وتحية إليك أديبتنا هدى الخطيب على المبادرة الطيبة , وعلى اختيارك لتحفة فنية شاملة بكامل صورها وألوانها , وبكامل روعتها وجمالها , لغة وبياناً وتشبيهاً وإيقاعاً , بجرسها الموسيقي العذب بقصيدة كاملة متكاملة على بحرها الكامل , البحر الراقص الذي ينتظر دائماً ضرباً بالدفوف ولمساً ناعماًً على الأوتار , بنغمات قصيدة ( قميص الروح ) قلّ أن تشابهها قصيدة بجودتها , لشاعر فذّ شامخ بأدبه وإنسانيته ونضاله ووطنيته . كيف لا , وهو ابن النكبة الفلسطينية التي أدمت قلوبنا وأوجعت كلاكلنا , وأدمعت عيوننا , وشردت أطفالنا . طوبا لك يا شاعرنا المغفور لك بإذن الله ــ طلعت سقيرق, لقد أبدعت حقاً بقصيدتك الرائعة , التي انسابت بإيقاعها كالنهر الثائر , واسترسلت بموسيقاها بأعذب نغم وأسلس كلمات , وتجولت بنا بين المرايا والزمان , وبين الآلام والإيمان بقضاء الله وقدره , فأنت عرفت بحق الموت , وأنت هيأت نفسك للقاء ربك , فأنت المؤمن , وأنت الصديق الوفي لكل طفل عربي وكل شهم غيور وطني , فجنات النعيم لك يا شاعرنا .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ملاحظة سريعة جداً
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لقد قرأت القصيدة بإيقاع الكامل العذب , فلم يتلعثم لساني بأي مفردة ثقيلة , ولم يستعمل الشاعر أي زحاف أو علة تعرقل الإيقاع , أو تثقل اللسان , فكانت قصيدة على تفعيلتين فقط , ( متفاعلن بتحريك التاء ) و ( متفاعلن , المضمرة) بتسكين التاء , ولم يستعمل من العلل إلا علة واحدة وهي ( المضمرة المقطوعة , في الكلمة ( مرايا الشوقْ ) وبالرغم من جوازها إيقاعياً لكنني تمنيت لو ربط هذه الكلمة إيقاعياً بما يليها , ليتخلص من التقاء الساكنين والتوقف عندها , لتلحق الكلمة هذه بكل القصيدة بسلاسة الإيقاع الذي انساب بنسيج مترابط , ثم مررت على كلمة ( في ساحة الناي انطفأتُ ) وأظن أن هذه الكلمة قد نقلت بطريقة خاطئة , ولا أعتقد أن الشاعر قد خلط بين تفعيلة الوافر , وتفعيلة الكامل . رحم الله شاعرنا القدير , وأسكنه فسيح جناته .
*** قميص الروح
لا شيءَ سوف يعيدُ تفاحَ الصباحِ إلى زمانٍ عابر ٍ
في سلّةِ الوقتِ انكسارٌ باردٌ وظلالُ أغنية ٍ
وعند العابرين إلى ضفاف الشوق ما يكفي
من الودعِ المعبـّأ بالحكايات القتيلة كم ظمئنا ثمّ عدنا
عابرينَ إلى يدين تلوّحانِ بغير أجنحة الفضاء وغير معنى
تسقطانِ على صهيل الخيل في ليل ٍ بهيم جارحٍ
نقتاتُ من خبز الوداع جراحنا ونلمّ في خيط الحكايةِ
ما يردّ وجوهنا لملامح التعبِ المقدّد في سراديب اليمام ِ
الهاربِ المقتول فوق بداية الحمى
اشتريتُ ثيابَ أيامي من العشاق إذ راحوا حيارى
و ابتدأتُ أضمُ للخرز الملوّن شارعا في ساحة النايِ
انطفأتُثم نهضتُ في كفـّي بقايا من شراع ساخنٍ
حقلُ الكلامِ يمرّ في سكك البحار الغافيات على يدي
أرتدّ مجنونا وأحكي للعصافير الصغيرة عن مرايا الشوق
هل أنتَ من حمل السريرَ المستبدّ إلى خيالي وانطوى
أم أنتَ من رسم الحدود الغافيات وهزّني
في عروةِ التفاح ثقبٌ عابرٌ
لي خمسُ آهاتٍ وقلبٌ مثخنٌ بالأمنيات ِ
نفضتُ عن جسدي قميص الروح من تعبٍ
أفقتُ على خرير الماء من زهر الزمان يمرّ بين أصابعي
لا تكتبي شيئا على لوح الرحيل فقامتي جسر العبور إلى دمي
سأنامُ حتى ساعة القلقِ الطويلِ وأفتحُ العينينِ من أرقٍ
يدي إنْ أقفلتْ كلّ الأصابع كي تشدّ على السرابِ
أعودُ مقتول الشروع بغسل أحلامي الصغيرةِ
كم تمنيتُ الرجوعَ إلى الطفولةِ يافعا ويردّني
صوتُ ارتطامي بالزجاج المستحيل على المرايا
أشتري منكمْ صلاتي فامنحوني ما تبقـّى من زمانٍ
وامنحوني كأسَ أحلامٍ تشظـّى في الظلامِ
عبرتُ نحوي كي أردّ قميص وقتي للزمانِ
فتهتُ في وجع النخيلِ ولمْ أنمْ إلا قليلا ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,
أنتظر تجاوبكم واستمراركم , يا دكتورة رجاء ,هل من سبب لتأخركم عن مسيرة النقد , أرجو الجواب , تحياتي للجميع , والله يحفظكم ويرعاكم أجمعين
عضو الهيئة الإدارية / مشرف عام على المنتديات والأقسام
رد: ( قميص الروح ) للنقد والدراسة
الأخ الكريم غالب أحمد الغول
شكرًا جزيلا على تفاعلك .. ودراستك الوزنية للقصيدة
جميل هذا التناغم الحاصل بين مجموع هذه القراءات حيث نلاحظ ألفة أولا بينها بين قصيدة الشاعر طلعت سقيرق وثانيا بين القراءات والأعضاء فيما بينهم
وهذا ما نطمح إليه أن يكون الانسجام والروح الأخوية هي الحاضرة والسائدة أولا وأخيرا
تحيتي لكم جميعا
كاتب نور أدبي يتلألأ في سماء نور الأدب ( عضوية برونزية )
رد: ( قميص الروح ) للنقد والدراسة
أرى الشاعر هنا فيلسوفا..متفلسفا...
بعد أن تحررت روحه.. من كل قيد..
جعل يصف جسده..المقيد بألف قيد..
بدءا..من إستحالة..عودة تفاح الصباح..
لسلة الوقت البارد المنكسر..
الذى يقتات.. من خبز..الجراح..
ويلملم فى ..خيط الحكاية..
التى لم يرى..لها نهاية بعد..
اشترى من اللامنطق.. ثوب العشق..
ونشر شراعا فى يده..وأبحر..فى سكك البحار
مع العصافير الصغيرة..
ليحكى لها عن الحدود والتفاح والأمنيات..
ربما يجد عندها ما فقده..فى الواقع..
نام ليستريح ساعة.. من القلق..
لكن الارق.. لم يمنحه ذلك..
اذ أن السراب الذى تقبض عليه اصابعه..
قد ايقظه..
فأسرع يرجو العودة الى الطفولة..
حيث كان يحقق أحلامه بسهولة..
ويسعد بتحقيق أحلامه...
الأن التهبت..أصابعه..من السراب...
رحم الله الشاعر..طلعت سقيرق..
وشكرا لثقتكم..
مديرة الموقع المؤسس - إجازة في الأدب ودراسات عليا في التاريخ - القصة والمقالة والنثر، والبحث ومختلف أصناف الأدب - مهتمة بتنقيح التاريخ - ناشطة في مجال حقوق الإنسان
رد: ( قميص الروح ) للنقد والدراسة
اقتباس
عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة علاء زايد فارس
الصور الشعرية والمجازات والخيال الشعري والرموز في هذا النص كثيرة جداً على الذكر
وصدقاً فإن معظمها إن لم يكن كلها ، مبتكرة وجديدة
ومن المعروف أنه في عالم الشعر قد نصادف الكثير من التشبيهات المتكررة المتعارف عليها عند الناس أو حتى الغير معروفة لكنها مقتبسة من قصائد يتم قولبتها من جديد ولكنها تحمل نفس المعنى والمضمون!
هنا معظم ما جاء في النص صور بلاغية مبتكرة بديعة للغاية...مثل
- وقلبٌ مثخنٌ بالأمنيات ِ
هي الأمنيات كما الجراح حينما لا تتحقق!
- حقلُ الكلامِ يمرّ في سكك البحار الغافيات على يدي
- هل أنتَ من حمل السريرَ المستبدّ إلى خيالي وانطوى
[align=justify]
جميل جداً ملاحظة التشبيهات والاستعارات المبتكرة الفريدة أستاذ علاء، وحقيقة " الشاعر الكبير طلعت سقيرق" كان يهوى التجديد في كل فنون الأدب عامة والشعر خاصة وله تشبيهات فريدة، ينفر نفوراً شديداً من التقليد والنمطي فالابتكار كان أساس عنده ورأينا هذا ملياً وبصورة مدهشة من قصيدة الومضة إلى القصيدة المدورة أو ذات السطر الواحد..
إضاءة رائعة
مديرة الموقع المؤسس - إجازة في الأدب ودراسات عليا في التاريخ - القصة والمقالة والنثر، والبحث ومختلف أصناف الأدب - مهتمة بتنقيح التاريخ - ناشطة في مجال حقوق الإنسان
رد: ( قميص الروح ) للنقد والدراسة
[frame="1 98"]نفضتُ عن جسدي قميص الروح من تعبٍ
أفقتُ على خرير الماء من زهر الزمان يمرّ بين أصابعي
لا تكتبي شيئا على لوح الرحيل فقامتي جسر العبور إلى دمي
سأنامُ حتى ساعة القلقِ الطويلِ وأفتحُ العينينِ من أرقٍ
يدي إنْ أقفلتْ كلّ الأصابع كي تشدّ على السرابِ
أعودُ مقتول الشروع بغسل أحلامي الصغيرةِ
كم تمنيتُ الرجوعَ إلى الطفولةِ يافعا ويردّني
صوتُ ارتطامي بالزجاج المستحيل على المرايا
أشتري منكمْ صلاتي فامنحوني ما تبقـّى من زمانٍ
وامنحوني كأسَ أحلامٍ تشظـّى في الظلامِ [/frame]
مديرة الموقع المؤسس - إجازة في الأدب ودراسات عليا في التاريخ - القصة والمقالة والنثر، والبحث ومختلف أصناف الأدب - مهتمة بتنقيح التاريخ - ناشطة في مجال حقوق الإنسان
رد: ( قميص الروح ) للنقد والدراسة
[align=justify]
الصديقة الحبيبة الناقدة الأديبة دكتورة رجاء تحياتي وكل الشكر والتقدير لجهودك الأدبية والنقدية المثمرة وهذه الروح الأدبية الجميلة
فتحت عيني غاليتي ، وبإذن الله سنضع في نقد أعمال طلعت نصاً للنقد والدراسة.
مديرة الموقع المؤسس - إجازة في الأدب ودراسات عليا في التاريخ - القصة والمقالة والنثر، والبحث ومختلف أصناف الأدب - مهتمة بتنقيح التاريخ - ناشطة في مجال حقوق الإنسان
رد: ( قميص الروح ) للنقد والدراسة
[align=justify]الشعراء الكرام الأساتذة غالب أحمد الغول وعلي أبو حجر والأديب الأستاذ رشيد الميميوني
كل الشكر والتقدير لقراءاتكم الجميلة
ولي عودة بإذن الله[/align]
مرتضى بابكر الفاضلابي . استاذ مساعد بجامعة وادي النيل . كلية العلوم الاسلامية والعربية
رد: ( قميص الروح ) للنقد والدراسة
استوقفتني هذه القصيدة بالفاظها الجزلة ومعانيها الجميلة وخيالها العذب فادركت أنني أمام شاعر تنحني له الهامات ، شاعر استطاع أن يطوع الحرف ويرسم بفرشاة أحلامه ملامح الامس الجميل وبقايا امنيات ينسج من خلالها قميصا يحمل بدخله روحه الثائرة .
إلا أن شاعرنا قد أكثر من التجسيد في هذه القصيده والذي أدى إلى غموض لا يخفى على القارىء الفطن من مثل قوله : ( تفاح الصباح ، سلة الوقت ، ضفاف الشوق ، الحكايات القتيلة ، ليل جارح ، خبز الوداع ، خيط الحكاية ، ملامح التعب المقدد ، حقل الكلام ، زهر الزمان ، لوح الرحيل ) ... وغيرها .