وتمدها بالأمل بمستقبل مشرق ، كم سهرت الليالي وهي تهدهدهم بيدها الحانية ، فينبع الحب والحنان سخياً من بين أناملها ليمتد إلى أرواحهم البريئة فيغمرها بالسكينة والطمأنينة ، فتغدو حديقة غناء . لطالما كانت تردد : " الله لا يفرقكم عن بعض ، يا أولادي " ولم يدر في خلدها أن دعاءها سوف يتحقق .
كان الأب يقف مشدوهاً على مقربة من جثامينهم المسجاة على الأرض ، انحنى فوقهم ودموع فقدهم تحرق قلبه وبدأ يقبل جباههم الواحد تلو الاَخر ، حتى حجارة الدار بدت وكأنها تنعيهم وتحن لوجودهم ، لطالما كان صخبهم وصراخهم يتردد في جنبات الغرفة . هنا رسموا بشقاوتهم على الجدار أحلامهم وأمانيهم ، وهناك كانوا يلعبون الغميضة ، لا ترحلوا يا أولادي فالحياة بدونكم جحيم لا يطاق ، من سوف يستقبلني بالأحضان عندما أرجع من عملي ويتعلق بكتفي ؟ ويردد بصوت رخيم
كاتب وأستاذ جامعي، يكتب المقالات ، الخواطر والقصة القصيرة
رد: إنهم يصعدون إلى السماء
اقتباس
عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د. محمد رأفت عثمان
الألم أصبح كبيرًا , شديدًا , عميقًا , لا يطاق , و هل للعبد من سند و عز و قوة و ناصر و راحم إلا الله ؟!
تحية أ. فاضل و دم بخير و أمان .
نعم دكتور محمد أصبح الألم خبز البسطاء اليومي وقوتهم والمصيبة أن الكل يستأسد على الشعب الصابر مع تكالب القوى الدولية والاقليمية ، والأخوة الأعداء !!
أنا ممتن على رقي كلماتك وعبق حضورك
محبتي
كاتب وأستاذ جامعي، يكتب المقالات ، الخواطر والقصة القصيرة
رد: إنهم يصعدون إلى السماء
اقتباس
عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عزة عامر
الفقد جحيم ، اللهم أنزل صبرك وسلوانك على كل من فقد فلذة كبد
هذا غيض من فيض سيدتي ، ما يحصل يفوق الوصف والخيال ، لم يتركوا سلاحا إلا واستخدموه ، من صواريخ أرض أرض ، الكيماوي ، القنابل الفسفورية والفراغية ، واَخرها الخراطيم المتفجرة والبراميل ، ماذا بقي ، أي حقد وسفالة ! حتى الأطفال لم يسلموا من ساديتهم
يسعدني حضورك العطر
ودي