اشتقت لهذه المساحة الهادئة من
الركن الهادئ
بعد سفر أقلام البوح كل إلى وطن جديد ومستقل أصبحت هذه المساحة
فارغة إلا من الأطلال ..
وأنا التي لا تطيق الوداع ولا تطيق رؤية الأطلال .. لم أهجر هذه المساحة
إلا لغرض في نفس يعقوب ..
فكرة كانت تراودني منذ فترة طويلة ولكني كنت أخشى أن أقحمها في وسط
أجواء البوح فتفقد الغاية من وجودها وقد يظنها البعض بوحا ً وهي ليست كذلك
طالما أن الأقلام التي كانت ترغب بالبوح أو تراود نفسها على البوح قد استقرت
في مواطن بوحها فلا بد أن أعلن عن ولادة فكرتي هنا في هذا الركن الهادىء
وهي فكرة أن نكلم أنفسنا ..
على صدر أمي
تضيق بنا الحياة ذرعا ً .. تصعب علينا .. لا يوجد
صدر حنون نبكي عليه .. لا يوجد كتف بار نستند إليه في الشدائد .. لا يوجد من يكفكف الدمعة
من يهدهد الآهة ..
لا يوجد سواك يا حرف فهل تستوعب كل هذا ؟
هل تستطيع أن تكون حضن الأم في لحظات الغياب ؟
هل تستطيع أن تكون صدر الأب .. كتف الأخ .. أذن الأخت .. ؟
هل تستطيع يا حرف أن تكفكف الدمعة ؟
في يوم ما فوجئت بأن الصدر الحنين الذي أبكي عليه كل يوم وأبثه همومي وأوجاعي
التي قد تبدو للبعض صغيرة وربما تافهة .. لكنها لي كانت موجعة .. كان صدر أمي هو ملجئي
وملاذي .. كنت أبوح لها وأفضفض لها وأشتكي لها وأثور عليها وأبكي أمامها وأصرخ في وجهها
وأضحك معها وأضحكها وأسري عنها وتسري عني وتخفف عني كل وجعي وأعود طفلة
صغيرة ليس لها من هم في الدنيا سوى تسريح شعر دميتها ..
قالوا لي قبل أعوام أمك مريضة بالقلب وعليك أن تخففي من شكواك لها ..
حاولي أن تعتمدي على نفسك وتظاهري أن كل شيء على ما يرام ..
لا تتذمري من العمل .. من الأولاد .. من زحمة
السير .. من قسوة الأصدقاء .. من جشع الجيران ..من ومن ومن
وقع الخبر كالسكين في قلبي .. أدركت أن عليّ أن أكبر ألف عام .. أن اطلق سراح تلك
الطفلة الصغيرة من داخلي وإلى الأبد ..
أنا اليوم إمرأة ناضجة .. مسؤولة .. تتحمل كل مشاق
الحياة وحدها .. وبدأت مشواري الجديد وتعلمت أن أكتم عن أمي كل شيء .. ومنذ ذلك اليوم
لم أشعر بالسعادة في يوم ..
قبل فترة بسيطة من الزمن تفاجئت أن أمي ما زالت تملك
قدرات فائقة على تذويب همومنا وأوجاعنا وأنها لم تهرم بل نحن من هرمنا ..
فرميت عن ظهري ثقل المسؤولية واندفعت إلى حضنها أبكي وأشكي وأتذمر وألوم وأعاتب وهي تسمع بكل
صدر رحب ولم تندهش بل رفعت عن ظهري عبء كبير تحملته سنوات وسنوات .
الأم تبقى هي الأم .. لا شيء في الدنيا أوسع من حضنها ولا أدفأ منه ..
مهما بلغ بنا العلم نجدها أكثر منا علما ً ودراية .. خبرة وثقافة وأفقا ً متسعا ً وعقلية متزنة
وحنانا ً متدفقا ً.. ولكن بقي شيء واحد هو .. أن كل حنانها يصلني عبر الهاتف ..
ليتني قدرت هذه النعمة قبل سنوات
أمي أدعو لك بطول العمر والصحة وراحة البال وأدعو لأبي بطول العمر والصحة وراحة البال
وأن يجمعنا الله عما قريب
أحبائي
هذه كانت مساحتي أنا في الفضفضة في هذا الركن الهادىء
باقي المساحة لكم
قولوا ما تشاءون ولن يعقب أحد أو يتدخل أحد
أنت تتكلمون أمام أنفسكم
المهم أن تطرحوا كل مشاعر الإكتئاب والحزن والقهر والغضب التي
ترافقكم سواء كل يوم او كل شهر
دائما ستجدوني هنا أكلم نفسي وأنتظركم
شكرا