شناشيل العراق والأمة المشلولة
شناشيل بغداد مهددة بالتلف ،بالضياع ، بالتشوه والفناء و كيف تصمد بزهو و بهاء وآلاف القنابل سقطت على المدينة هزت جدران البيوت وروعتها في ليال شهدت على شلل الأمة و شر وتؤامر العدوان.
ليس هناك من يتغنى بها ويذكرها كما فعل السياب بشناشيل البصرة وقال:
شناشيل ابنة الجلبي نور حوله الزهر
عقود ندى من اللبلاب تسطع منه بيضاء ا
و آسية الجميلة كحل الأحداق منها الوجد والسهر ...
شناشيل الجميلة لا تصيب العين إلا حمرة الشفق
ثلاثون انقضت، وكبرت كم حب وكم وجد
توهج في فؤادي
غير أني كلما صفقت يدا الرعد
مددت الطرف أرقب: ربما ائتلق الشناشيل
فأبصرت ابنة الجلبي مقبلة إلى وعدي
ولم أرها. هواء كل أشواقي أباطيل
ونبت دونما ثمر ولا ورد
وإن كان ،ففيما يفيد التغني ،هل التغني يرمم وجه بغداد الحزين ويجمل ندوبه؟
الشناشيل مظهر من مظاهر العمارة والتراث العراقي الضارب جذوره في بطون التاريخ والذي يبدو آخر شيء يذكر حين يذكر العراق.
فالعراق تفجير و انفجار وخطط أمنية و جنود من أمريكا يأتون و جنود من جورجيا يغادرون و صدريون يثورون و حوزات تفتي و أكراد يطالبون...
العراق مصطلح متردد في نشرات الأخبار بعيدا عن أمجاد البابليين و الآشوريين وسلاطين العباسيين و الهندسة و ملامح العمارة التي تميز وجهه العربي عن غيره.
ماذا ننتظر من الأمة المشلولة أن تصلي صلاة الإستجداء أو الإستسلام أو أن يكتب ابناؤها عن تراث يذبل ويضيع لعل اليونسكوأوغيرها تحمل بوقا تنادي فيها العالم لإنقاذ مايمكن إنقاذه من إرث آلت حراسته للأوغاد.
فلعل الإنسانيين ومحبي الآثار و الأركولوجيين و المنقبين في صفحات التاريخ يشنون حملة للفت الإنتباه؛
سويسريون؛ فرنسيون؛ ألمان...وحتى أمريكيون أو ليسوا هم الذين دعموا ابحاث التنقيب في البتراء و غيرها ،أ ليس لهؤلاء الغرباء من جنسيات غير عربية شرف الكتابة في الموسوعات العالمية عن مظاهر التراث في بلداننا وتدوين رحلاتهم و اكتشافاتهم للترجم و تعود إلى ديارنا.
شناشيل بغداد إن سقطت كما سقط تمثال الزعيم هل سيطالب من أرادوا إرتداء معطف الديمقراطية الأمريكي بأن تبني لهم أمريكا ناطحات سحاب كي تشبه شوارع بغداد الرشيد شوارع نيويورك أم سينتظرون أن تغني الأعظمية أو الكاظمية "مروا علي الأمريكان و عذبوني" إن وجدت من يعزف لها المقام العراقي لأنه أيضا يستنجد .
للأسف أو لحسن الحظ الأزمة الإقتصادية تعصف بالولايات المتحدة الأمريكية ،وطبعا الأمة المشلولة سيكون لها نصيب في تداعيات الأزمة، و هذايعني أن الخزينة الأمريكية لن تخصص دعما لصيانة تراث العراق أو تحتمل صداعا يأتيها من بلاد الرافدين فلنا الله و التمني ورجاء في مثقفين وفنانين ووطنيين شرفاء ينتبهون ويتذكرون ويذكرون بمظاهر ثقافتهم وملامح تاريخهم التي من المرير والمؤلم أن تطمس عبثا وتناسيا وتجاهلا.
لنا الله و أمل في غد نزور فيه بغداد وصبية تطل علينا من خلف الشناشيل تبتسم دون خوف أو حزن.
Nassira
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|