[align=justify]
غاليتي نصيرة صباح ومساء الأنوار والفرج الذي أرجوه من الله سبحانه
الإنسان منّا حين يكون جريحاً يصبح أكثر حساسية، لكني عرفت أنك مكبلة أمام سطوة جرحي ولأن طلعت عزيز عليك أيضاً، في حيرة ورهبة ماذا عساك تقولين عند ألم كبير إلى هذا الحد وأنت تعرفين مكانة طلعت عند هدى
نعم غاليتي إنه طلعت الغالي، ابن عمتي - دمي ولحمي - وليس أي قريب، فيه فقط أرى بعض أبي ومرفأ وطني، صديق عمري وأحد أغلى الناس في حياتي من نخبة عمري الذين أتمنى لنفسي الموت ألف مرة ولا أرى أحدهم يرقد مثل هذا الرقاد أو يصيبه سوء
إنه طلعت، جزء لا يتجزأ من الروح والنفس، طلعت عندي مثل الماء والهواء كما هدى عنده، وأعرف يقينا لو أني أنا المريضة كان سيكون حال طلعت مثل ما أنا عليه الآن من ألم النفس ونزف الروح وغربة عن الحياة لا تطاق...
طلعت هو الجدار الذي أستند إليه حتى أشعر بالأمان والشجرة التي أتفيأ بظلها، جبل أحتمي به
إنه طلعت الغالي، مرضه صدمة زلزلتني وفتحت براكين الوجع حتى شعرت أني بتّ كالزجاج المهشّم الذي ينتظر زجّاج يصحو ويعيد سكب هذا الهشيم من جديد ليعود كتلة واحدة وتعود له صلابته وتعود له الحياة...
أيام سوداء تعقبها ليالي عذاب وأنا بينهما لا أدري إن كنت ما زلت أحيا أم أني مجرد جثة مبرمجة على نزف مقومات الحياة قطرة قطرة؟؟!!
حياتي وكل كياني معلّق بأسلاك الهاتف بين مونتريال ودمشق، رنة صوتيّ سهير و أمل بهما أصعد وأهبط حسب ما ألتقط من إشارات
كابوس يرفضه عقلي وأصارع أشباحه، أصرعها حيناً وتصرعني أحياناً أخرى...
ويبقى قنديل الأمل في الروح ينشر شعاعه، لم يغادرنِ لحظة واحدة فثقتي بالله تعالى ورحمته كبيرة
ثقتي بشفافية طلعت والقوة الروحية التي يملكها تنشر في نفسي شعاع الأمل، فهذا النقاء والشفافية والقوة الروحية عنده ستدعمه بإذن الله لمواجهة المرض والتغلب عليه
طلعت بإذن الله سينجو وسيعود بكل روعته وجمال نفسه وروحه، بإبداعه الشعري المذهل، بحنانه وقلبه الكبير المعطاء الذي يحتضن كل من حوله ويتسع لمحبة كل الناس
بعروبته وحبه لفلسطين وإخلاصه لقضيته وواجب خدمتها...
الليل طال حقاً صديقتي لكن الله سبحانه لن يخيّب لنا رجاء، وأنا أنتظر نور الفجر يبزغ ويعود معه طلعت بعد هذا الليل الطويل
كلنا بانتظار طلعت وعلى موعد معه
طلعت الغالي سيعود وتعود الحياة لضلوعي وتستعيد روحي ألقها وأخرج من منفى ألمي وعذابي
غداً ستفرش الشمس الحانية أشعتها ويعود طلعت وترقص الأحرف فوق صفحاته ببريقها الأخاذ كالماس الحر فرحاً بعودة صائغها
غداً سيعود طلعت وأنا أنتظره على كل المفارق فانتظريه معي ولننتظره جميعا لأنه عائد إلينا وعائد لنور الأدب
عائد ليناجي حيفاه وينشد فلسطينه ويقدم المزيد من إبداعه للوطن والعروبة والإنسانية بأحرف من نور الوفاء للحق ونار التمرّد على الباطل
لأنه فارس سيعود
لأنه طلعت سيعود فلننتظر عودته غاليتي
أتوضأ أصلي وأقرأ القرآن وأدعو له
وبين غفوة ورقاد أنشد سعيد عقل:
صَـرَخَ الحَنينُ إليكِ بِي: أقلِعْ، وَنَادَتْني الرّياحُ
أصـواتُ أصحابي وعَينَاها وَوَعـدُ غَـدٌ يُتَاحُ
كلُّ الذينَ أحبِّهُـمْ نَهَبُوا رُقَادِيَ وَ اسـتَرَاحوا
فأنا هُنَا جُرحُ الهَوَى، وَهُنَاكَ في وَطَني جراحُ
وعليكِ عَينِي يا دِمَشـقُ، فمِنكِ ينهَمِرُ الصّبَاحُ
يا حُـبُّ تَمْنَعُني وتَسـألُني متى الزمَنُ المُباحُ
وأنا إليكَ الدربُ والطيـرُ المُشَرَّدُ والأقَـاحُ
في الشَّامِ أنتَ هَوَىً وفي بَيْرُوتَ أغنيةٌ و رَاحُ
أنتظر يا نصيرة وليس لي إلا الأمل
وعليكِ عيني يا دمشق، فمنك ينهمر الصباح
هدى الخطيب
[/align]