[align=center][table1="width:95%;background-color:orange;"][cell="filter:;"][align=center]
( صور ... باللون الأحمر )
( المجموعة الخامسة )
بقلم / سليم عوض علاونه
++++++++++++++++++
( الصورة الأولى )
يتضور الأطفال جوعاً .. يتلوون ألماً .. يرتعشون خوفاً .. لقد حرموا طعم الأمن والحياة خلال أيام طوال .. فالخوف يحيط بهم من كل جانب .. الدمار يحيط بهم من كل صوب .. الجوع يلتهمهم بأنيابه المتوحشة .. والموت يتربص بهم في كل لحظة .
لقد استشهد الأب في بداية الأحداث .. في بداية العدوان الغاشم المفاجئ على الوطن قبل أيام قلائل .. وترك وراءه زوجة مثقلة بالأمراض والهموم .. وبيت مثقل بالأطفال .
نفد ما لديهم من مخزون متواضع من طعام وغذاء .. وبدأوا يقتاتون بفتات الخبز الجاف .. وبقايا أطعمة قاربت على التعفن .. أو لعلها كذلك .
قررت الأم أن تخرج للحصول على " ربطة خبز " .. لسد رمق الأطفال .. وذلك بعد نفاد مخزون الدقيق من جميع المخابز والمحال .. وانقطاع التيار الكهرباء عن كل أنحاء المدينة .. والمدن الأخرى المجاورة .. وعدم وجود الغاز أو أيٍ من مشتقات البترول في الأسواق .
أمرت الأطفال بعدم الخروج من المنزل على الإطلاق .. خشيت تعرضهم للموت المفاجئ في الخارج .. فالموت يحصد الأرواح بلا هوادة أو تمييز .
" نصف ربطة " .. " نصف ربطة " من الخبز.. هي كل ما استطاعت الحصول عليه .. وذلك بعد لأيٍ شديد .. وبعد أن طافت على العديد من المخابز الخاوية .. وبعد أن وقفت في الطابور الطويل أمام أبواب أحد المخابز لساعات طوال من أجل الحصول عليها .
قبضت على " نصف الربطة " من الخبز بيد من حديد .. ضمتها لصدرها بحنان بالغ .. راحت تتشمم رائحة الخبز الطازج الذي حرمت منه طويلاً .. ظهرت على وجهها ابتسامة شاحبة لأول مرة .. فها هي تتصور نفسها وقد وصلت المنزل .. ها هم الأطفال الجياع يتهافتون عليها .. ها هي تناول كلاً منهم رغيفاً كاملاً ؟؟!! .. رغيفاً طازجاً .. ساخناً .
الانفجارات المتتالية تقصف المكان من كل ناحية .. تفر المرأة من مكان إلى آخر .. من زقاق إلى آخر .. وهي ما زالت تطبق بقوة على " ربطة الخبز " .. " نصف الربطة " .. تحاول الوصول إلى المنزل .. حيث الأمان .. وحيث الأطفال الجياع في انتظارها .
تصل بعد جهد وعناء شديدين .. تنادي على الأطفال بمجرد وصولها أطراف الحيّ .. يتردد صوتها في جنبات الأرض .. حتى يصل عنان السماء .. قوياً .. مدوياً .. ولكن قوته ودويه يتلاشيان إلى جانب الغضب الهادر للصوت المزمجر .. فيبتلع صوتها .. تماماً .. كما ابتلع منازل الحيّ .
تندفع بقوة عجيبة .. وسرعة غريبة .. نحو المنزل .. حيث الأطفال بانتظارها .. وبانتظار الخبز الطازج .
تقف مشدوهة .. الجميع من حولها يتنادون .. يتصايحون . أصوات متنافرة تتمازج لتشكل سيمفونية غريبة نشاز .. صراخ .. نداء ..استغاثة .. تهليل .. تكبير ..أبواق سيارات الإسعاف .. سيارات الدفاع المدني ..
يبدأ الجميع بإخراج جثث الأطفال من تحت الأنقاض ... من تحت الركام .. تندفع الأم نحو الجثث المحترقة .. المتفحمة .. تضع على صدر جثة كل طفل رغيفاً من الخبز .. تصرخ بصوت مجلجل .. يدوي في أنحاء الأرض ... تردده السماء بقوة :
-ها أنا قد عدت يا أطفالي ... حقاً أنني تأخرت كثيراً .. ولكن ذلك كان من أجل الحصول على " ربطة الخبز " .. " نصف الربطة " .. ولكنني عدت .. ها أنا قد حضرت .. هذا رغيف لك ... وهذا رغيف لك .. وهذا ... هيا انهضوا يا أطفالي .. انهضوا لتتناولوا الخبز الساخن ؟؟!!!
++++++++++++++++
( الصورة الثانية )
هدنة مزعومة لساعات محدودة .. كان خلالها الجميع يسارعون بمحاولة الحصول على بعض الاحتياجات الضرورية اللازمة .. من بعض الغذاء .. شيء من الماء .. قليلاً من الدواء .. ولكن كل هذا كان يتم بحذر .. بحذر شديد ..
اصطحب الأب زوجته وأطفاله الصغار لزيارة شقيقه لبعض الوقت في زيارة خاطفة وسريعة .. يطمئن عليه ويطمئنه ..
استقبلهم شقيقه وزوجته وأطفالهما بالترحاب رغم الشحوب الشديد الذي كان يبدو على محيا الجميع .. بسبب الأحداث الجسام التي مر بها الجميع ... وما زالوا .
جلس الشقيقان وزوجتيهما يتجاذبون أطراف الحديث والذي كان محوره تلك الأحداث المؤسفة من قتل وبطش .. تنكيل وتشريد .. قصف وتدمير .. والذي يقوم به العدو المتغطرس من البر .. البحر .. والجو .. منذ عدة أيام متتالية .
صخب الأطفال ولهوهم من حولهم يشوش عليهم الحديث .. ويعكر عليهم صفو اللقاء السريع .. فما كان من المضيف إلا أن طلب من جميع الأطفال اللهو بعيداً عنهم .. واقترح عليهم الذهاب إلى الحجرة المجاورة .. أو إلى سطح المنزل .. وليصطحبوا معهم ألعابهم المختلفة .. فاختار الأطفال السطح ليكملوا لهوهم ولعبهم هناك .
صوت مزمجر هادر قطع حديث الأخوين وزوجيتهما بعد وقت قصير .. قصف معربد مزمجر يأتي من ناحية السماء .. من الجو .. القصف قريب .. بل هو قريب جداً .. اندفع الجميع نحو السطح .. ليستطلعوا الأمر هناك .. حيث الأطفال يلهون .. يلعبون .
وصدق حدسهم بالفعل ... فلقد وجدوا الأطفال جثثاً هامدة مقطعة الأوصال ... مبعثرة الأشلاء .. وسط بركة كبيرة من الدماء ... ومن حولهم الألعاب المختلفة التي كانوا يلهون بها ..
ثمة " منظار " بيد جثة أحد الأطفال ... مجرد " منظار " .. من تلك المناظير البلاستيكية التي يلهو بها الأطفال في العادة ؟؟؟!!! .
++++++++++++
( الصورة الثالثة )
تكدس العشرات .. المئات .. رجال .. نساء ... أطفال ... شيوخ ... عجائز.. تكدسوا في حجرات المبنى الكبير .. بعد أن قصفت منازلهم بعنجهية من قبل طائرات العدو ... ومدفعيته ... وأسطوله البحري .. فاستشهد منهم من استشهد .. ونجا من نجا .. ولجأ من نجا إلى هذا المبنى الضخم .. وقد اعتقدوا بأنهم في أمان .. أمان مطلق .. لأن العلم يرفرف على البناء ... علم الأمم المتحدة الأزرق المميز ؟؟!! .
فالبناء عبارة عن مدرسة .. مدرسة من مدارس وكالة هيئة الأمم المتحدة .. وهو يتمتع بالحصانة .. الحصانة المطلقة ؟؟!! .. ولا تجرؤ قوات العدو أن تهاجمه على الإطلاق .. أو أن تفكر في قصفه .. أو مجرد الاقتراب منه ؟؟!! .
كل أسرة .. أو أسرتين .. أو أكثر في بعض الأحيان .. اختارت حجرة كبيرة ( غرفة صف ) من حجرات المدرسة الكبيرة .. اتخذته سكناً مؤقتا .. بعد أن تقطعت بهم السبل من أجل الحصول على سكن .. أو أي مسكن يأويهم .
بعض الأطفال يلهون في ساحة المدرسة .. يلعبون .. بعض النسوة يقمن بالطبخ .. بالغسيل .. وبعض الرجال يثرثرون .. ويتجاذبون أطراف الحديث ..
ثمة قصف مزمجر .. عربد في المكان .. أحال المكان إلى جهنم .. إلى جحيم .. القنابل الحارقة .. أصابت العديد من الأطفال ... النساء .. الرجال .. الشيوخ والعجائز .. سقطوا على الأرض مضرجين بدمائهم ... تناثرت الأشلاء لتملأ المكان .
فر الناجون من المكان .. هربوا من المدرسة ... فروا إلى الخارج .. إلى الشوارع .. الأزقة .. يصرخون .. يستغيثون.. يولولون .. يستنجدون ..
وسرعان ما كانت النجدة تأتيهم ... على شكل قنابل من كل لون .. تقذفهم بحمم الموت بكل شكل .. من كل مكان .. من الأرض .. من السماء ... ... من البحر ..
ركض الجميع في كل اتجاه بلا هدف .. وعلى غير هدىً .. يفرون من الموت ... فيلاقيهم .. يهربون من الجحيم .. فيترصدهم .. تتساقط الجثث على الأرض ... تتناثر الأشلاء في كل مكان ...
قذيفة تضرب المبنى من جديد .. تصيب أعلاه .. تسقط الحجارة والأتربة على الفارين من الجحيم .. الهاربين من الموت .. ثمة شيء يسقط تحت أرجلهم ... قطعة قماش زرقاء اللون ...؟؟!! ( علم الأمم المتحدة ) .. شبه محترقة ... تلطخت بالدم .. وسقطت في الوحل والطين .
++++++++++++++++++++++++
( الصورة الرابعة )
القصف المدوي المتوالي أحال المكان إلى جهنم .. إلى جحيم .. قصف من كل نوع ... وبكل الأشكال .. ولم يلبث أن هدأ بعد ساعات وساعات طوال من قذف حممه المجنونة الحمقاء .
المكان ناءٍ بعض الشيء .. يقع في أطراف المدينة .. في منطقة زراعية .. تنفس السكان الصعداء قليلاً .. بعد أن هدأت حدة القصف .. ولكن الأمر لم يدم طويلاً ..
فسرعان ما كانت أصوات الآليات العسكرية تئز بشكل متصل .. وتزمجر بصوت مرعب .. وتصخب بشكل يثير القشعريرة في الأبدان .
طوقت المكان من كل ناحية .. من كل جانب ... ارتفعت مكبرات الصوت لجنود الاحتلال تطالب المتواجدين .. ومن نجا من القصف أن يغادروا المكان فوراً .. أن يسيروا حفاة .. شبه عراة .. وأن يرفعوا أيديهم فوق رؤوسهم .. وأن لا يلتفتوا إلى الوراء .. وأن .. وأن .. رزمة ضخمة من الأوامر .
لم يسع السكان سوى الانصياع للأوامر .. وتنفيذها .. ساروا في طابور طويل .. يضم الرجال والأطفال .. النساء والشيوخ .. بينما كانت الطلقات النارية من الأسلحة الأتوماتيكية الرشاشة للعدو تلاحقهم بقسوة .. وتحثهم على السير .
ما كادوا يسيرون بعض الشيء حتى عاد فحيح الأصوات الكريهة لجنود العدو عبر مكبرات الصوت .. تطلب إليهم التوقف .. فتوقفوا .. طلبت منهم الدخول إلى مكان قريب .. فتكدسوا فيه .. وتوالت الأوامر المتلاحقة ..
ساعات طوال والجميع مكدسين في المكان الضيق .. أحسوا بالجوع .. بالعطش .. بالبرد .. رغم أنهم يعرفون جيداً بأن لا شيء من متطلبات الحياة في متناول اليد .
تلوى الأطفال من الألم لشعورهم بالظمأ .. الظمأ الشديد .. تبرع أحد الشباب بإنقاذ الموقف .. فهو يعرف المكان جيداً .. ويعرف بأن هناك " ماتور مياه " قريب من المكان ... فخرج من المكان .. وتوجه ناحية " ماتور المياه " لكي يعمل على تشغيله ليروي ظمأ الجميع .
ما كاد يصل ناحية " الماتور " ويحاول أن يعمل على تشغيله ... حتى كانت قذيفة مباشرة تسقط عليه فتحيله إلى كتلة لحمية مهلهلة .. خرج من المكان أحد أقارب الشهيد لمحاولة الإنقاذ .. وإحضار جثة الشهيد .. والعمل على تشغيل " الماتور " ليروي ظمأ العطشى ..
ما كاد يحاول أن يفعل .. حتى كانت قذيفة مدوية تلقي به إلى جانب الشهيد الأول .. حاول البعض الوصول إلى مكان الشهيدين ..فانهالت عليهم الطلقات النارية من كل جانب .
تلوى الأطفال .. الرجال .. النساء .. الشيوخ من العطش .. من الظمأ ..
بعد ساعات .. استطاعت سيارة الإسعاف الوصول إلى المكان .. نقلت جثة الشهيدين .. ولم تستطع شيئاً بالنسبة للمحاصرين العطشى .. ولم يجرؤ أحد من المحاصرين على الاقتراب من " الماتور " لتشغيله .
بعد لحظات قليلة .. فتح الجميع أفواه الدهشة ... فلقد بدأ " ماتور المياه " بالعمل .. وانسابت المياه لتروي ظمأ العطشى ..
أقسم البعض بأنهم رأوا شبحين بالملابس البيضاء يقومان بتشغيل " الماتور " ... تمتم رجل فاضل من بين المحاصرين :
-إنها أرواح الشهداء .
++++++++++++++++
( الصورة الخامسة )
وقفت المرأتان في المقبرة ... مقبرة المدينة الواسعة الكبيرة ... الأولى وقفت ساهمة واجمة إلى جانب قبر ... تتمتم ببعض السور القرآنية .. وبعض الأدعية .. تربت على القبر بحنو ورقة .. تسوي بعض الرمال المتهدلة حول القبر وتعيد وضعها من جديد فوقه ..
الثانية ... كانت قلقة .. تبكي بحرقة ... تتحرك هنا وهناك ... تقف بين عدة قبور ... لعلها أربعة .. تتنقل بينها بسرعة غريبة .. تضع على هذا القبر بعض الورود .. وترش على ذاك شيئاً من الماء .. وعلى آخر بعض الأحجار .. وعلى الرابع بعض سعف النخيل ..
لعلها لحظات طويلة تلك التي سبقت رغبتهن بالحديث لبعضهن البعض ... بدأته الأولى بالحديث :
- عليك بالصبر يا أختاه ... وبالدعاء الدائم والترحم ... ولا داعي للقلق والبكاء بهذا الشكل .
توقفت الثانية عن البكاء والحركة لبعض الوقت ... اقتربت من الأولى بعيون متقدة كالجمر :
-أي صبر هذا بعد أن فقدت زوجي وثلاثة من أطفالي ؟؟!!... ألا ترين هذه القبور الأربعة ؟؟.. إنها قبور زوجي وأولادي .. أطفالي .. لقد قصفوا منزلنا بوحشية .. ولست أدري هل من حسن حظي أو من سوء حظي أني لم أكن معهم في المنزل عند القصف ...
-رحمهم الله .. وأدخلهم فسيح جناته .. وألهمك الصبر .. فعليك بالصبر يا عزيزتي ..
-إنك تقولين ذلك .. لأنك لا تشعرين بمدي مصابي .. لا تشعرين بمدى ما أكابده .. فأنت تتماسكين هكذا لأنك لم تفقدي سوى عزيز واحد عليك .. في هذا القبر الوحيد الذي تقفين إلى جواره .
-حقاً أختاه ... حقاً بأنه قبر واحد .. ولكنه يحوي كل ما استطعنا الحصول عليه من أشلاء ... محترقة ... متفحمة ... لخمسة عشر فرداً ... هم أفراد عائلتي بالكامل ؟؟؟!!!
++++++++++++++++++
( الصورة السادسة )
المرأة المسنة تقيم في البيت المتواضع وحيدة .. المنزل في منطقة شبه نائية .. يقع بالقرب من الحدود الوهمية ... ولدها الوحيد اختفى منذ بداية قصف المدينة والمدن الأخرى .. تشوشت أفكارها واضطربت .. شغل بالها فراق ابنها الوحيد وغيابه عنها في مثل هذا الظرف العصيب .. وهي في أمس الحاجة لمن يساعدها في محنتها .. لمن يخفف عنها شيئاً من الخوف والوحدة ... لمن يؤنس وحشتها .. فلجأت إلى الله .. وإلى الصلاة والدعاء .
قذيفة رعناء أصابت المنزل المتواضع فأحدثت به الخراب والدمار .. أصابتها بعض الشظايا في شتى أنحاء جسدها ... انهمرت الدماء من شتى أنحاء الجسد الواهن بغزارة .. صرخت ... استنجدت .. ولكن لم يسمع أحد صراخها ولم يستجيب أحد لندائها ولم يهب أحد لنجدتها .
توجهت إلى الله بكليتها بالدعاء .. وقد أحست بأن منيتها قد أزفت .. وأن النهاية لا محالة قادمة بعد لحظات .. لم تلبث السكينة والهدوء أن عادتا إليها بعد وقت قصير .. فراحت تحاول تضميد جراحها العديدة لمنع تسرب الدماء المنهمرة بغزارة منها ..
عاودت الدعاء .. وطلب النجدة .. وشعرت بأن الله قد استجاب لدعائها .. ويبدو بأن أحداً ما قد هب لمساعدتها ونجدتها .. فزغردت نفسها .. فلقد سمعت صوت جلبة وضوضاء في الخارج ... وأصوات أقدام تقترب منها .
انتصب الشاب أمامها بالزيّ العسكري .. تناهى إلى مسامعها صوته :
-أنا هنا .. أنا هنا لمساعدتك .. لا تخافي .. سأنقذك ... سأفعل المستحيل من أجل إنقاذك .
أحست بنوع من السعادة رغم الجراح العديدة ... نظرت إلى الشاب ... دققت النظر .. شهقت :
-من ؟؟!! .. ولدي !!.. ولدي الوحيد .. الحمد لله أنك حضرت في الوقت المناسب .. ولكن ؟؟!! .. ما هذه الملابس العسكرية التي ترتديها ؟؟!! .. وهل يرتدي رجال المقاومة الزيّ الرسمي في مثل هذه الظروف العصيبة ؟؟!!
أتاها صوته وكأنه يأتي من وراء القبور .. أو من أعماق الجب :
-إنها ليست ملابس رجال المقاومة يا أمي ... إنني .. إنني .. إنني أعمل مع .. مع ..
-أوه .. هكذا الأمر إذن .. لقد فهمت ..
-على كل حال .. سأطلب لك النجدة الآن يا أمي ... لا تنزعجي .. سوف أحضر لك سيارة إسعاف ... بل طائرة خاصة لتنقلك إلى الداخل لعلاجك .. لإنقاذ حياتك ..
-- يا لك من نذل .. خائن .. ساقط .. ليت هذا البطن لم يحملك ... ليت هذا الثدي لم يرضعك ... لست ولدي .. لست ولدي ... أنا لا أعرفك .. مطلقاً ... فقبل لحظات كنت أموت ... أموت لمرة واحدة ... أما الآن .. فأنا أموت ألف مرة ... اذهب عليك اللعنة .. عليك غضبي .. وغضب الله .. والملائكة أجمعين .. في الدنيا وفي الآخرة ..
[/align][/cell][/table1][/align]