رد: تخــاطر الشمــوع/ نصيـرة تختوخ ـــ خيري حمــدان
[align=center][table1="width:95%;background-image:url('http://images2.layoutsparks.com/1/108934/all-wet-black-red-31000.jpg');border:4px inset red;"][cell="filter:;"][align=center]نصيرة تختوخ:
إستيقظت على صوت وشوشة ناعمة. خِلتُ كائنا صغيرا يلمس جناحيه بأصابعه وينفض ندفا صفراء من على خاصرته ويخبرني أنك تتخيلني دائما حافية القادمين.
أدرت رأسي. غاص وجهي في وسادتي وابتسمت. مسحت قدمي ببعضهما ووصلت ابتسامة بأخرى.
لاأحد يدخل سريره بحذائه .لاأحد يرتاح وقدماه معتقلتان في جلد غير جلده وهو نائم عدا إن كان مهددا بالمطاردة.
على الرمل المبلل قليلا كنت حافية القادمين لكني لست دوما كذلك.
رفعت رأسي ، فتحت عيني.
لاشيء على المنضدة غير منديل ورقي أبيض و قنينة ماء ،قد انتصف محتواها، كتب عليها '' ماء معدني طبيعي ــ ينبوع الحـياة ''.
لاأذكر متى سقيت نفسي وإن كنت ظمآى في غيابي.
المنديل متجمع، منفتح كزنبقة موضوعة على السطح الخشبي الأملس.ومع ذلك أمره أقل غرابة فقد كوفئت بالرشح البارحة بعد أن تجاهلت تغير الطقس طيلة اليوم.
أتردد في النهوض وأهزم ترددي.
هناك صباحات أكون فيها شجاعة كهذا الصباح , أشتهي فيها تفاحة حمراء كُلُّها ليس مسموماً وكلها نَعِمَ بغناء الطيور. نمت نموا مباركا كاملا واحمرت حتى تشبعت لتقفز برضا في يد الجاني.
فتات الخبز الأسمر كالنقاط منثور على الطاولة؛ نسيت أو تناسيت أن أمسحه. عادة أتبرع به للعصافير أقنع نفسي أني أسهم في توفير جهدها وأني بارة بها والآن أمسحها تعاطفا مع شفافية الزجاج.
شاي محلى بالعسل أو حليب مكدر بالقهوة لست أفضل أيهما على الآخر.أحضر أحدهما دون طول تفكير.
التفاحة الحمراء سآخذها معي؛ آكلها في مكان ما لايصله الأقزام ولا السحرة ولا القناصون.
فقط ذلك الكائن الصغير الذي يصطلح على تسميته '' جنية '' ربما. لو يأتي؛ لو تأتي أسألها:''حافية القدمين، وماذا أيضا؟ '' '' ماذا يقول حين أرشق آخر سطر بنقطة ؟ تبّاً؛ تبّاً أم يتسلق جيما ويتمسك بسين ويعود أدراجه حتى الوشوشة الأولى يدغدغ روحه؟ ''.
قـبل أن أفتـح باب النهار، أنسق وشاحي أمام المرآة تندلق حيرتي.
مرآتي يامرآتي أليست أجمل النساء من تصنع ابتسامة النهار؟
تضحك المرآة لأن الوسادة لازالت تطلع من ريشها البسمات ولأن ماء ينبوع الحياة في القنينة بعد أن تناقص تزايد أكثر.
**************
خيري حمـدان:
ستبقين مشروع مطاردة ما زال القلب يخفق، يتجلّى في القفص الصدري أسيرًا لا يعرف للانعتاق سبيلا، كما هو الحال سيدتي حين تزدحم الأحلام طاردة ما علق بالجسد والروح من هموم وتعب يا حافية القدمين. الشاطئ يتوق لكِ، يلامس قدميك الحافيتين، يحاول جاهدًا تخفيف أثر الركض تجاه الحقائق المنقوصة، لعلّك تبلغين واحدة كاملة متكاملة. دعِ البحر ينثر بعض الزبد والماء المالح على وجهك، لا تخشي الخريف فبعده يتقافز الشتاء خوفًا من صيفك! لا تخشي المطر، فكآبة السحب المتلبّدة في السماء تحمل بعض الأمل والوعود تتساقط مع حبّات المطر كاذبة وصادقة، مقبلة ومدبرة.
كيف يمكن لسيدة الربيع أن تخشى وعكة عابرة! هل باتت المناديل الورقية المعطّرة هاجسَ الوهن، ألا فانهضي من غفوة سبتمبر فأوكتوبر جميل يحمل بين دفّاته وأوراقه بعض الجاز والعود يدندن والكستناء تتفرقع فوق نار الموقد، والحنّاء يكثر في مواعيد الحبّ، لا تخشي البقاء في حلّة صفراء، يليق بك الأبيض، موشوحًا بالساتان والحرير، والدفء يشقّ الطريق عند الصباحات. اهزمي يا عزيزتي كلّ التردّد وانطلقي نحو النهار فهناك مزيد من الشمس الخجلة، قادرة على لمس مسامات جسدك الظمئ لمزيد من العبق والانبهار.
تفاصيل يومك مدهشة، حضورك انعكاس لغيابك، شايُك – قهوتي، قهوتك – عصير البرتقال الذي أعشق نكهته. لا تتردّي كثيرًا في غواية العصافير فهي تنتظر أصابع يدك السخيّة عند النافذة لتنقر، تلتهم، تتسوّل، تتلذّذ، تتعاطى الحياة عبر الفتات المتناثر، تضفي عليه كنه الرضا، وتفاصيل يومك مدهشة!.
كنت شاهدًا كيف قفز حرف الراء يتبعه ألف ثمّ تجاوزهما حرف القاف فالصاد لتختم الكلمة تاؤك المربوطة، لم تكتفِ الأحرف بما جاد به القلم، لهذا شرعتِ الباب في وجه تعريف الكلمة قبل أن يصاب بانسداد الشرايين ثمّ دلفت الجيم والنون المشدّدة تلهث من خلفها، تركض قبل أن تقفلي الأبواب المشرعة في وجه الجمال والترف الأنثويّ، لتضعي حدًا لكلّ هذا الجدل يا - ر ا ق ص ة ال ج نّ.
كنت شاهدًا كيف شعرت المرآة بالخجل حين وقفت أمامها، لأن دفق النور غطّى نسقها والوشاح يترامى على الكتفين، يقيك من عبث المطر والريح المعربدة في الوقت التائه، المهدور في أجندتنا العابرة. أدرك بأن من يصنع ابتسامة النهار يملك القلوب، ماذا تنتظرين إذًا لقد أشرقت السماء كما ترين ابتسامات، والقلوب انفتحت فاختاري كلّ الدفق الذي تشائين.[/align][/cell][/table1][/align]
|