رد: تخــاطر الشمــوع/ نصيـرة تختوخ ـــ خيري حمــدان
[align=center][table1="width:95%;background-image:url('http://images2.layoutsparks.com/1/108934/all-wet-black-red-31000.jpg');border:4px inset red;"][cell="filter:;"][align=center][align=center][table1="width:95%;"][cell="filter:;"][align=center]نصيرة تختوخ:[/align][/cell][/table1][/align]
أبدأ حيث تنتهي وتبدأ حيث أنتهي. كل شيء ممكن فالأرض مستديرة كبرتقالة من يافا.
عندما تَسقط كلمتي الأخيرة يطلق حرفك أنشودته الأولى وتتقد شمعة، يسري الدفء في الشرايين حالماً.
عَلَّمني عازف القيثار وأبو الحناء الغريد كيف أبدل أنين القلوب بتهليلة خفيفة تنام على إثرها الجراح وتَعَلَّمَتِ الحرائق الاندلاع معي وبعدي دون مواعيد ولاشفقة. يترسب رمادها وأسترجع الرقيقة التي يلفها الرهف.
يهرب النسيم بالغلالة الشفافة التي تداري لغة السحر عندي فتخرج أنوار وألوان من جِرابها.
تعال هذه لغتي الصاعدة، تعال بكل لغتك.
تلك التي استنشقت هواء الكرمل وتلك المتطلعة لربى الجليل والتي غمست فرشاتها في زرقة الدانوب والحنون التي نفضت عن التعساء غبار الوحشة .
تعال بها لتحضر حمرة عيد الحب سريعا تغلب حمرة الحرب.
كل العشاق، كل الأحياء، كل الحالمين يبحثون عن لغـة توشوش فيها الأماني وتتهادى على إيقاعها البسمات.
تتنافس دور العطور تتفانى لابتكار قوارير تتجاوز الحواس إلى صميم القلب وأنت نافسني، سابقني، الحقني اهبط بلغتك كالمظليين إلى أديم الشِّعر.
نحتاج لملأ صفحات الشتاء الباقية ،لاستقبال صفحات النرجس القادمة ، لطبع قبلات على وجه الصباح ، لوضع ناي في كف المساء ...
لا دفاتر خاطئة بعد اليوم، لا سطر في القفص، لا خيمياء تصنع ما يلمع وليس ذهبا.
كل حرف مؤهل ليعزف ويرن ويخفق.
كل حرف متأهب للتَّراص واحتضان الأحاسيس الكبيرة . كل نون متطوعة لتصير مهداً لرعشة وليدة.
أَكتبُ بحجم الوعد الجميل ليرد الصدى حاملا أهازيج الغجر قبل أن تحترق عرباتهم، قبل أن تلتهب صوفيا ذات غد .
*********************
[align=center][table1="width:95%;"][cell="filter:;"][align=center]خــيري حمدان:[/align][/cell][/table1][/align]
تعالي لنر أثر الحريق وبقايا البراكين. انتثر الدفء في المكان، وعازف القيثار لا يعرف الصمت أو التعب. لا مواعيد بعد اليوم حياتنا ارتجالية، والمصادفات تبتلع السأم، لا مواعيد غبّية بعد اليوم وفي القلب حنين وأغنية لا تصمت يرتفع صداها نحو الفضاءات المُتعبة.
قد يحاول النسيم الهرب من قبضة الموج والجبال تصدّه، لكنّ القلبَ أوسع من القيود وأسمى من الهضاب. سيعود النسيم إلى مضاربنا، سنمنعه من الهرب تجاه القرى البعيدة والمدائن الناعسة، فمدينتنا لا تعرف النوم، وتسهر حتّى يميل القمر على جانبه الأيسر ليغفو قليلا.
الكرمل يلفّ الوطن بوشاح أخضر، ما أكثرَ العنب والحنّون والقرنفل! صدّقي الشاعر فأنا قادر على قراءة لغتك ولكنتك وتعثّر ابتسامتك على محيّاك حين ترتدين الأزرق وتعتمرين الأخضر وتمضين بين حقول الورد، أسمع شهيقها، حتى الورد يحسد خطوتك وتقافزك وحضورك الصيفي الدافئ بين الأسوار المرتفعة! تتكاثر الأفاعي والعقارب في الأودية، تتناثر في كلّ الاتجاهات تحاول عرقلة الحصان الجامح المنطلق نحو الغدِ دون فائدة. فأرجله تسبق الريح، لا تعرف للكلل معنىً.
مدّ المساءُ كفّه، تناول الناي دون عناء، صمت الكون لحظة كالدهر حسبتها، ثمّ انطلق الحادي، تجلّى، تهادى بخطواته، لم يتوقف وهنة ولا ساعة، ومضى نحو البيادي والصحارى، يغوي الغواية والنسر يحلّق في الأعالي، ينتظر اللحظة المواتية كي يفترس الفرح. عيناه تحدّق، تخترق قلب الحجر، ترتعد أعماق المياه من جبروته، لكنّ الناي أرهب قلبه النسريّ، فطوى أجنحته بعيدًا. هكذا نجت السوسنات والعصافير والحمام والطير المسالم، والظباء أعلنت عن عرس يمتدّ لما بعد الصحارى.
دفاترك لا تعرف الأخطاء، تتبعثر الكلمات فوقها برونق، والقفص ينفتح، يسمح للقافية بأن تندلق فوق الصفحات البيضاء دون خجل أو عناد، كما العروس يكاد قلبها يطير نحو مختارها حين تمتدّ ساعات العرس لأبعد من الاشتياق بوهلة.
حروفك متربّصة، مؤهلة لاحتضان كتل المشاعر قبل أن تتشكّل في الوعي، قبل أن تهرب نحو الآخر لتسرق منه ما تبقّى من أمان وسكينة. وقبل أن تلتهب صوفيا ذات غد، سأطلق الأهازيج تجاه العربات المسافرة دومًا نحو المغيب.
[/align][/cell][/table1][/align]
|