بداية أساهم تدريجيا ببعض الأمثال المغربية وأقدم لها مقارنة بسيطة بنظيرتها الأندلسية
آملة أن ألقى لها مثيل بلهجة أهل المنتدى أو لهجات عربية أخرى
شَنْعْتُو عْلِيَّ ما غْطَى وَدْنِيَّة (مغربي)
اسْمُ عْلِيَّ وْ لاَ غْطَى رَجْلِيَّ (أندلسي)
م. شَنْعْتُو: الشنعة؛ الشهرة
وَدْنِيَّه: الأذن
أ. اِسْمُ عْلِيَّ: أحمل اسمه
رَجْلِيَّ: الرجل جمع أرجل
هذا المثل متطابق معناه ومبناه مع اختلاف في المفردات؛ مرده نصيب اللهجة من الرقي مقارنة باللغة العربية؛ إذ نجدها في الصيغة الأندلسية تقترب منها؛ في "اسمُ عْلِيَ"؛ و هو لفظ يدل على انتقال كنية الزوج إلى المرأة بعد عقد القران عليها فيقترن اسمها باسمه.
في حين أن "شَنْعْتُو عْلِيَّ" في الصيغة المغربية لفظ غريب عن اللغة العربية و معناه مرتبط بالافتخار وعلو الهمة.
كما نجد اختلافا في قفل المثل في كلا اللهجتين إذ يحمل كذلك رداءين لفظيين مختلفين؛ فالمقصود ظاهريا ب "مَا غْطَّى وَدْنِيَّه" في الاستعمال المغربي هو الشعر الذي يُتباهى في وصفه كثافة وانسيابا إلا أنه لا يغطي الأذن؛ التي يراد بها الوجه الذي يصبح مكشوفا لقصر الشعر.
اما لفظ "غْطَّى رَجْلِيَّ" في اللهجة الأندلسية فيراد بها الرداء؛ الذي يكسو المرأة إلى أخمص قدميها إشارة إلى لباس المرأة الأندلسية المسلمة.
و المثل في كلا الصيغتين المغربية و الأندلسية وارد في معناه الظاهر بلسان المرأة؛ التي تعاني من تقصير في معاملة الزوج لها، قد يكون تقصيرا ماديا أو معنويا أو هما معا، فيكون بذلك لون من التعبير تنفس به المرأة عن ما يضيق به صدرها؛ ولا تستطيع الإفصاح عنه، لما كان يحمله الواقع من قمع لها.
لكنه يضرب أيضا في أحوال الامتلاك المختلفة التي لا تدر نفعا؛ كامتلاك دار لا يسكنها صاحبها، ولا ينفعه محصول كرائها لسد حاجته، أو إدارة تجارة كاسد ريعها، أو تقلد منصب تكثر فيه المسؤولية وتقل فيه المردودية المادية.
ونلاحظ أن هذا المثل "شَنْعْتُو عْلِيَّ ما غْطَى وَدْنِيَّه" قالب ذو حمولة دلالية غنية يلبس اللفظة أكثر من معنى؛ ف"شَنْعْتُو" يراد بها الشعر و "وَدْنِيَّه" يراد بها الوجه، والوجه يراد به الزوج، والزوج يراد به مختلف أوجه الحياة التي لا تجدي نفعا.
و قد ورد مسجوعا يطرب له السمع، موجزا خفيف النطق، مكثفا يعبر بقليل عن كثير؛ وهذه من خصائص المثل التي ساهمت في انتشاره، وتداوله لواقعية فكرته وإيجاز لفظه وبساطة تركيبه وسهولة نطقه؛ وعليه ينطبق قول النظام: "يجتمع في المثل أربعة لا تجتمع في غيره من الكلام؛ إيجاز اللفظ وإصابة المعنى وحسن التشبيه وجودة الكناية فهو نهاية البلاغة".