التسجيل قائمة الأعضاء اجعل كافة الأقسام مقروءة



 
القدس لنا - سننتصر
عدد مرات النقر : 138,758
عدد  مرات الظهور : 163,653,487

اهداءات نور الأدب

العودة   منتديات نور الأدب > مـرافئ الأدب > قال الراوي > الرواية
إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 03 / 04 / 2020, 21 : 04 PM   رقم المشاركة : [11]
Arouba Shankan
عروبة شنكان - أديبة قاصّة ومحاورة - نائب رئيس مجلس الحكماء - رئيسة هيئة فيض الخاطر، الرسائل الأدبية ، شؤون الأعضاء والشكاوى المقدمة للمجلس - مجلس التعارف

 الصورة الرمزية Arouba Shankan
 




Arouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond repute

رد: رفقة الأمس

6

هبطت ستائر الليل بمخملية بانورامية ترصد سحرها العدسات الذكية بعد حفل عشاء صاخب، شاركت فيه مختلف انواع الموسيقى، لم ألمح "مانويل"ولا صديقته، ربما سيطول مكوثها أما أنا فعلي حزم حقائب العودة، والسفر بعد 48 ساعة، تناولت كاس عصير من البرتقال من أمامي ونهضت لأستمتع ببرودة وصفاء سماء الخريف في هذا الليل الأيلولي.
ـ كم هو غجري ليل أيلول، التنزه فيه يثير المشاعر بفوضوية، يلقي بنسائمه الحيرة والدهشة، تتوسد أوراقه الصفراء صفحات الماء الرقيقة، فوق البحيرات والأنهار، تنجلي الأتربة عن الأسطح القرميدية، تغسلها زخات ماطرة تهيئها لغيم تشرين السارح الذي يرطب الخواطر الحزينة، يغسلها ينقي الوجدان من الحقد، والنفوس من الدنس، والصدور من الوسواس الخناس.
ـ في أيلول"ياصديقي" كُتب لنا أن نلتقي، ونزرع الدروب وروداً، ما أجمله من لقاء حار الدمع بوصفه، كلماتنا طفولية شفافة كما قلبينا، أتكئُ على يدك، وتتكئُ على كتفي، ويخضر الأمل في عيوننا، كبرنا ياألم القلب، وكم ادمتنا أشواك الأمس! كبرت ابنة الأربعة عشر ربيعاً، بعد صلوات طويلة بأن تكبر وطارحها زهر الخريف الغزل، وعتق شفافها بكرز الأمنيات.
ـ ألقت بعباءتها لأيلول، قبل أن يورق فيها حلم الطيران بدون أجنحة لعالم مهموم تريد أن تمسح الحزن عن مراياه الساطعة، وأهدت حبيبها باقة ورد لدى عناقها إياه وغادرت على غفلة من غفوته تاركةً له فوق وسائده روائح من عطرها تذكره بموعدها أواخر أيلول، وكبرنا يا صديقي..كبرنا لنستنجد بالشمس، ونور القمر، كبرنا وأُمنياتنا كبرت معنا ها نحن عُدنا التقنيا بعد فُراق، وما تبدلت الأحوال.
ـ وسط هذه المشاعر التي تمايل لها النسيم بارداً، تقدم نحوي شاب في مُقتبل العمر وألقى عليّ تحية المساء بكل أدب ـ بادلته التحية بدوري، وانشغلت عنه بمداعبة برعم من الجوري، نسيته الريح فلم تعصف بعبقه الذي يتسلل الذبول إلى قلبه رويدا رويدا، تمايل بين أناملي مستغيثاً لأستسلم لصخب الطبيعة وتبدل فصولها الماء لن يعيد له الحياة!
نظرت إلى الشاب فإذا به يدعوني لأجلس على طاولة في أحد اركان الحديقة المغلقة، حيث كان "مانويل"ينتظر لقائي قبل أن تنتهي إجازتي، توجهت إليه بهدوء متصنعة نسيان فتاة الثلج تلك التي أشعلت في قلب وعقل جاري حنين الحكايات التي كان يرويها لنا مسني الأحياء العتيقة عن "أرض الميعاد"، اِقتربت منه لأجلس على الكرسي الذي وقف وراؤه مفسحاً لي مساحة كافية لأجلس، ثم عاد ليجلس أمامي، بعد أن أشار للشاب بالابتعاد عن مساحتنا الدافئة خلف براعم الزنبق الأصفر، وعلى ضفاف الورود العطرية البيضاء والحمراء التي يكتنزها أيلول لمحبي الإبحار في أيامه المثيرة.
تبادلنا عبارات الإعجاب والإطراء، لم أشأ أن أبدأ الحديث بأي عبارات لوم، أو شكوى أو عتب، أردنا إنهاء لقاءنا في هذه الرحلة بشكل ودي للغاية وأخويّ، فلم يكن بيننا أي موعد سابق لنلتقي هنا في واحة أيلول التي احتضنت تناقضات الطبيعة، واختزلت مواسمها العطرية التي أهدتها لزوارها ندية رطبة، تمسح عن الجباه تعب المدينة الذي هربوا منه قاصدين الراحة والاستجمام بين أحضان الطبيعة الغناء.
هاهو مانويل يعود ليكمل مابدأ به بداية الرحلة من حديث، كان الأسى يعتصر قلبي حتى أوشك دمعي على أن ينسكب
لكنني داريت ذلك عنه، لقد نسق وحزم أمره وهو على بعد خطوات من تحقيق حلمه، هي جلسة وداع إذاً؟رمقني بنظرة تستدرجني للحديث معه، والإفصاح عنا يجول بخاطري، لكنني تمالكت نفسي وأسرفت بالنظر للبعيد متجاهلة عينيه الملتهبتين، ثم أردفت قائلة عليّ حزم حقيبتي استعداداً للعودة إلى منزلي، ومد يده بإشارة على الموافقة سرعان ما توقفت مبتعدة لأدخل صالة الفندق متوجهة إلى غرفتي أريد ترتيب حقيبتي والنوم.
دخلت الغرفة متعبة، صداع خفيف يحتاج لمسكن يريحني حتى الصباح، تناولته واستلقيت مسترخية فوق السرير حتى ساعات الصباح الأولى، شعرت بشيء من التحسن والنشاط الممزوج قلقاً من الساعات القادمة هذا القلق كان وراؤه مانويل إثر حديثه ليلة امس شعرت بالكآبة والتوتر.
جلست خلف النافذة المطلة على الجبل، في غرفتي الأنيقة التي كانت دافئة، بعثت في نفسي الرغبة في الاستلقاء في حوض الاستحمام، غير ان اقتراب موعد تناول وجبة الفطور جعلني أعيد النظر في كبح هذه الرغبة التي أجلتها للمساء. هيأت نفسي للتوجه إلى مطعم الفندق الذي كانت طاولاته تذخر بألذ الأطباق والمشروبات، غادرت الغرفة بعد أن تأكدت من إغلاق نافذتها، وحزمت حقيبة السفر استعداداً للعودة، بعدها توجهت إلى المطعم الذي اكتظ بنزلاء الفندق حجزت لي طاولة مطلة على نهر أودعته الأشجار وأحراج الطبيعة أسرارها فألقت بأوراقها بكل ماتحمله من وشوشات لتطوف بها صفحة مياهه الساكنة، تناولت كأساً من عصير البرتقال، ورحت أتامل هدأة الصباح البارد لمحت وجه مانويل وفتاة الثلج عبر اللوحات الزجاجية، عدت بهدوء إلى طاولتي ومعي كأس البرتقال، وضعته فوقها وتوجهت إلى البوفيه ليتبعني "مانويل وصديقته" بشكل عفوي وقفنا وراء بعض، وتناو لكل منا طبق واخترنا ما اخترناه لوجبة الصباح ثم عدنا إلى حيث اختار كل واحد أن يكون في هذا الصباح الخريفي.
على عجل تناولت وجبتي الصباحية، وتوجهت قبل أن يتبعني جاري إلى الصالة الرئيسية للفندق باتجاه الحديقة المائية المغطاة بألواح زجاجية تتساقط فوقها أوراق أيلول بشاعرية ممتعة، على أطراف حوض الماء توزعت كراسي للاسترخاء وتوسط الحوض دلافين راحت تتمايل على وقع الموسيقى، كم ممتع هذا الصباح وكل صباح يبدأ بالموسيقى لاأحد يعلم كيف ستكون الصباحات الأيلولية لو لم تكن الموسيقى وأوراق أيلول؟
استلقيت فوق كرسي طويل، ورحت أراقب حركة الدلافين لأفاجأ بفنجان من القهوة يصل من مانويل وصديقته، على مايبدو هو فنجان "مع السلامة" هكذا حدثت نفسي التي شغلتها بمتابعة رقص الدلافين الاستعراضي الذي يشبه رقص حوريات البحار التي قرأناعنها في القصص المصورة وشاهدناها عبر القنوات الفضائية.
ماهي سوى لحظات حتى دخل إلى الحديقة المائية الشبان الثلاثة وعلى الفور سارعت في الابتعاد بينما عيونهم بقيت تراقب خطواتي حتى وصلت إلى المصعد متوجهةً إلى غرفتي التي ما إن وصلتها، حتى استلقيت فوق السرير مطلقةً العنان لأفكاري وتوجساتي راسمة الإنطباع عن رحلتي، متأملةً سقف وجدران المكان الهادئ الجميل الذي سيلازم ذكرياتي فترةً من الزمن، هاهي الساعة تقترب من الحادية عشر تسلل نعاسٌ خفيف إلى عيني استسلمت له بإغماضة هادئة وغفوت حتى تمام الساعة الثانية عشر!
نهضت وأنا أشعر بنشاط ممتع، يشجعني على التجوال بين أشجار الغابة المجاورة، استبدلت ملابس الصباح، بملابس
رياضية وعدلت من تسريحة شعري، وتوجهت بهدوء إلى باب الغرفة الذي ما إن فتحته حتى فاجأني وجه "مانويل"وكأنه كان على وشك اقتحام الغرفة، وظهوري أمامه أحبط شيئاً ما، خرجت مسرعةً إلى البهو، تاركةً باب الغرفة مفتوحاً استدنيته باتجاهي بمحاولة مني لمنعه من دخول غرفتي وكأنه فهم قصدي، ابتعد مشيراً لي بإغلاق باب الغرفة والتوجه معه، وهذا ما حصل.
أغلقت باب الغرفة بسرعة، وتوجهت مع مانويل باتجاه إحدى صالات الفندق، حيث كان بانتظاره صديقته والشبان الثلاثة الذين حاولت الفرار من أمامهم عبثاً.

يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــع
توقيع Arouba Shankan
 

مازلت ابنة بلاط رباه في أعالي المجد بين الكواكب ذكره
أحيا على نجدة الأباة ..استنهض همم النبلاء.. وأجود كرما وإباءً
Arouba Shankan غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 03 / 04 / 2020, 08 : 06 PM   رقم المشاركة : [12]
Arouba Shankan
عروبة شنكان - أديبة قاصّة ومحاورة - نائب رئيس مجلس الحكماء - رئيسة هيئة فيض الخاطر، الرسائل الأدبية ، شؤون الأعضاء والشكاوى المقدمة للمجلس - مجلس التعارف

 الصورة الرمزية Arouba Shankan
 




Arouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond repute

رد: رفقة الأمس

انقضى شهرأيلول ومعه انقضت أيام الإجازة، في اليوم الأخير من العطلة استيقظت على وقع حبات المطر وهي تنقر نافذة الغرفة بإيقاع متناغم كان صباحاً ندياً حصد أوراق الشجر عن أغصانها الذابلة، وعن الأرصفة والمنعطفات الجبلية، الغيوم سابحاتٌ، تعتلي قمم الجبال التي انفردت باستقبال ندف الثلج والشمس غادرت لمستقرٍ لها، هي أبجدية الطبيعة منذ أن أراد الإله للخليقة الحياة!
سافر أيلول ومعه مسافرة أنا، فتحت باب الغرفة مغادرةً لأجد تبدلاً ملموساً في أجواء الفندق بدأ النزلاء بارتداء المعاطف الشتوية وحمل المظلات المطرية كأنها مهرجان تتنافس فيه الألوان والتصاميم شمسيات مخططة أومنقوشة بأشكال هندسية أو عليها رسوم حيوانات أليفة، مناظر تدعو للتسلية يتم مراقبتها من داخل الفندق، توقفت لتسليم مفايتح غرفتي بينما تم حمل حقيبتي إلى حيث العربة، استدرت مبتعدة نحو الباب الرئيسي، لأشعر ببرودة لاسعة درجات لقد بدأت درجات الحرارة تميل للانخفاض! فتحت باب السيارة لأبدأ مسير ة العودة إلى منزلي سرعان ما أدرت المحرك ثم أشعلت التدفئة ما إن خرجت من فناء الفندق الخارجي حتى شعرت بالدفء يملأ السيارة نزعت معطفي، وانعطفت باتجاه المدينة بكل هدوء وروية.
كان طريق العودة رطباً، تغسل قطرات المطر زجاج سيارتي الأمامي بكل انسيابية، وفوقي السماء رمادية داكنة، غيمة ماطرة وأخرى سابحة، أشعر بغصة كبيرة وعلى وشك أن أبكي، لاأعلم لِم خلق في نفسي هذا الضباب الشعور بالقلق بعض الشيء، لدي رغبة كبيرة في البكاء وأكاد أختنق انعطفت إلى اليسار لأتوقف وأستجمع قواي لمحت استراحة أنيقة الديكور ذات ألوان هادئة وجذابة، توقفت ونزلت من السيارة باتجاهها.
دخلت من الباب الرئيسي للاستراحة، كانت دافئة تزينها نباتات خضراء من كل جانب وزاوية، نظافتها طاغية، ذات أرضيات رخامية لم تكن لي رغبة بارتشاف قهوة أو شرب أي نوع من العصير، توجهت إلى دورات المياه غسلت وجهي وعدت أدراجي لمتابعة مسيرة العودة، لفت انتباهي "مانويل" بسيارته برفقة فتاة الثلج، تتبعه سيارة ذات لون أزرق يستقلها الشبان الثلاثة، استقليت سيارتي وأدرت المحرك متابعة مسيرتي إلى المدنية..
مازلت أصارع شعور الإحباط والقلق، أدرت المذياع لأستمع لآيات من القرآن الكريم، شعرت بسكينة نوعاً ما تنزلت على قلبي، استدرت بعيني دامعتين رهبة وخشوعاً على الناحية اليسرى لأتفاجأ بسيارة "مانويل" وهي تنحرف عن مسارها لتصطدم بجذع شجرة، انعطفت يميناً لأستطلع ما الأمر، على مايبدو فقد السيطرة على المكابح وانعطف يساراً ماهي سوى بضع لحظات حتى بدت السيارة وكأنها ترجع إلى الخلف باتجاه الوادي وبداخلها مانويل وصديقته وقد ارتطم رأسيهما بالوسائد الهوائية.
تسمرت أوصالي من هول المشهد!لقد انحدرت السيارة بمانويل وصديقته نحو الوادي وقبل أن يسمع دوي انفجار ٍ كبير ابتعدت مسرعة سيارة الشبان الثلاثة وسط حشد السيارات الذي توقف مصدوماً من هول المشهد!كان صوت ارتطام السيارة بالوادي مدوياً رافقه رعد السماء قوياً منذراً بعواصف ماطرة، وشتاءٍ قاسٍ جداً.
هي تداعيات صفقة القرن، أو صفعة القدر، أن تعصف بمانويل وصديقته هذه الحادثة الأليمة، لقد غادرا الحياة على
عجل، مع بدايات تشرين وانسكاب المطر فوق خدود الورد الجوري، ومع عبور القلوب إلى الضفاف الأخرى من القلب باتجاه الشمس، ترجل من سيارتي مطبقة الشفاه، كانت مختلف الأشياء أمامي تتدحرج، الناس والسيارات وأوراق الشجر، تلاشى جسد جاري وصديقته، كما تلاشت أمامي عشرات الأسئلة التي صِغتها أثناء إقامتي في الفندق.
تشرين تبدل فيك كل شيئ، الشمس والقمر، الليل والنهار، الصباح والمساء، اليوم والأمس، الطاقة والنشاط، الحب والكراهية، الإخلاص والوفاء، المطر والغيوم، خطوات المارة، وحكايات المسير، هاهي جثثهم هامدة ملقاة أسفل الوادي بدون حِراك أو أنفاس!شهد نهار هذا اليوم حادث أليم غادرنا مانويل وصديقته إلى حيث يليق بهما من مقام كبير أو صغير، جميل أو قبيح، جحيم أو فردوس، الله أعلم!
مر الشبان الثلاث على عجل، منزلين العقاب على "مانويل وصديقته" واتجها كما الشهاب الماطر إلى أرضٍ ثانية، إلى عالم آخر يبحث عن الفضيلة والوفاء فوق أرصفة الوجود الإنساني، تغيبت خطواتهم خلف الأفق البعيد الذي ارتسم بابتسامة وردية حالمة تعد الأجيال القادمة بأرضهم التي سيعودون إليها يوماً ما.
أدرت محرك السيارة مبتعدة عن مكان الحادث، بدأت قطرات المطر بالهطول من جديد فوق المنحدرات والتلال والوديان الندية، المنعطفات كانت ساكنةً، والأشجار كانت عاريةً وقلبي كان قلقاً حزيناً تنخر بين ضلوعه وخزات مؤلمة كلما انعطفت مقتربة من المدينة، لقد حدثني قلبي بأمر مانويل، وحذرني من الاِقتراب منه كثيراً، كُنت على يقين بأنه يخطط لضرب هدفٍ ما، وبأنه لم يعد إلا لأمر غاية في الأهمية، لقد ابتعدت عن وجوه الشبان الثلاثة ليقيني بملامحهم العربية التي لها رسالتها ولأجلها نذروا أنفسهم.
بدأت زخات المطر بالتراجع شيئاً فشيئاً، الطريق إلى المدينة ماتزال بعيدة ورغم تعبي لم أجرؤ على التوقف بأي استراحة، أشعر بشيء من الخوف والقلق عليّ التوقف لبضع دقائق، لكنني أخشى من "مانويل"جديد ومن أشياء أخرى تحول دون وصولي إلى المدينة قبل حلول الليلّ، تابعت طريقي مرغمة، تحت سماءٍ داكنة السُحب، ماطرة حيناً وعاصفةً حيناً آخر.
أتخيل جثامين "مانويل وصديقته"أتسائل كيف لعربات الحياة أن تُطوى فجأة بدون موعد، تسلب الروح ليهوي الجسد بلاحِراك؟ساعات قليلة ويوارى الجثمانين الثرى، لايسترهما سوى قطعة قماشٍ صغيرة، ثم يُذرف التراب فوقهما ذرات ذرات، يتأهب الموتى لاستقبالهما، انقطعت الصلة بالحياة وتمت كلمات ربك.
لم أدر كيف توقفت عن متابعة المسير، أشعر بأنني متعبة جداً نظرتً إلى جانبي الطريق وجدت مطعماً خشبياً أنيق الطلة توقفت على مقربةٍ منه ونزلت من السيارة ما إن وصلت أمام الباب الرئيسي ألقيت نظرة إلى داخله كانت تتوسطه مدفأة خشبية اتقدت بداخلها أعواد الحطب، وعلى جانبيها اصطفت طاولات بترتيب ريفي، وفوق الأرضيات سجادات يدوية برسوم قوقازية وشيرازية، أما على النوافذ ستائرٌ من الكتان السادة، دخلت ببطء شديد إلى القاعة كانت تشع دِفئاً جلستُ على مقربة من النافذة متلفتة يميناً ويساراً إنه مطعم أنيق بالغ مالكه بأناقته ليشد انتباه المارة إليه طلبتُ كأساً من الشاي سرعان ماحضر طلبي، كان ساخناً دافئاً استمتعت برشفه كثيراً.
دفعت الحساب، وخرجت إلى سيارتي مُسرِعةً خشيةً أن أتعثر بحدث يُعيق
وصولي إلى المدينة قبل حلول الظلام، كان المساء قد بدأ يسدل بستائره
بارداً، كانت الدروب ساكنة، والسماء ملبدةً بالغيوم، الشوارع رطبةوالأشجار التي كانت تجعل من المنعطفات سياجاً أخضر فوضوي الصفوف، بدت عارية تئن برودة، والتلال غطت أفقها قلنسواتٌ بيضاء والمروج التي طربت خلال شهور الصيف بخطوات محبي الطبيعة قاحلةٌ جرداء، أما قلبي قلعة صامدة لا تقوى على كسرها مصائب الزمان.
ومرت ساعات الرحلة بهدوء، بعد عاصفة من أحداث عصفت بصباحها الأخير!ما إن لاحت من بعيد مشارف المدينة بمبانيها الشاهقة بدأت المطر بالهطول بشكل خفيف، تبعه صوت إقلاع طائرة كلما اقتربت سيارتي من دخول المدينة كان يعلو صوت محركها وهي تعلو ثم تعلو عالياً، ظهرت أمامي وهي تحلق باتجاه ديمات تشرين لتبدو كما صقر يعلو متحرراً من قيود الجاذبية متوجاً حارسِاً للسماء، حمل على متنها شبان العملية الصباحية عائدين إلى ديارهم مع تبدل المواسم التي معها تبدلت طقوس اللقاءات اليومية وتغيرت مباهج الحياة الدنيوية.


تمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــت
توقيع Arouba Shankan
 

مازلت ابنة بلاط رباه في أعالي المجد بين الكواكب ذكره
أحيا على نجدة الأباة ..استنهض همم النبلاء.. وأجود كرما وإباءً
Arouba Shankan غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 04 / 04 / 2020, 17 : 01 PM   رقم المشاركة : [13]
خولة السعيد
مشرفة / ماستر أدب عربي. أستادة لغة عربية / مهتمة بالنص الأدبي


 الصورة الرمزية خولة السعيد
 





خولة السعيد will become famous soon enough

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: رفقة الأمس

رائعة جدا قصتك عروبة ومؤثرة أيضا..
دمت مبدعة متألقة وأنتظر منك عطاء مزيدا ليزيد معه استمتاعي..
تحيتي ومودتي
خولة السعيد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 04 / 04 / 2020, 59 : 02 PM   رقم المشاركة : [14]
رشيد الميموني
أديب وقاص ومترجم أدبي ويعمل في هيئة التدريس -عضو الهيئة الإدارية / مشرف عام على المنتديات والأقسام / نائب رئيس رابطة نور الأدب


 الصورة الرمزية رشيد الميموني
 





رشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: رفقة الأمس

أتابع بشغف ولي عودة
دمت مبدعة ودام سردك الشيق بهذا النفس الرائع
مودتي
رشيد الميموني غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 05 / 04 / 2020, 07 : 10 PM   رقم المشاركة : [15]
ليلى مرجان
موظفة إدارية-قطاع التعليم العالي-حاصلة على الإجازة في الأدب العربي

 الصورة الرمزية ليلى مرجان
 





ليلى مرجان is on a distinguished road

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: رفقة الأمس

قص فيه من الروعة والإبداع ما يشد الانتباه
شكرا لك عروبة على الإمتاع.
ليلى مرجان غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 06 / 04 / 2020, 09 : 02 PM   رقم المشاركة : [16]
Arouba Shankan
عروبة شنكان - أديبة قاصّة ومحاورة - نائب رئيس مجلس الحكماء - رئيسة هيئة فيض الخاطر، الرسائل الأدبية ، شؤون الأعضاء والشكاوى المقدمة للمجلس - مجلس التعارف

 الصورة الرمزية Arouba Shankan
 




Arouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond repute

رد: رفقة الأمس

كل الشكر لمن مر وترك تعليقاً
بانتظاركم على الدوام
توقيع Arouba Shankan
 

مازلت ابنة بلاط رباه في أعالي المجد بين الكواكب ذكره
أحيا على نجدة الأباة ..استنهض همم النبلاء.. وأجود كرما وإباءً
Arouba Shankan غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 28 / 04 / 2020, 41 : 02 AM   رقم المشاركة : [17]
محمد الصالح الجزائري
أديب وشاعر جزائري - رئيس الرابطة العالمية لشعراء نور الأدب وهيئة اللغة العربية -عضو الهيئة الإدارية ومشرف عام


 الصورة الرمزية محمد الصالح الجزائري
 





محمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: الجزائر

رد: رفقة الأمس

اقتباس
 عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ] المشاركة الأصلية كتبت بواسطة arouba shankan
رِفقة الأمس

تنتابني نوازع حنين لذلك الشارع المؤدي إلى منزلهم المتواضع الأنيق، الذي ضم عائلتهم على مدى عقود طويلة، عايشنا حياتهم وميولهم، دخلوا قلوبنا، وتمازجت ثقافاتنا لم يعد يخبرني عن يومياته، ولم تعد أمه تتوسل الزمن أن يوقف نبضها إثر قراراه بالابتعاد، والسفر حيث المحيطات والبحار والناس شعرت بالامتعاض وعدت أدراجي إلى منزلنا الذي يقع على بُعد أميال من منزلهم، ولم نعد نتواصل إلا صدفة ورويداً رويداً انقطع نبض التواصل بيننا!
غادرت إلى أصقاع الأرض بدوري برفقة أحزاني إلى مدينة بعيدة عن مساحات آماله وتطلعاته، انشغلت بالعمل، وشغلني العمل عن كل شيء، عن سماع الأغاني العاطفية وعن المشي بين المنحدرات الجبلية وابتعدت عن الساحل المؤدي إلى منزلنا الصيفي، مرت الأعوام لأشعر بشيء من الإنقباض، غادرت مكتبي باكراً، خرجت من المبنى لألمح طيفاً أنيق الطلة وسيم المحيا، يقترب من باب المبنى الذي خرجت منه، لم أشأ الإنشغال بالقامة الطويلة، وبسرعة توجهت إلى سيارتي التي لسعتها الشمس بحراراتها عصفت بي ذكريات حينا المتواضع الذي لم يطق ساكنيه طلتنا اليومية التي اتسمت بالأناقة والرصانة.
كم كانت حقائبنا المدرسية تشبه تلك الحقيبة التي كان يحملها بيده ذاك الشخص طويل القامة، الذي دخل المبنى من لحظات قليلة، كانت تلقى كل إعجاب واهتمام من تلامذة مدرستنا الابتدائية، كان يتابعني بنظراته الجريئة حتى أدخل قاعة الصف، أضعها بكل تأني فوق المقعد لأخرج الكتاب المقرر للدرس الأول، كثيرا ما كانت تشعربالضيق من ترتيبي ونظافة حقيبتي زميلتي ليلى التي كان من النادر جدا أجده يقف برفقتها ليتحدث إليها.
وجدت نفسي عند نهاية الشارع المؤدي إلى سواحل المتوسط، انعطفت يساراً لأتوقف، ويتوقف شريط ذكرياتي مع جارنا وصديق طفولتي، نزلت من السيارة أبكي من وله على تلك الأيام الغوالي، لأطلق العنان لأقدامي ركضت وركضت وركضت، كانت الرطوبة تنعش الأجواء الصيفية، وكُنت على وشك الإنهيار، أخفيت رأسي المثقل بالهموم بين يدي اللتين اشتاقتا لعناقه والبوح له بآلامي ومشاكلي.
كان يعبر عن تعاطفه معي من خلال نثرياته الشاعرية، كنت أسترسل والأمل يضمد جراحي، أُعلل نفسي بغد من الأمنيات، كبرنا وابتعدنا ولم نعد نعلم عن أمسنا سوى بضعة سطور خطتها أقلامنا ذات أمسيةٍ تبادلنا فيها مر العبارات ومضى كل منا في قطار باتجاه ماتبقى له من محطات في حياته.
صحوت من أحلامي، لأتوجه إلى سيارتي أستدني الوصول إلى منزلي الذي ضج من صمتي، ومن مرآتي ومن كافة مقتنياتي دخلت إلى ساحة العمارة، كانت تبدو رتيبة هادئة، توقفت وتناولت حقيبتي ثم دخلت إلى المصعد بكل تأني وصعدت إلى شقتي في الطابق الخامس، شعرت بالزمن وأنفاسي على وشك أن يتوقفا عن النبض من رتابة الأجواء، ما إن توقف المصعد حتى خرجت مسرعة باتجاه شقتي لأتفاجأ ببطاقة أنيقة كُتب عليها "سيدتي حضرت ولم أجدك".
رافق قراءتي للبطاقة اتصال مفاجئ شغلني عن فتح الباب، وأدخلني في دهشة أكبر إنه جار الأمس الذي
وعدني بأن لانلتقي لأسباب عديدة، أما اليوم عاد ليطارحني الأمل، فتحت باب المنزل وعطر رجولته الذي راح ينسكب من البطاقة يتسلل من بين أصابعي مالئاً أرجاء الصالة التي كانت تحتاج إلى فتح جهاز التبريد الهوائي ليسري بالمنزل بعض من الأجواء الباردة المنعشة.
ما هي سوى لحظات حتى شعرت بكيان المنزل ينقلب حاله، لقد بدا كل شيء متوهجاً، وأحواض الزرع مبتهجة تحضن ابتسامتي براعم الغاردينيا، لقد امتزجت رائحة عطره برائحة زهري المفضل، أحاسيس مفعمة بالسعادة والأمل رافقتني وأنا أُعيد قراءة البطاقة الأنيقة"سيدتي حضرت ولم أجدك" ياله من شعور فياض ساورني بعض القلق لم عاد"مانويل"بعد هذه السنوات؟!
أوصدت على الماضي نوافذ الأمس، عادت لتقلب كياني بطاقة ببضع عبارات، أوقدت نار الذكريات، وفتحت أدراج الطفولة، ناولتني حقيبتي المدرسية وأعادت لشفاهي أناشيد الطليعة، وبهجة تحية العلم!
حل مساء المدينة ناعساً، سكون حينا كفيل بمنح الزائر هدوءاً يقضي على رهبة اللقاء الأول بعد طول غياب، هي كلمات ضيفي التي عبرعنها بعد جلوسه في صالة منزلي الذي انتظرته في تمام الساعة التي حددها لزيارتي، تعثرت كلماتي وأنا أبادله التحية إنه الشخص طويل القامة الذي صادفته ظهر هذا اليوم عند مبنى مكتبي وأنا خارجة منه!
لم يشغل نفسه بمظهري، كما أنا لم أنشغل بعطره ولون ملابسه الحريرية، حافظ على حيويته وعلى روحه المرحة كما حافظ على وعده بزيارة "أرض الميعاد"التي كثيراً ما شدته حكايات مُسني حينا الذي حضن أولى خطواتنا الطفولية!ما إن غاردر المدينة توجه إلى أوربة الغربية ليتثنى له السفر إلى هناك بعد حصوله على جنسية أوربية، كان له ما أرادغير أن نار الثور لم تخمد بين ضلوعه، وحلم العودة مايزال راسخاً في كيانه!
تحدث عن حياته في النمسا، راقت له الضواحي القريبة من سويسرة، وتحدث عن زياراته لباريس وإيطاليا، وعن سفره إلى مصر ولقائه ببعض الأصدقاء الذين سافروا إلى أمريكا على أمل الهجر ة الدائمة إلى "الفردوس المفقود"وانقطعت أخبارهم عنه، قاطعت سرده لمسيرة حياته بعد الابتعاد عن مدينتي لأذكره بانتمائي وتمسكي بجذوري وهويتي التي أعتز بها كثيراً، نظر إلى مندهشاً تذكر مدى غضبي من هذه الأحاديث، التي توجع رأسي المهموم، كثيرة هي الأحداث التي عصفت به، وكبيرة هي المحن التي ألمت بي، لكنني لم أتغير ولم ألق لرياح التغيير أي أهمية.
بعد اعتماد اوربة لعملة اليورو كعملة موحدة بين دولها، أذكر كيف هاجرت عائلة "مانويل" إلى النمسا على أمل الهجرة الدائمة إلى "أرض الميعاد" تلك الأرض التي اسمها "فلسطين" كما حفظنا إياها شعرنا العربي وكما ضمتها خارطة الوطن العربي، وأذكر كيف قضيت تلك الليلة حزينة أبكي بحرقة. كلماتذكرت طفولتي مع "مانويل" أشرد كثيراً وقد تلبستني حالات من الهلع والقلق القسري.
مرت الأيام، كبرنا ولم تتبدل ياجاري، كما أ نا لم أتبدل، أناقتك وملامحك الأرستقراطية، جلستك وأنت تتحدث معي، آه كم أشعر بأنني أمام رجل يبحث عن أمل يحيا به عن شيء ما، عن وميضٍ يمنحه بارقة أمل بغد أفضل لكنه لن يأتي! الحياة لن تعود إلى تلك المساحات التي اغتالتها عصاباتهم، والزمان محال أن ينسى حناجر الغدر، تسأل العودة وعودتهم هي الأوّلى، هي القِبلة الأولى، وهي الحكاية التي على الأجيال القادمة خط آخر سطور فيها.
قطع تأملاتي الحزينة، يده وهي تمسح شعري، كنت مرهقة لكنني داريت عنه ذلك، إنني أشعر بأن الدم يغلي في عروقي جسمي واهن للغاية، لارغبة لي في الحراك أو التحدث إلى أي شخص، لكنني مجبرة بعد هذه الغيبة الطويلة أن اجلس وأنصت لمحدثي، ربما شمس الظهيرة هي السبب في ما أشعر به الآن؟
لم أشأ إزعاج ضيفي العزيز، تجلدت أمامه وشاركته شرب عصير التوت المنعش البارد، وبادلته نظرات الشوق والإعجاب وعبارات الإطراء بينما كانت تلازمني مسحات الخجل بكل وضوح، لم نتبدل صد وعجز عن مزج ثقافتين ورأيين وشخصيتين عايشتا أحداث وكوارث وماتزالا!
لم يتغير "مانويل"في عناده، وتطلعاته، وهفواته، ولم أتغير في حبي له، وفي رغبتي في تبديل آرائه، لم يتغير مظهري واهتمامي بمرآتي، ولم يتبدل وضعي آنسة إلى الأبد.
وينهض ضيفي ملوحاً بالذهاب، ليوقظ في قلبي مشاعر الخوف والقلق، سيبتعد وأعود لوحدتي، يالها من تعاسة، وقفت ممسكة بيده، لم أجرؤ على الاعتراف له بأني مللت الوحدة، وبأني معجبة به رغم تعارض أفكارنا، وبأنه الصديق المقرب مني مهما بالغ في تطرفه فإنني مبالغة في تصوفي.
اِنتصف ليل تموز الذي أوشك على الانقضاء، بدلت ملابسي ودخلت سريري متعبة ومجهدة، لقد نجحت في خداع صديقي بأنني بخير، لكنني أخطأت كان علي التوجه إلى المستوصف، لكنني ترددت كثيراً، بضعة قطرات من فيتامين سي ستجعلني أتماثل للشفاء غداً دون شك.
ما إن وضعت رأسي على الوسادة حتى تراءى لي صديقي، بدأت بإعادة سرد ماقاله أمامي، وبدأت الأفكار تعصف بي، تلج رأسي المثقل بدماء حارة، لم اقو على التفكير كثيراً حتى تسلل النوم إلى عيوني مداعباً أجفاني يدعوني للراحة والاستسلام للنوم حتى صبيحة اليوم التالي بكل سلام واطمئنان.

يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــع

قبل البدء في تناول النص نقدا ، أردتُ أن أقوم بمراجعته لغويا أوّلا مع بعض الملاحظات التقنية البسيطة المتّصلة بعلامات الوقف..
*إثر قراراه بالابتعاد: قراره...
*غادرت إلى أصقاع الأرض بدوري برفقة أحزاني: .....رفقة أحزاني...
*وضع النقاط المتتالية أو الفواصل المتتالية بدل الفاصلة الواحدة للفصل بين الأحداث من حيث الزمن ، وكمثال ما ورد في هذه العبارة : (وابتعدت عن الساحل المؤدي إلى منزلنا الصيفي(، )مرت الأعوام لأشعر بشيء من الإنقباض (، ) غادرت مكتبي باكراً، خرجت من المبنى لألمح طيفاً أنيق الطلة وسيم المحيا، يقترب من باب المبنى الذي خرجت منه)
(وابتعدت عن الساحل المؤدي إلى منزلنا الصيفي..مرت الأعوام لأشعر بشيء من الإنقباض .. غادرت مكتبي باكراً.. خرجت من المبنى لألمح طيفاً أنيق الطلة وسيم المحيا يقترب من باب المبنى الذي خرجت منه.)
*التي لسعتها الشمس بحراراتها :....بحرارتها...
*لم يطق ساكنيه طلتنا اليومية التي اتسمت بالأناقة والرصانة:.....ساكنوه .....
*الذي دخل المبنى من لحظات قليلة: ...منذ..
*التقديم والتّأخير أفسد وضوح السياق : ( كثيرا ما كانت تشعر بالضيق من ترتيبي ونظافة حقيبتي زميلتي ليلى التي كان من النادر جدا أجده يقف برفقتها ليتحدث إليها).
(كثيرا ماكانت زميلتي ليلى تشعر بالضيق من ترتيبي ونظافة حقيبتي..إذ كان من النّادر جدّا أن أجده يقف برفقتها ليتحدّث إليها).
*ما إن غاردر المدينة :...غادر...
*الغربية ليتثنى له السفر :...ليتسنّى...
*غير أن نار الثور لم تخمد بين ضلوعه :....الثورة....
*نظر إلى :...إليّ..
*كما حفظنا إياها شعرنا العربي وكما ضمتها خارطة الوطن العربي : ...حفّظنا.....ضمّتها....
هي الأوّلى، هي القِبلة الأولى:..الأولى..


توقيع محمد الصالح الجزائري
 قال والدي ـ رحمه الله ـ : ( إذا لم تجد من تحب فلا تكره أحدا !)
محمد الصالح الجزائري غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 28 / 04 / 2020, 57 : 02 AM   رقم المشاركة : [18]
Arouba Shankan
عروبة شنكان - أديبة قاصّة ومحاورة - نائب رئيس مجلس الحكماء - رئيسة هيئة فيض الخاطر، الرسائل الأدبية ، شؤون الأعضاء والشكاوى المقدمة للمجلس - مجلس التعارف

 الصورة الرمزية Arouba Shankan
 




Arouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond repute

رد: رفقة الأمس

لن أعلق أستحق النقد وأكثر أشكر تعليقك وتصويبك أ. محمد الصالح
عرفت الخطأ متأخرة هي آنات السرعة والعجلة وعدم المراجعة بشكل متروي
توقيع Arouba Shankan
 

مازلت ابنة بلاط رباه في أعالي المجد بين الكواكب ذكره
أحيا على نجدة الأباة ..استنهض همم النبلاء.. وأجود كرما وإباءً
Arouba Shankan غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 28 / 04 / 2020, 05 : 03 AM   رقم المشاركة : [19]
محمد الصالح الجزائري
أديب وشاعر جزائري - رئيس الرابطة العالمية لشعراء نور الأدب وهيئة اللغة العربية -عضو الهيئة الإدارية ومشرف عام


 الصورة الرمزية محمد الصالح الجزائري
 





محمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: الجزائر

رد: رفقة الأمس

اقتباس
 عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ] المشاركة الأصلية كتبت بواسطة arouba shankan
لن أعلق أستحق النقد وأكثر أشكر تعليقك وتصويبك أ. محمد الصالح
عرفت الخطأ متأخرة هي آنات السرعة والعجلة وعدم المراجعة بشكل متروي

رمضان كريم أختي الغالية الأستاذة عروبة...أنا أقوم بالمراجعة اللغوية أولا ثم أضع إلى جانبها بعض الملاحظات ، وفي الأخير أحمل مشرط الأستاذ الصوّاف لأنهال على النص (ابتسامة)..القصة مشوّقة حقا..انتظري من أخيك نقدا يليق بنصك (استمتع في الحجر المنزلي)..شكرا لك على رحابة صدرك وتواضعك ودماثة خُلقك..(صحّ سحورك)
توقيع محمد الصالح الجزائري
 قال والدي ـ رحمه الله ـ : ( إذا لم تجد من تحب فلا تكره أحدا !)
محمد الصالح الجزائري غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 28 / 04 / 2020, 18 : 03 AM   رقم المشاركة : [20]
Arouba Shankan
عروبة شنكان - أديبة قاصّة ومحاورة - نائب رئيس مجلس الحكماء - رئيسة هيئة فيض الخاطر، الرسائل الأدبية ، شؤون الأعضاء والشكاوى المقدمة للمجلس - مجلس التعارف

 الصورة الرمزية Arouba Shankan
 




Arouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond repute

رد: رفقة الأمس

رمضان كريم، وكل عام وأنتم بخير أشكر رحابة صدركم تمنياتي لكم بدوام الصحة والعافية
كنت بين شك ويقين من الفاصلة والنقاط للفصل بين الجمل لكنني اتبعت أراء آخرين المعذرة.
توقيع Arouba Shankan
 

مازلت ابنة بلاط رباه في أعالي المجد بين الكواكب ذكره
أحيا على نجدة الأباة ..استنهض همم النبلاء.. وأجود كرما وإباءً
Arouba Shankan غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الأمس، السفر، التواصل, رفقة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
رياض الأنس رشيد الميموني شرفة البوح وبيت العائلة النورأدبية 1206 15 / 11 / 2024 18 : 10 PM
قراءة في نص "رفقة الأمس" ليلى مرجان الـميـزان 13 03 / 10 / 2020 21 : 11 AM
مرايا الأمس... ختام حمودة شعر التفعيلة 3 14 / 09 / 2018 31 : 03 AM
وهم الأمس عزة عامر اعرض نصك للتصحيح اللغوي والإملائي 9 23 / 08 / 2016 08 : 10 PM
اللهُ أكبر مسعدالنحلة فضاءات الزاجل والنبطي والشعبي 0 20 / 05 / 2010 24 : 12 PM


الساعة الآن 56 : 10 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية

خدمة Rss ||  خدمة Rss2 || أرشيف المنتدى "خريطة المنتدى" || خريطة المنتدى للمواضيع || أقسام المنتدى

|