زمن مضى كانت فيه
مساحات أحلامنا واسعة
وثوب الفرح فضفاض
يغطي مسافات الضيق
ويستر عورات الأحزان
زمن مضى كنا نجيد فيه لغة الأماني
وندندن تراتيل الفرح
ونغزل بالحب التهاني
زمن مضى كنا نعشق فيه الوقت
نفتح ذراعينا للأيام
ونعانق ساعاته بامتنان
ونتنقل بفرح مابين دقائقه والثواني
زمن مضى كنا فيه نقاتل
من أجل الحب نقاتل
من أجل الفرح نقاتل
من أجل الإنسان نقاتل
زمن مضى أخذ معه أصول الأشياء
حمل معه شيئاً منا
تاركاً لنا غربة الروح
وغربة الأماكن
وأشياء كثيرة بلا أسماء
زمن مضى اورثنا حاضر مثخن بالجراح
حاضر يتأوه ألماً
ويسيربلا خطى على استحياء
زمن مضى تاركاً لعنة تعربد في كل مكان
فكل الأشياء خاصمت هويتها
وارتسمت عليها ملامح غربة ومرار
أصبح القلب يفزع من دقات الفرح
ويستعذب شهقات الفزع
والعين أصبحت ترف حزناً
وتهطل دمعاً
والروح في حالة احتضار
أصبحت الجماليات تائهة
كطيف هارب إلى اللامكان
والكلمات حيرى
على مفترق واقع متشح بالغموض
تبحث عن عنوان
نحبس أفكارنا
فيتسلل بعض منها هارباً
من شقوق اللاوعي
تغرينا الرغبة في امتطاء القلم والكتابة
ولكن ماذا نكتب في زمن الغربة
هل نكتب خرافات؟!!
أم نجتر ما تبقى من حضارات؟!!
ماذا نكتب عندما تخاصم الأشياء ألوانها الحقيقية
و تتوه الحروف عن مسارها
وتٌعتقل الأبجدية؟!!
ماذا نكتب عندما تتلاشى الرؤية
وتصبح أفكارنا بلا هوية؟!!
ماذا نكتب عندما تذبل زهورنا
ولا تجد لها مكاناً في المزهرية؟!!
ليس أمامنا إلا أن نسير في شوارع الصمت
نكمم مساماتنا احتجاجاً
ونمنع عن رئتينا الهواء
نعتصم عن التفكير
ونصلب كل علامات الاستفهام
على جدار ذاكرتنا المثقوبة
بعد أن غادرتها الذكريات الجميلة
لقد تغير كل شيء حولنا
وأصبح الخوف يسكننا
ما الذي جرى
ولماذا تسرب الأمن من زماننا؟!!
أين أنا الآن مني؟
منذ زمن وأنا أبحث عني
أبحث في قصاصات الماضي فأجد شيئاً مني
وأبحث في أروقة الحاضر فلا أجدني
يوماً أرى نفسي كلون حائر
على لوحة تتزاحم فيها الألوان
ويوماً أشعر بأنني كصوت منهك
ينساب من خلف الجدران
أسير في عتمة المجهول نغمة حزينة
غريبة عن كل الألحان
تتلاشى من ذاكرتي التفاصيل
فأصبح كتاب تاريخ
ينقصه كل الأزمان
تتصحر أحلامي وتصبح
كمدينة هجرتها كل الشطآن
بالرغم من كل شيء
مازلت أتشبث بأطراف الأماني
وأطفوا على سطح إرادتي
ألوح لغد يشد الرحال الي
وألملم في بقايا إنسان
***
سلوى حماد