فوارق مرادفات (13)
القذف والإلقاء في قصة موسى عليه السلام
جمعت الآية 39 من سورة طه المرادفين: ( ألقى/ قذف)
*أَن اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَم فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالساحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُو لي وَعَدُو لهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي (39)*
وجاء في سورة القصص قول الله عز وجل : * وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَن أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِين*
نلاحظ أن المعنى واحد ( اقذفيه في اليم/ ألقيه في اليم) لكن إذا عرفنا أن الإلقاء فيه شيء من الرقة ويكون مباشرة، ترمي الشيء أمامك ويسير كذلك أمامك على مهل فيظهر لك اتجاهه ، بينما القذف يكون بالقوة، وقد يغيب المُرمى سريعا فيخفى ، تقول ألقيت الورقة أي رميتها، ألقيت السلام ، أي سلمت على من أراهم أمامي ، بينما القذف قد يجعل المُرمى غير واضح مقصده.. إذن ما الفرق بين آية طه وآية القصص؟ هنا نتدبر قليلا؛ ما دمت أشرت إلى أن القذف هدفه الإخفاء فإن قول الله عز وجل لأم موسى : *اقذفيه* معناه اخفيه فاقدفيه في اليم أي ارمي ذلك التابوت بسرعة في اليم حتى لا ينفضح أمرك، فالهاء ( الضمير) في *اقذفيه في اليم* عائدة على التابوت *فليلقيه اليم بالساحل*؛ هنا الله عز وجل كأنه يطمئن أم موسى بأن التابوت سيظل أمام عينيها وسيأخذ اليم التابوت على مهل مظهرا إياه إلى مكانه الذي سيصل إليه بالساحل .. إذن في الإلقاء شيء من الخفة والرقة، وقول الله عز وجل * وألقيت عليك محبة مني* أي جعلت هذه المحبة تظهر في قلوب من يراك .. وضعت المحبة في قلوبهم ليحبوك .وفي سوره القصص *وأوحينا إلى أم موسى أن ارضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم * لقد قال الله سبحانه وتعالى هنا: * ألقيه* رفقا بقلب أم موسى التي كانت خائفة على ابنها حتى تضعه في اليم وهي مطمئنة ولا تخف، كأنه هكذا يطمئنها على ابنها ويخبرها أنه سيظهر لها وستظل تراه وقريبة منه ودليل ذلك آخر الآية الكريمة: * إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين*
دمتم بخير
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|