رد: بينها وبينه (2) .. سؤال وجواب بين عروبة ورشيد
[align=justify]عروبة ..
الحياة لا يمكنها ان تسير على نمط واحد . نعيش بكل ما تمنحنا إياه من فرح وحزن ، ونجاح وفشل ، ورضا وخيبة أمل . لهذا عشت كما يعيش كل الناس نجاحا في بعض المجالات وفشلا في مجالات أخرى . ومادمت تحدثت بإسهاب عن الحب فإني أبدأ به لأقول أنني عشت عدة تجارب فاشلة . ثم مررت بفترات عصيبة من طفولتي أثرت على مسيرتي الدراسية وأخفقت في بعض السنوات حتى استقرت الأمور وعرف "العصفور" طعم السكينة والطمأنينة من جديد فانطلق محلقا .
تقدم العمر ونضج الفكر فكانت بداية لحياة جديدة جعلت العمل يأخذ النصيب الأوفر من اهتمامي ووقتي . فكان لا بد أن أتفرغ لأشياء ليست في نطاق اختصاصي وإنما تطوعا مني نظرا لما منحه لي الصغار من ثقة واستودعوا أسرارهم الصغيرة لدي متلمسين نصيحة أو مساعدة . وكان الفكر دائما مشغولا بالطريقة الناجعة لمساعدتهم على أحسن وجه . غير أن اليد الواحدة لا تصفق فتبددت آمال كنت اعقدها على اجيال بسبب اللامبالاة وسوء التخطيط والتدبير من المسؤولين المباشرين عن المجال التربوي . ومع ذلك قاومت وتصرفت حسب إمكانياتي فنلت رضا النفس وهناء الضمير .
عدم ثقتي في الناس وما أصابني من غدرهم إ إلى جانب تنقل أسرتي من مكان إلى آخر وطبيعة نفسي الحساسة احيانا اكثر من اللزوم ساهم في فشلي في كسب صداقات متينة .. وعوضت ذلك بعلاقات جد محدودة وملأت أوقاتي بالكتابة والاهتمام بما يتطلبه عملي من جدية وما تنتظره مني زهرتي اليافعتين من اهتمام .
وحين تمنح الحياة المرء أجمل زهرتين تملآن عليه الدنيا فإن الاهتمام ينصب على الطريقة الصحيحة لتربيتهما بعيدا عن الصرامة والعنف السائدين في بعض البيوت أو الإفراط في التدليل ، عملا بالمثل المشهور "الحزم بغير عنف واللين بغير ضعف".. لكن حين تحشر أنوف في ما لا يعنيها وتتكاثر الآراء ويتم الأخذ بالاعتبار بها تجنبا لأي خيبة أمل من هذا أو تلك فإن الأمر تبدأ في الانفلات من اليد ويفشل المخطط وينهار . ومع ذلك قاومت وصمدت فكانت الأمور كما أحب نسبيا مما أضفى على الحياة رونقا من جديد .
تعددت مجالات الفشل لكن لم يكن هذا الفشل مطلقا في كل الحالات .. وكنت دائما أعوض فشلي بالصبر تارة وبالأمل تارة أخرى في تحسن الأمور وإحراز نجاح ما ثم النهوض بعد كل كبوة حاملا جراحي في كفي متسليا بأن الغد يمكن أن يكون مشرقا .
في مجال الحب كان الفشل يجعلني أيأس من أن أحب مرة أخرى .. لكني كنت أجد نفسي أتشبث بالأمل رغم حنقي على هذا القلب المتمرد ، لدرجة أني كتبت يوما خاطرة أضع فيها قلبي في المزاد ..وبثمن بخس .. بل ومجانا . فكانت شراعي تتمزق بهبوب رياح عاتية وتتكسر مراكبي على صخور ناتئة لتحملني الأمواج إلى مرفإ تكون أمنيتي فيه فقط أن أعيش سالما .. لكن الحب كاد دوما زادي ويسري في شراييني فأقاوم اليأس وأحب من جديد أو على الأصح أتطلع إلى حب جديد ينسيني ما قاسيته ويمنحني أملا وثقة في الغد .
عروبة .. الألم والحب والغدر .. تحدثت عن كل هذا بطريقة مستفيضة . متى تخلو عروبة إلى نفسها وهل تفلح في التصالح مع الذات إن هي خاصمتها ؟ وهل تحس عروبة انها راضية كل الرضا عن نفسها ؟
[/align]
|