[frame="15 10"]
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبر كاته
[align=justify]أهلا أيها المدهش أيها المتعقب ذكرات الطفولة والفتون والجنون أعادتني رسالتك إلى زمن قديم سقط من الفراديس الطفولية البريئة كان ذلك زماننا زمان القرية السعيدة الحالمة حيث لا ماء ولا كهرباء أعدتني إلى زمن البئر وزمن الشموع حيث كانت بئر الجدة تنزف حتى تسقي أهالي القرية تنزف وتنزف وتكرر طقس النزف وها أصبحت البئر حزينة مثلنا أخي الحبيب الأبيض أصبحت مهجورة في زمن الإسمنت والحضارة أصبحت غريبة كغربتنا في وطننا كغربتنا بين الذات والذات كل شيء أصبح بلا طعم بل رائحة كل شيء أصبح مغشوشا الصداقة مغشوشة الحب مغشوش كل شيء يبنى على المصالحية الميكيافيلية الشرسة سحقتنا الحداثة أيها الحبيب سحقت قرانا السعيدة سحقت بوحنا لونتنا بمساحيق النفاق تلك المساحيق الزاهية الملعونة المتسترة بالمصلحة الآنية الظرفية حتى الصداقة ياصديقي أصبحت تخضع للمنطق النفعي
أخذتني دوائر التحديث وأنا أستعيد ملامح القرية طقوس الحياة الطفولية السعيدة تذكرت بيتنا القديم والشجرة تذكرت حجرات بيتنا السعيد تذكرت كل السعادة التي غمرتنا كان للأسرة مذاق آخر نكهة أخرى لم تعد موجودة في أيام زمن الإسمنت القاسي تذكرت أبي أجدادي أهلي وأطفال ذلك الزمن السعيد تذكرت خبز أمي وألحان أبي حينما يعزف نايه لتنداح تلك الأنغام البدوية في الروح تعلمت فقه الحزن منه تعلمت فن الحزن المقدس من تلك الأنغام الخرافية النازلة من الفراديس الآدمية البعيدة تذكرت كل زوايا البيت تذكرت شموع الليل تذكرت فناء البيت الترابي تذكرت مزلاج الباب القديم الخشبي تذكرت القرون المغروزة فوق الباب تذكرت لوح كتف أضحية العيد تذكرت كل تفاصيل فناء البيت وأرضيتها المخددة تذكرت تأمل تلك الأخاديد وروح الطفل في ترسم لها أبعادا لا أعي كنهها تذكرت رعد ذلك الزمن الأخضر تذكرت زمن المطر ووزخاته تغازل سقف بيتنا القديم رحل كل شيء ولم يبق من ملاذ سوى كهوف الذكرى نعود لأفيائها السعيدة كلما قسا زمن الإسمنت[/align][/frame]