رد: روعة التعبير في القرآن : دعوة للتدبر والتأمل
" [...] فما أجمل نور الله إذ يتدفق على القلوب المحبة، فيضا من الكوثر الثجاج! فتشخص ببصرك الولهان تجاه مصدر النور، تتملى مشاهد الجمال في محراب المحبة! وإنما ذلك نوره العظيم بجماله وجلاله! فما أروع نوره سبحانه! ما أروعه إذ يتجلى مثَلُه في صفات الكمال، مثَل ولكن ليس له مثال! قال عز وجل :{الله نور السماوات والارض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الامثال للناس والله بكل شيء عليم} (النور : 35) ومهم جدا أن تعرف ان بعد هذه الآية المباركة، العظيمة، الجليلة، قال عز وجل مباشرة في الآية التي تليها: { في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والابصار} ( النور: 36) فكأن نور الله المذكور قبل إنما يهدي الله إليه هؤلاء الذين هم: ( في بيوت أذن الله أن ترفع)... الآية. وقد قال قبل ذلك: ( يهدي الله لنوره من يشاء ). إنهم هنا يدورون في فلك العبادة، بالغدو والآصال،لا يستطيعون منها فكاكا! كيف وها هي ذي قلوبهم معلقة بأنوار الله مع السبعة الذين يظلهم الله يوم لا ظل إلا ظله! ومنهم: ( رجل قلبه معلق بالمسجد، إذا خرج منه حتى يعود إليه!)
ويا لتعلق القلب إذا تعلق! والتعلق إنما هو الحب والهيام.. اذهب إلى حيث شئت! واشرد في التيه ما شةت؛فإنك لابد تعود!
تعود إلى قلبك،ونبضك، هذا المعلق هنا في بيت الله، يومض بالمحبة، ويتقد بالشوق!
إنه معلق هنا، تماما مثل مصابيح النور التي تتوسط فضاءات المحاريب الجميلة! [...]"
ص. 174/175 من كتاب جمالية الدين معارج القلب إلى حياة الروح. للدكتور فريد الأنصاري رحمه الله تعالى
|