توصيات:
يخلص التقرير في نهايته إلى أنّ المعضلة الرئيسة اليوم في حماية المسجد من التهويد،هي غياب معادلة الردع، التي لطالما كانت الحامي الأول للمسجد من مخططات التهويد، وبناءً عليه فإنّه يضع توصياته لتشكل خارطة طريقٍ لإعادة بناء معادلة ردعٍ من هذا النوع، على مختلف الصُّعُد، وإعادة تكريس حسابات الربح والخسارة في عقل صانع القرار الصهيوني عندما يفكّر في الاعتداء على المسجد أو اتخاذ خطوات لتغيير الوضع القائم فيه.
يبدأ التقرير توصياته متوجهًا للمقاومة الفلسطينية التي يرى فيها الحامي الأساس للمسجد الأقصى، وصاحبة الواجب الأخلاقي الأول لحماية المسجد، ليدعوها إلى كسر حالة العجز التي أصابتها تجاه الأقصى نتيجة واقع التنسيق الأمني في الضفة الغربية، والواقع الذي تكرّس في قطاع غزة بعد الحرب الدموية عليه، لأنها وحدها القادرة فعلاً على وقف اعتداءات الاحتلال على المسجد الأقصى.
يوجه التقرير بعدها توصياته للسلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير داعيًا قيادتهما إلى إدراج قضية المسجد الأقصى ضمن أولوياتها السياسية، وأن ينعكس ذلك على الأقل في اختيار أوقات التفاوض بشكلٍ لا يغطي الاعتداءات على المسجد ولا يشجعها كما هو حاصلٌ حالياً، ناهيك عن وقف التفاوض بمجمله لأنه يشكل المظلة المناسبة لتطبيق مخطط تقسيم المسجد الأقصى، كما يدعو التقرير قيادة السلطة الفلسطينية إلى عدم تقييد التحرّك الجماهيري المتزامن مع الاعتداءات على الأقصى، وإلى وقف الدور المحوري الذي يلعبه التنسيق الأمنيّ في قمع المقاومة الفلسطينية والإجهاز عليها في ظل الاعتداءات المستمرة والمتمادية على المسجد.
أمّا الحكومة الأردنيّة والتي هي الوصيّ الرسميّ على المسجد الأقصى والأوقاف الإسلاميّة في القدس، فيدعوها التقرير إلى خوض غمار المواجهة السياسية مع المحتلّ، وإبداء رفضٍ حازمٍ عالي السقف لأي تقييدٍ لعمل الأوقاف، أو تدخّلٍ في عملها، والتأكيد على الرفض القاطع والنهائي لأي محاولةٍ لنزع الحصرية الإسلامية عن المسجد، وأية محاولةٍ لنزع حصرية إشراف الأوقاف الأردنية عليه، وهذا جهدٌ يتطلّب توظيف كل الأدوات الدبلوماسية والمؤسساتية الممكنة، وإفساح المجال للمؤسسات الشعبية والرسمية العاملة لأجل للقدس لدعمها وتعزيز موقفها من خلال تخفيف حدة الروح التنافسية السائدة لديها تجاه هذه المؤسسات. كما دعا التقرير الحكومات العربيّة والإسلاميّة إلى وقف منح المزيد من التغطيات لعمليات التفاوض، غير المباشر منها والمباشر، في ظل الاعتداء المتواصل والتهديد الخطير لمصير المسجد الأقصى، وإلى ممارسة دورها المفترض بتشكيل جبهة ترفع من مواقف السلطة وتقويها لتحافظ على الثوابت الفلسطينية، كما دعاها التقرير إلى وقف التعامل مع قضية المسجد الأقصى وكأنها مسألة داخلية فلسطينيةٌ أو أردنية، أو كأنها مسألةٌ تختص بلجنة القدس المنبثقة عن منظمة المؤتمر الإسلامي، وللعمل ضمن استراتيجية واضحة ومحدّدة لحماية المسجد من مصير التقسيم بالحد الأدنى إن لم تكن قادرة على تحريره.
ينتقل بعدها التقرير لمخاطبة الجماهير الفلسطينيّة في القدس والأراضي المحتلّة عام 1948، موضحًا أنّ تغييب الشيخ رائد صلاح بالسجن جاء لضرب تفاعلهم مع المسجد الأقصى والتهديدات المحدقة به، ولتمهيد الميدان لخطواتٍ قادمة على طريق تقسيم المسجد والسيطرة عليه، داعيًا إيّاهم إلى إفشال هذا المخطط الذي يرمي إليه المحتل، وإلى إدامة جهدهم لنصرة المسجد والتواجد فيه، وإلى تكثيفه، وإلى تكريس وتعزيز ما بدؤوه بجعل الأقصى مركزاً لحياتهم ونشاطاتهم. أما الجماهير الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، فيدعوهم التقرير إلى أن لا يشغلهم شاغلٌ عن متابعة وضع المسجد الأقصى الذي من أجله انطلقت انتفاضتهم الثانية، ولأن يكسروا القيد المفروض في الضفة الغربية على تحركاتهم الشعبية.
كما يدعو التقرير الجماهير العربيّة والإسلاميّة إلى التظاهر والتجمع والحشد الشعبي مؤكدًا أن هذه الطرق ليست وسائل عديمة الجدوى، بل هي عوامل أساسيةٌ في قراءة مؤشر الربح والخسارة لدى المحتل، مناشدًا الجهات الفاعلة إلى التعامل مع الاعتداء على المسجد الأقصى بالجدية التي يستحقها، وإلى إدراج قضية المسجد على قائمة أولوياتهم بالفعل قبل القول، بتجييش ردود فعلٍ عملاقةٍ حاشدةٍ منظمةٍ توجّه رسالةً واضحةً عند أي اعتداءٍ مقبلٍ على المسجد.
وأخيرًا يوجه التقرير توصياته للإعلاميين موضحًا أنّ الحقيقة الأولى التي يراهن عليها المحتل الصهيوني في تمرير تقسيم المسجد، هي التمييز بين مباني الجامع القبلي وقبة الصخرة على اعتبارها "المقدسات الإسلامية" وبين الساحات التي تعتبر "ملحقةً بها"، وبالتالي لا تحمل نفس أهميتها، وهذا يمهّد لإمكانية اقتطاع هذه الساحات لصلاة اليهود، رغم أنّ مختلف المراجع الدينية وعلماء هذه الأمة يؤكدون أن المسجد الأقصى هو كل ما يدور عليه السور بمساحة 144,000 متر مربع، وقداسة محراب المسجد القبلي هي بقداسة أية شجرة في ساحات المسجد. وبالتالي لا بدّ للإعلام من أن ينشر ويُرسخّ حقيقة أن المسجد الأقصى هو كل ما يدور عليه السور، وأن حمايته واجبة ككل متكامل، ولا بدّ أن يخرج من تخبطه في المصطلح فيما يتعلق بالمسجد، وتفريقه بين ما يسميه "المسجد" ويقصد به بناء الجامع القبلي، وبين ما يسميه "الحرم" أي ساحات المسجد.
*****
عن موقع القدس