تعليقاتكم لم تترك مساحة الا واخترقتها .. من عادة الأديب ان يكتشف نفسة داخل قصته، تماما كما يكتشف القارئ واقعه وعالمه ... مشكلتي ان زمن طويل يفصلني عن "الشيطان الذي في نفسي ".. وبعض التفاصيل تبدو لي بين الحلم - الوهم والواقع
ليس من وظيفة الكاتب ان يحلل شخصياته ، وهو الأكثر عجزا عنفهم أسرار ابداعه ، لأن الابداع لحظات بين الوعي واللاوعي.
كل ما حاولت طرحه هو نصوري للدوافع والأليات التي أظن انها ساهمت في تشكيل الابداع . . ويمكن اعتبارها آليات دائمة في كتاباتي .
مثلا في قصة منشورة في منتدى القصة " الفجر يولد من جديد "لم يكن ظل لفكرة في دماغي عن القصة ..
كانت لنا جارة مصابة بلطف الله .. تقوم في منتصف الليل صارخة معربدة ضد جيرانها .. تتهمهم انهم يجمعون الذباب والحشرات ويطيروها في محيط بيتها ،وان أحدى الجارات تحب زوجها .. وزوجها عاجز .. مقعد .. مشلول .. لا في العير ولاالنفير .. وتستعمل الفاظا وتعابير من "الزنار ونازل " ...
وتكررت هذه الحادثة عشرات المرات حتى صارت شيئا عاديا يتبادل الجيران الأحاديث والضحك على كلماتها "الفاحشة ".. ولكن من غير العادي أن توقذنا على صراخها قبل آذان الفجر بساعتين أ و أكثر ..
حقا كان كلامها مضحكا .. ونحاول ان نقنع أقاربها على ضرورةايجاد ملجأ مناسبا لها ولزوجها ... ولكنها في ضوء النهار أمرأة عادية ونشطة في أعمال بيتها والطبيخ وخدمة زوجها المقعد وتنمية أحواض الزهور ... وزراعة احواض واسعة حول البيت .. الكوسا والقرع والبقدونس والنعناع والبندورة .. وتشجير حاكور صغيرة محاذية للبيت ..
وتزور جاراتها ولا يبدو جنونها الا ليلا ، وفقط ضد جيران محددين متهمين نسائهم بعشق زوجها المسكين
في فجر أحد الأيام أقلقني صراخها .. استيقظت . بعد هدوء موجة زبدها حاولت العودة للنوم عبثا.
وفجأة .. كما في أفلام الرعب ... لمعت فكرة قصصية في رأسي .. فقفزت مثل الملسوع ..
وعلى وقع صرخاتها المتجددة جلست في الثانية والنصف صباحا لأكتب القصة اياها.. وانجزتها خلال ساعتين . بعدها اغتسلت ، شربت القهوة ، راجعت النص ، عدلت بعض جمله ، وسافرت لعملي .
النص أثار اهتماما كيرا في مواقع عديدة نشرته ، ولدى قراء الصحفة التي خصصتها لنشره .
لماذا أشرح ذلك ؟
الضرورة التي جعلتني أكشف دوافع كتابة ذلك النص ، تتكرر بأشكال مختلفة .. نفس الأمر بقصة "الدرجات "... شاهدت عجوزا يساعدها شاب على صعود درج طويل لبيت ميت من أجل التعزية .. وكنت بطريقي لطبيب الأسنان .. واثناء انتظار دوري ، صغت القصة على ألأ طراف البيضاء لمجلة " سرقتها " كي لا تضيع القصة
لا يمكن تأجيل اللحظة .. عملي حرمني من عشرات الأفكار ..التي خمد نارها بسبب التأجيل ...
لماذا تأخرت القهوة ...
في مدينة عربية اسمها شفاعمرو تقع الى الشمال من الناصرة ،التصقت بأهل شفاعمرو فكاهة ( بالطبع ليست صحيحة ، فأهل شفاعمرو أهل كرم ونخوة ..ولكن البلدات تنكت على بعض ) عندما تزور بيت شفاعمري يسألونك " هل تريد ان تشرب القهوة ام مستعجل تلحق الباص ؟
لا يا أحبائي انا سانتظر فنجان القهوة ... عدنية وزيدوها هيل . . وان زودتوها سأبات