*** الصلاة دأب الصالحين والربانيين , وأهم صفات أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ***
... يا حسرة على العباد . لو يدركون ما هذه الصلوات ؟ .. ويا حسرة ثم يا حسرة على شباب وكهول من أبناء هذه الأمة , تعددت بهم السبل من هنا ومن هناك , وتفرقت بهم الأهواء , وانغمسوا في التيه من كل صوب , وأضاعوا هذه الصلوات , خشوعها ومواقيتها وجمالها , فصدق فيهم قول الله تعالى :" فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا ".
...ولذلك فقد جعل الله الصلاة هي آية المسلم , والعلامة الجميلة التي تميزه في مسيرة التاريخ النبوي , فهي الفصل الذي لا يعرف إلا به , والنور الذي لا يمشي إلا به , وما مدح الله تبارك وتعالى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء كما مدحهم بما كانوا عليه من مداومة الصلاة . قال عز وجل :" محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم , تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا , سيماهم في وجوههم من أثر السجود , ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار , وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما ".
وإنما اكتسبوا صفتيهم الأوليين , الجهادية :أشداء على الكفار . والخلقية :تراهم ركعا سجدا . من كونهم على صلاتهم دائمين , بالليل والنهار , وهو قوله تعالى :" تراهم ركعا سجدا :, لأن ذلك هو المعين الصافي الذي يتزود منه المسلم الصادق , من حيث إن قوله تعالى " تراهم ركعا سجدا " فيه إشارة إلى أن ذلك هو دأبهم وحالهم المستمر في حركتهم التعبدية , إذ التعبير باسم الفاعل جمعا " ركعا سجدا " في سياق الفعل المضارع "تراهم " يوحي بصورة حية لقافلة المؤمنين , وهم منخرطون في حركة الصلاة المتواترة من غير فتور ولا انقطاع , سيرا مستمرا حتى كان ذلك صفة ثابتة لهم , حيثما تراهم تراهم ركعا سجدا .
يتبع ...
قال تعالى :" إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ". وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :" أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات , هل يبقى من درنه شيء ؟ قالوا : لا يبقى من درنه شيء . قال : فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا ".
وعن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" مثل الصلوات الخمس كمثل نهر جار غمر على باب أحدكم , يغتسل منه كل يوم خمس مرات ".
وعن عثمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" ما من مسلم يتطهر فيتم الطهور الذي كتب عليه , فيصلي هذه الصلوات الخمس إلا كانت كفارة لما بينهن ",
وعن ابن مسعود أن رجلا أصاب خطيئة فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره , فأنزل الله تعالى :" أقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل , إن الحسنات يذهبن السيئات "فقال الرجل : ألي هذا ؟ فقال صلى الله عليه وسلم :لجميع أمتي كلهم .
وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة , كفارة لما بينهن , ما لم تغش الكبائر ".
وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها , إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب مالم تؤت كبيرة , وذلك الدهر كله .
يتبع ...
البيان السابع
*** المحافظ على صلاتي الصبح والعصر محفوظ بضمان الله وآمن من النار في الآخرة ***
قال تعالى :" أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر , إن قرآن الفجر كان مشهودا " .
وقال عز وجل :" وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب ".
وعن أبي موسى الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" من صلى البردين دخل الجنة ", ومعنى البردين : الصبح والعصر .
وعن زهير عمارة بن رؤية قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :" لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ". يعني : الفجر والعصر .
وعن جندب بن سفيان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" من صلى الصبح فهو في ذمة الله , فانظر ياابن آدم لا يطلبنك الله من ذمته بشيء ".
وعن جرير بن عبد الله البجلي قال : كنا جلوسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ نظر إلى القمر ليلة البدر فقال :" أما إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر , لا تضامون في رؤيته , فإن استطعتم ألا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ".
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن المصطفى صلى الله عليه وسلم قال :" يتعاقب فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار , ويجتمعون في صلاة الصبح وصلاة العصر , ثم يعرج الذين باتوا فيكم , فيسألهم الله ــ وهو أعلم بهم ــ كيف تركتم عبادي ؟ فيقولون : تركناهم وهم يصلون وأتيناهم وهم يصلون ".
يتبع ...
البيان الثامن
***فضل صلاة الجماعة وما رتب الله لها من الأجر العظيم ***
... وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" صلاة الرجل في جماعة تضعف على صلاته في بيته وفي سوقه خمسا وعشرين ضعفا , وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد , لا يخرجه إلا الصلاة , لم يخط خطوة إلا رفعت له بها درجة , وحطت عنه بها خطيئة , فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه , ما لم يحدث , تقول : اللهم صل عليه , اللهم ارحمه , ولا يزال في صلاته ما انتظر الصلاة ".
...وفي صحيح مسلم عن ابن مسعود قال : من سره أن يلقى الله تعالى غدا مسلما , فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن . فإن الله شرع لنبيكم صلى الله عليه وسلم سنن الهدى , وإنهن من سنن الهدى , ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم , ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم , ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق , ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف ".
...وعن أبي سعيد الخذري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" الصلاة جماعة تعدل خمسا وعشرين صلاة , فإذا صلاها في فلاة فأتم ركوعها وسجودها بلغت خمسين صلاة ". والمقصود بصلاتها في فلاة ــ وهي الصحراءــ المسافر الذي لا يشغله تعب سفره ومشاقه عن أداء صلاته , فرغم انفراده كان أجره مضاعفا إن هو أحسن أداء الصلاة في سفره .
يتبع ...