 |
اقتباس |
 |
|
|
 |
عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خولة السعيد |
 |
|
|
|
|
|
|
لم يسأل عن حالها؟ عن صحتها؟ لم يطلب منها أن تطمئنه عليها وهو من قال لها مرة عندما سألته كيف يمكن أن يكون شعوره إن علم أنها راقدة بالمستشفى:
_ سأطير من الداخلة إليك، سأهرع إليك دون أن أفكر في شيء آخر..
عبثا؛ ما تقول يا علي، تعبث بقلوب العذارى، وتعزف على أوتار قلب من تحبك أحلى الجراحات ..
في أول يوم بعد الوداع الأخير هذا كانت قد غضبت منه جدا معتبرة أنه لا يرى فيها غير صورة الجسد الأنثوي الذي يعشقه، وعليها ما دامت صرحت بحبه لها أن تمنحه ما يعشق عن طريق اتصال مباشر يمكنه من رؤيتها، فقررت كما قررت من قبل ألا تعود إليه وعادت، لكنها هذه المرة كانت عازمة على ذلك، فسدت كل الطرق المؤدية للتواصل معه، وبكت على قلبها بعد أن وضعت عليه قطعة جليد، زاد ألمها وإحساسها بالمرض وهو يضعف جسدها الذي وهن مذ أحبت عليا، أخذها أخوها لعيادة خاصة، فحصها الطبيب وألزمها بإجراء بعض الفحوصات، وباتباع أدوية كثيرة ومتعددة، خرجت من العيادة وأخوها يمسك يدها وهما يضعان الكمامة على وجههما، تلك الكمامة التي استطاعت أن تخفي شفتيها _ شفتي الحب المدمر _ ، استقلا السيارة، وفي انتظار أن يمنح الأخ لحارس السيارات الثمن المؤدى على الحراسة، وقف الرجل الهرم أمامهما متأملا ريم التي لم تنتبه لوجوده، قد تكون عيناها تريانه لكنهما تنظران إلى شيء أبعد من ذلك، حتى فاجأها الحارس الهرم بقوله وهي تزيل الكمامة على وجهها ودون أن يعير اهتماما للرجل الذي يجلس بجوارها:
_ أرأيت أيتها الجميلة؟ الكمامة لا تليق بك.. أنت يجب أن يداعبك الهواء، هنا بالسيارة تجنبا لرائحة البنزين ضعيها، لكن في الشارع افتحي فاهك للهواء...
تبتسم ريم في صمت إلى الرجل، تنظر لأخيها مستغربة، لكن الهرم أضاف بعد ابتسامتها:
_ الله... هكذا ابتسمي دائما، أبعد الله عنك كل ألم وحزن، لا تيأسي، فابتسامتك يحتاجها الهواء..
أكان شاعرا هذا العجوز أيضا؛ أم هو كذلك الآن؟ ماذا لو كان علي هو من معها... أكان العجوز سيتحدث أم أن هذا الحارس هو عراف أيضا أحس ما تحسه فأراد أن يسعدها بكلماته...؟
صارت ريم كلما تحدثت مع أمها تغالب دمعاتها، وهي تتمنى لو استطاعت أن تخبر والدتها بكل ما يخالج صدرها، أن تقول لها:
يا أمي أنا أحب... أحب أخيرا؛ فأمها تعلم أنها لا تحب زوجها لكنها تراه إنسانا طيبا رغم ما يمكن أن تعيبه عليه هي وكل أسرة ريم حتى إن ريم لا تغضب منهم أبدا إن قلد فعله أحد، أو عابوا عليه شيئا.. لكن.. كيف سيكون رد فعل الأم حينها ستلومها طبعا، ستغضب منها أكيد، حاولت مرة إخبارها وهي تقول لها:
_ كنت أريد أن أترك إبراهيم معكم وأظل وحدي بالبيت، طلبت من عبد الرحيم أيضا أن يذهب عند أهله، لكنكم اتفقتم علي الآن، اتفقتم ألا تتركوني وحدي..
_ وكيف تريدين البقاء وحدك وأنت على هذه الحال؟
_ أريد أن أخلو لنفسي أياما.. أريد ألا أكلم أحدا غيري، ألا يتألم أحد لرؤيتي، أريد أن أتحدث إلى ربي علي آخذ منه قبسا من نور..
لم تنتبه أمها إلا لقولها "أريد ألا أكلم أحدا غيري" ، فردت عليها:
_ أمجنونة أنت؟ المجانين وحدهم من يحبون البقاء في مكان لا يوجد فيه غيرهم ليكلموا أنفسهم..
_ أكنت يا ماما ترينني مجنونة قبل اليوم؟
_ لا طبعا؛ ولكن حالك قد تغير، أتعرفين أن والدك سألني إن كنت تحبين شخصا غير زوجك؟
تستغرب ريم وتتلعثم ولا تعرف كيف ترد على هذه الجملة الأخيرة
|
|
 |
|
 |
|
كم ودت أن تبكي على صدرها وتحكي لها كل شيء، فتواسيها أمها وتدعو لها، ودت لو أنها تمكنت من الحكي وأمها تداعب خصلات شعرها الغجري وتمسح عنها دموعها الساخنة مهدئة لتلك الحرارة بقلبها، لكن.... لن يحصل هذا. ردت ريم، كيف لي أن أحب رجلا آخر، وأنا لا أحب حتى زوجي.. أنا لا أطيقهم، أكره صنف الرجال،_ وهي تضغط على حرف الكاف _، وقلبها يقول :
_إلا علي يا ريم.. إلا علي ..
دمعت عينا الأم وهي ترى ابنتها تبكي بحرقة بعدما كانت تخفي لواعجها لمدة طويلة، زاد ألم ريم حينها، قامت تعانق أمها و تكفكف دمعها..
_ سأرتاح يا ابنتي إن عرفت أنك مرتاحة، أتظنين أنني لم أكن أحس بك، مرحك غاب عنا يا ريم منذ زمن، ضحكاتك صارت تختفي شيئا فشيئا..
_ لهذا يا ماما؛ لم أكن أريد أن يراني أحد، صبرت وحاولت أن أخفي أمري، لكن لا أحد سمح لي بأن أظل وحدي..
_ أنا السبب؛...
_ لا.. لماذا ماما؟ لا تقولي هذا
_ أنا التي شجعتك على الزواج به، رأيته متشبثا بك فقلت هو من يستحق ابنتي، لا يمكن لابنتي التي أرضى عليها كل يوم بيقظتي ونومي أن تعيش في كنف عائلة لا تحبها، أنا يا ريم أحمد الله أن كل عائلته يقدرونك ويحترمونك
_ ومع ذلك.. للأسف لم أستطع.. رغما عني لم أستطع.. صدقيني ماما، لم أستطع، لو كنت أعلم أني سأصل لهذه الحال يوما لهربت من فاس كلها وقت الخطوبة، لأن تمسكه بي حقا هو ما جعلني أيضا أوافق مقنعة نفسي بأني لن أجد خيرا منه، لكن هو لن يجد أسوأ مني، رميت له خاتمه بالشارع أيام الخطوبة وسامحني، بالشارع أيضا رميت له هداياه، وكنت أدخل البيت وأطفئ الهاتف كي لا يصلني أي اتصال منه فيتصل بك أنت ماما لتعطيني هاتفك من أجل أن أكلمه، أو لتطلبي مني تشغيل هاتفي.. يا ماما حاولت، ولكني...
تكاد تنقطع أنفاس ريم لكنها مع ذلك تضيف:
_ حتى بعد زواجنا كثيرا ما قلت له " أنا لا أحبك" لم لم يفهم؟ لم تزوجني وهو يعرف أني لا أحبه، لِم يستطيع رجل أن يتزوج أنثى تصرخ بملء صدرها أنها لا تحبه؟
_ ما دام الأمر كذلك فلا تعذبي نفسك وهذا الإنسان معك.. لم نر منه إلا خيرا، قولي له صراحة أنك تريدين فراقه خير من أن يكبر ابنكما بينكما في مشاكل لا تنتهي..
_ أتظنين لم أفعل؟ قلتها يا ماما قلتها، لكنه يقول إنه لن يستغني عني، أ قطعة قماش أنا يملكها؟
_ يحبك
تصمت ريم لحظة، وتصمت أمها، ثم يستمر الحوار بعد حين، وأمها تطلب منها أن تكف عن هذا الألم فلطالما كانت هي الأمل وهي شمعة البيت التي تنير وتنصح وتجهد نفسها لإسعاد و إرضاء أسرتها..
بالليل كانت ريم تفكر فيم سبب لها علي من أسى وهي مصممة ألا تعود إليه مهما كان، ومهما قال.. كانت تسعد بتواصلها معه وهما يتحدثان عن جمال فاس وتاريخها عن علال الفاسي الذي قال لها علي عنه مرة:
_ يعاب عليه أنه كان يدفه الشعب للنضال أيام الاستعمار، إلا أهل فاس كان يحثهم على العلم.
ثم يقول مازحا:
_ ربما لأجل ذلك يعرف على أهل فاس أنهم يخافون كثيرا..
فترد مدافعة عن علال وكل فاس:
_ لا يا عزيزي؛ لا تنس أن فاس عاشت أياما دامية وانتفاضات شعبية جارفة، ولا تنس أيضا كم ضمت جامعة القرويين العظيمة التي نتشرف بها من مجاهدين وحمتهم مع سلاحهم بين جدرانها... أنتم يا أهل الداخلة الذين كنت تخضعون للاستعمار الاسباني إلى أن جئنا إليكم نحن وحررناكم منه بمسيرة حاشدة خضراء
_ شكرا لجنابكم ، أصلا يجب أن تعرفي أن الداخلة لم تكن مدينة إلا في سنة 1884
_ وإذن؟
_ غلبتني، مع أن مدينتي أجمل، تستقطب السياح، بسواحلها الأطلسية الثلاثة التي تحده كأنها جزيرة، وتمارس بها الرياضات المختلفة، ولا تنسي أنها حازت على جائزة المدينة الرياضية الأورو- متوسطية، كما لا تنسي أننا أهل شعر حبيبتي
_ واضح فبه ربما سحرتني
يبعث لها رابطا لتستمع لشعر حساني
عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا
[ للتسجيل اضغط هنا ]
فتقول له ضاحكة:
_ هيهيهيهيهيههيهيهيهيهيهيهيهيهي لم أفهم غير الكلمة الحسرة، هذا إن كان لها نفس المعنى، ترجم يا حبيبي ترجم...
_ العيب فيك إذن
_ أنا؟ حرام عليك، لا.. صدقا في اللهجة الحسانية ألفاظ صعبة ربما لأننا لم نألف تداولها، لكني أعدت الاستماع ففهمت ألفاظ أخرى ، المهم أن الشاعر بالأخير ضائع... هيهيههيههيهي.. اسمع يا حبيبي لفن الملحون؛
عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا
[ للتسجيل اضغط هنا ]
عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا
[ للتسجيل اضغط هنا ]
عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا
[ للتسجيل اضغط هنا ]
_ إن شئت زدتك من روعته...
كفاني يا الشمعة أن تكوني أنت لحني وملحوني و أحسن من الحساني
_ هيهيهيهيهيههي وكفاك أيضا وإلا قلت شعرا غير مفهوم
وكانت تمرح وهما يتحدثان عن هذه الرواية أو تلك كأنهما قرآها معا، يلخصان أحداثها، ينتقدانها، ويذكران لبعض كيف حصلا على الرواية ...
يقولان شعرا فيجدان نفسيهما معا يعشقان أبا الطيب المتنبي و Jacques Brel يعشقان معا الشعر الثوري والشعر الهادئ الرومانسي ووووو....
تتذكر حين قالت له مرة:
سبقت زوجي للسرير كي أنام وكنت غاضبة، فجلس وقد شغل المذياع لتبدأ أغنية " يا سيدي أنا حر" ووجدتني أغنيها و أكتشف أني أحفظ كلماتها حتى قال لي هو: لعلها لنزار قباني أيضا..
_ هههههه ، وأنا أحب هذه الأغنية، تعرفين ما هو أحب مقطع لدي فيها؟
_ دعني أولا أخبرك أنا
حسنا، وكان يبدو حينها أنه قد بدأ بكتابة المقطع ثم مسحه بعد طلبها، فكتبت:
_ أنا ماشي من هادوك اللي ما يقطفوشي الوردة غير لكان ما فيها شوك... ويلا كتاب و حبيتي واتجرحتي وابريتي يغيروا منك ويحسدوك..
_ تصدقين ريم أنه نفس المقطع الذي سجلته لأخبرك به ومحوته عندما طلبت أن تخبريني أولا..
تفكر ريم بهذه الليلة و تفكر وتفكر، تذكرته عندما تحدث لها عن أول حب بحياته، تلك التي كان ينوي الزواج منها فلم يقدر له لظرف ما، وظل منذ ذلك الحين وهو يستمع بحسرة إلى أغنية ذكريات لأم كلثوم وقت الأصيل وهو مستلق يتأمل ذكرياته... وبعث لريم بالأغنية ، معبرا أنه فقط اعتاد على سمعها كأنه يلوم نفسه على حب عاشه لم يكن أهلا لقلبه..
تفكر ريم وتفكر لتجد نفسها كما قال في رسالة وداع انسيني وسأنساك أيضا، ستكونين أجمل ذكرى.. فعلا ما عادت الآن ريم إلا ذكرى قد تنمحي مع مرور الزمن، فيطويها النسيان، قالت له حينها:
_ لا دخل لك بذاكرتي وإياك أن تأمرني مرة بنسيانك أو بشيء آخر.. انساني أنت وارحل بعيدا عني لكن لا تتدخل فيم أذكره أو أنساه...
ظلت ريم تفكر حتى ارتسمت ببالها أنها قد تظل ذكرى فعلا لن ينساها، كما لم ينس سابقاتها، وسيتحدث عنها لحبيباته اللاحقات، لذلك فعلت حسابا فايسبوكيا جديدا باسم مستعار ولم ترسل له دعوة، بل أدرجته ضمن المجموعة بالصفحة التي ينتميان إليها معا، على أساس أنه سيدعوها لصداقته كما جل من يوجدون بالصفحة وحينها سترى إن كان سيحاول أن يوقعها بشباكه هي الأخرى ويحكي لها عن ريم وعن ... وعن.... وعن...
أرادت أن يحصل ذلك فتحتقره وتتأكد من حقيقته فتكرهه، ثم رأت أن في ذلك غدر للحب الذي عاشته هي على الأقل بصدق، ولم تكتب أي حرف بذلك الاسم المستعار، ولم يظهر الاسم لا له ولا لغيره، وإن أرادت كشف حقيقته..
كيف يمكن أن تمثل دورا آخر؟ كيف يمكنها أن تلعب شخصيتين في آن واحد، هي لا تتقن الكذب، ولا تدرك مهاراته، فكيف ستفعل بهذا الاسم المستعار الذي خطرت فكرته بلحظة غضب؟ لا تستطيع أن تتحدث بوجهين .. بلسانين، لن تعرف كيف يمكن أن تغير من أسلوبها... لن تفعل... مستحيل أن تفعل، وليراها هو كما شاء.. ذكرى، نزوة، شهوة، (حبيبة) هي من رمت بنفسها إليه، تستحق كل تحقير منه..
في الغد أحست بأنها صارت أحسن حالا وبأنها رغم اتخاذها قرار عدم العودة إلى علي إلا أنها مشتاقة جدا إلى ذاك الحبيب