قد تأكد بما لا يدع مجالا للشك أن إسرائيل سوف تحل كضيفة شرف على معرض باريس الدولي للكتاب والذي سيقام في الفترة ما بين 14 و18 من شهر مارس القادم وهو في ذلك سوف يسبق معرض تورينو في هذا التكريم للكيان الصهيوني حيث سيقام الثاني في الفترة ما بين 8 و12 من شهر مايو 2008.
وقد كانت هناك دعوة عامة وحملة من أجل مقاطعة معرض تورينو للكتاب، غير أنه قد بات من الضروري تكثيف هذه الحملة من أجل الإعلان عن مقاطعة معرض باريس حيث أن الوقت جد ضيق، حيث لم يعلن هذا التأكيد سوى منذ أيام قليلة...
أما فيما يخص حملة تورينو فقد أتت بثمارها على النحو التالي:
انطلقت الشرارة الأولى من الأردن فالبداية تزامنت وموقف الشاعر والروائي إبراهيم نصر الله الذي أعلنه من إحدى العواصم العربية (عمان) وذلك حينما وجه نصر الله إلى دار النشر الإيطالية التي قامت على ترجمة كتبا له، رسالة يعلن فيها موقفه عن رفضه المشاركة في معرض تورينو العالمي الذي تحتضنه إيطاليا كل عامين، وتشارك فيه دور النشر من كافة بلدان العالم، ويستقبل جمهوره هذا العام في الفترة من 8 إلى 12 من شهر مايو القادم. وهذه المقاطعة جاءت كصرخة احتجاج في مواجهة استضافة المعرض إسرائيل كضيفة شرف احتفالا بستين عاما على قيامها.
كما وجهت كل من جمعية الصداقة سردينيا ـ فلسطين، والاتحاد الديمقراطي العربي ـ إيطاليا نداءا إلى المثقفين العرب ونظرائهم في كافة أنحاء العالم تحت شعار:
قاطعوا معرض الكتاب فيتورينو ـ ايطاليا
وأعلنوا من خلاله مشاركة مجموعة منالكتاب الصهاينة في المعرض، في مقدمتهم الثلاثة المدللين في أوروبا و الأكثر ترويجا للصهيونية والذين يقومون بأكبرحملة تضليل لرأي العام الأوروبي بادعائهم العمل من اجل السلام وهم: دافيد جروسمان،واموس اوز، وابراهام ياهوشواه.
وأيضا رفض الشاعر اليهودي أهارون شبتايالمشاركة في المعرض طالبا شطب اسمه من قائمة المدعوين معتبرا (إسرائيل) كيانعنصري وهو لا يريد أن يكون ممثلاله.
وتلقت الجمعيات الثقافية والسياسية في باريس عاصمة الثقافة العالمية أمر هذه المقاطعة والنداء بحذر شديد حيث بدأت العديد من التساؤلات تطفو على السطح حول معرض باريس الذي سيقام في شهر مارس القادم، والذي سيسبق معرض تورينو، بطبيعة الحال، وجاءت الإجابات مبهمة معللة تارة ومؤيدة للفكرة تارة أخرى، فقد كان المطروح على الساحة الثقافية الفرنسية أن معرض باريس يتجه إلى ذات الفكرة التي يحملها معرض تورينو. لذا بدأت حركة واسعة من أجل مقاطعة الأخير، حتى يشكل صداها درعا واقيا لسقطة كي تثير زوبعة كبيرة حول معرض باريس والمثقفين العرب المشاركين. هذا وقد أعلن الاتحاد الأوروبي العربي للديمقراطية والحوار عن مساندته لحملة المقاطعة، وقد تبنتها المبدعة هدى الخطيب من خلال موقع نور الأدب، وتحمس كافة اقائمين على الموقع لها... وقد أتت الحملة بثمارها إلى جانب الدعوات الموجهة من الأردن، حيث صرح سعود قبيلات رئيس رابطة الكتاب الأردنيين ونائب رئيس الاتحاد العام للأدباء والكتاب
العرب: أن الكتاب والأدباء الأردنيين الذين تلقوا دعوات لن يشاركوا في المعرض احتجاجا على تكريم إسرائيل. فهذا الاحتفاء يعني استهانة بمشاعر الشعب الفلسطيني والشعوب العربية واستهانة بعذابات البشر الذين يقتلون كل يوم.
كما صرح محمد سلماوي رئيس اتحاد كتاب مصر والأمين العاملاتحاد الكتاب العرب بأنه أرسل رسالة احتجاج إلى اتحاد الكتابفي ايطاليا طالبا تفسيرا لمثل هذه الاستضافة "التي تعد استفزازا في وقت تحاصر فيهإسرائيل قطاع غزة كما أن استضافة إسرائيل في معرض للكتاب سابقة يمكن تكرارها ـ إذالم يتخذ الكتاب العرب موقفا رافضا ـ في معارض أكثر أهمية من معرض تورينو الذي لا أهمية له.
وقال انه سيقاطع معرضتورينو بشكل شخصي حيث سيصدر له كتاب مترجم إلى الايطالية وتلقى دعوة لحضور حفلتوقيعه بالمعرض "ولكن المقاطعة واجب في مثل هذهالظروف." وبشكل عام سوف يقاطع اتحاد الكتاب العرب المعرض كلية إذا ما استمر الأمر في اتجاه استضافة إسرائيل كضيف شرف.
وكردة فعل أولى أرسل مدير عام النشر في معرض تورينو برسالة عبر وكالات الأنباء يعبر فيها عن وجهة نظره حيث اعتبر ارنستو فيريرو أن "الأدب الأصيل هو زاد الإنسانية الذي لا ينتمي إلى هذا البلد أو ذاك ولا يحمل هذه الراية أو تلك فهو يسمو على القوميات " وأضاف في رسالته التي هي ردا على قرار رابطة الكتاب الأردنيين مقاطعة المعرض بسبب استضافة إسرائيل كضيف شرف هذا العام "أود أن أوضح أمرا مهما، وهو أن البلد حينما يستضاف في معرض تورينو الدولي للكتاب فهذا يعني دعوة كتابه ومفكريه وعلمائه ومؤرخيه وشعراءه وموسيقييه وكل أولئك الذين يسهمون في رسم الصورة الثقافية للبلاد على اختلاف الأطياف والمشارب وهذا ينسحب على إسرائيل التي تحتكم على ثقافة منفتحة أثبتت استقلاليتها عن المتغيرات السياسية" على حد قوله
واعتبر فيريرو في رسالته المفتوحة أن ثقافة إسرائيل "التي تحظى بتقدير في كل أصقاع الأرض وعلى الأخص في ايطاليا قد تميزت بموقفها الناقد واستعدادها للحوار والبحث" مذكرا بالمقال "الذي نشرته صحيفة لاستامبا قبل أيام بقلم ابراهام يوشوا ويفضح فيه الممارسات الإسرائيلية في الضفة الغربية" وتساءل "فهل يتعين علينا أن نخرسه هو أيضا؟ وما هو النفع الذي يمكن أن يجنيه الجانب الفلسطيني من ذلك؟" حسب تعبيره
ورأى ارنستو فيريرو ان "مطالبة كتاب سواء أكانوا أردنيين أو غير ذلك بحظر كلمة كتاب آخرين في محفل حر للتقابل يشكل مفارقة فريدة" مضيفا " يحدوني الأمل في أن يكون ما جرى ناتج عن لبس أو سوء فهم" واستطرد "أما إذا لم يكن الأمر كذلك فلاشك أن هؤلاء الكتاب ينتحلون هذه الصفة" وتابع " فليأتوا إلى تورينو في حال كانوا حقا كتابا ولن يحول معرض الكتاب الذي عرف بترحيبه بالتعددية دون حضورهم" على حد قوله.
وأعرب مدير النشر في معرض تورينو للكتاب في ختام رسالته عن أن " الملاذ الوحيد الذي بقي لنا في عصر يتجاذبه الحيف والعنف هو التقابل والحوار والبحث المشترك" وأضاف "كل من يقف في وجه هذا السبيل إنما يتصدى للإنسان ويسعى إلى إحداث مزيد من الكوارث" على حد قوله.
الآن يجدد الاتحاد الأوروبي العربي للديمقراطية والحوار ـ باريس، دعوته إلى تكثيف الجهد وإطلاق المزيد من النداءات عبر مواقع الانترنت والمدونات وأصحاب الأقلام الشريفة من أجل مقاطعة معرض باريس كما تورينو وإعلان هذه المقاطعة في أسرع وقت ممكن. وفي النهاية نحن لا نملك سوى العمل الجاد على منع هذه المهزلة السياسية والثقافية والإنسانية، غير أن الواقع سوف يفرض نفسه في نهاية الأمر، لذا نرجو استمرار الحملة وتتبع مسار المعرضين وكشف كافة المؤسسات العربية والكتاب العرب الذين سوف يباركون بحضورهم ويشاركون في الاحتفال بستين عاما على إقامة الكيان الصهيوني على أنقاض كافة المشاعر العربية من المحيط إلى الخليج.