رد: الأديب -عبدالحافظ بخيت متولي-في حوار مفتوح بالصالون الأدبي يحاوره الشاعر يسين عرع
أخى الكريم نعيم الأسيوطى
أولا : أشكرك على هذا الإطراء الذى نعتنى به ولم أكن لأستحقه , بل هو من فيض كرمك وسمو خلقك المعهود عنك دائما , وأنت مؤسس مربح الحب الذى يشملنا ويخفف عنا عبث الأقدار
ثانيا : أذكر ان الشاعر الكبير طاهر أبو فاشا مؤلف برنامج ألف ليلة وليلة فى الإذاعة المصرية وغيره من البرامج قال ذات مرة " لقد ضعيت عمرا فكريا فى برامج الإذاعة تبخر فى الهواء ولو أننى كتبت كتابا واحدا لكان أفضل من ذلك وأبقى"
وهكذا الكتاب الإليكترونى هو عمر فكرى يتبخر فى الهواء مهما قيل عن إمكانية حفظه فى " سى دى" أو "ديسكات" وتبقى السيادة دائما للكتاب الورقى ذلك الكتاب الذى يمكن ان يصحبك فى المكتب أو الحافلة أو حتى غرف النوم , كما أنه يمكن الرجوع إليه فى أى وقت بينما الكتاب الاليكترونى صعب الرجوع اليه و والنشر الورقى يبقى القيمة الفكرية لأطول وقت ممكن فنحن اليوم نقرأ كتب الجاحظ وابن المقفع الأغانى للأصفهانى والعقد الفريد لابن عبد ربه وسهل علينا أن نرجع إليها كلما دعت الحاجة فى أى وقت بينما الكتاب الإليكترونى لا يحقق هذه المزايا وأنا دائما أفضل الكتاب الورقى الذى يشجع على القراءة دائما وهناك أصوات ترى أن الكتاب الورقى بدأيتراجع امام الكتاب الإليكترونى وهذه كارثة لأن هذه الأصوات تؤكد على مقولة ثقافة الميديا فى مقابل ثقافة الورق وهذا بدوره أيضا يصرف الناس عن القراءة والغريب -سيدى - أن الذين أخترعوا الميديا لم يتخلوا عن الكتاب الورقى حتى الآن أضف إلى ذلك أننا امة تجهل التعامل مع الميديا بشكل فعال
* أما عن المحسوبيات فى عملية النشر فى مصر فحدث ولا حرج عليك فالنشر فى مصر لا يخضع لمقاييس علمية أو فنية خالصة وإنما يخضع لقانون المصالح والنفعية البحت وهذا ما أفرز لنا كتابات على المستوى الفنى أو العلمى تتسم بالسخافة والسطحية الفكرية وركاكاة الأسلوب وأفرد مساحة كبير للمدعين ان يملأوا الساحة وأقام جدارا صلبا بين المبدعين الحقيقيين وبين الجمهور وأسهم بشكل كبيرة فى وجود ردة ثقافية وتخلف فكرى أوشك أن يكون ظاهرة وعلاج هذا فى تقديرى أن تقال وزارة فاروق حسنى بكل كوادرها لتحل محلها وزارة من المخلصين الشرفاء العارفين حقيقة الفكر والإبداع ودوره فى النهوض بمجتمع يتخبط ويرواح مكانه منذ ردح طويل من الزمن
* أساذ نعيم النقد فى مصر الآن صار سلعة بخسة إلا القليل والنادر جدا وصار تحيزا أيديولوجيا وفكريا غير ممنهج ولك أن تتابع -مثلا- إصدرات الهيئة العامة للكتاب فى مصر من الاعمال الشعرية والتى يشترط فى إجازتها للنشر لأن تكون مصحوبة بدراسة نقدية وبالإضافة إلى أصحاب دكاكيين النقد الفاتحين محلاتهم بجوار الهيئة ترى لو أن الديوان المقدم كان من شعر التفعيل ينبرى الناقد فلان إلى تمجيده دون منهج لأنه من أنصار شعر التفعيلة ولو كان قصيدة نثر ينبرى الاناقد النثرى بإلإعلاء قيمة الديوان حتى أنه يمكن أن يتجاوز فى قيمته الفنية ما كتبه شكسبير ألا توافقنى أن هذا نوع من التجارة الممقوته وأقسم لك أن صديقا مقربا إلى قال لى منذ يومين وانا أشعراك فى تهريج مؤتمؤ أدباء مصر أن ناقدا معينا قال بالحرف الواحد لأحد الشعراء " كم تدفع وأكتب عن ديوانك دراسة تعلى من شأن الديوان وأنشره لك" وأقول لك وأنا أعرف هذا أن جوائز إتحاد الكتاب والهيئة العامة لقصور الثقافة التى يقوم بتحكيمها بعض النقاد يسامون بعض المتقدمين للحصول على الجائزة بقولهم " إذا كنت تكتفى بالتقدير المعنوى ونحصل نحن على التقدير المادى سنمنحك المركز الأول"
من هنا لم يعد هناك نقد بل هو نقض وهدم لقيم فكرية وإبداعية عالية يتاجر به أصحاب الفُتيا وسماسرة الأدب فى مصر ولصوص النصوص النقدية المترجمة
* ياسيدى أندية الأدب فى مصر جزء من المشهد الثقافى المتردى والعفن فهى لم تعتد بالمواهب ولا بدروها الثقافى المنوط بها وانما اصبحت مرهونة بقانون العرض والطلب تنفق الميزانيات الضخمة فيما لا طائل منه إلا امتلا ء جيوب الأدباء من وراء هذه الندوة أو تلك ولذلك أصبح ما يدور فى هذه الندوات مكرور ومعاد يتوقف عند مرحلة زمنية فائته لا يتجاوزها حتى الآن ومن هنا أدعوك وانت تتولى رئاسة نادى أدب أسيوط الآن وهو واحد من أكبر الأندية أن تتجاوز مرحلة الركود وانا اعلم كم انت غيور على الحركة الأدبية فى مصر وكم أنت مخلص لها واتوقع أن يتوهج النادى على يديك وأعلم انك سوف تلاقى عراقيل كثيرة من المنتفعين ولكنك لها سيدى
* نعم أفرزت هذه التجمعات قلة من الأدباء تحت قيادة بعض الشرفاء وأصحاب الأيادى النظيفة وفى المقابل قتلت مواهب كثيرة فى مهدها لأن القائمين على الحركة الأدبية فى ذلك الوقت رأوا أن هذه المواهب تهدد مستقبلهم ولك ان تتخيل لو أن رئيس نادى الأدب أو التجمع الثقافى شاعر فصحى ورأى موهبة فى الشعر الفصيح يدمرها حتى لا تسرق الأضواء منه واذكر أن شابا كان موهوبا جدا فى الشعر الفصيح ذهب إلى أحد نوادى الأدب وفوجئ بهجوم شديد عليه فأحبط وهجر الشعر وتحدثت عنه فى أحد البرامج التلفزيونية فقامت الدنيا ولم تقعد هذه حال التجمعات التى تحكى عنها وأنت تعلم أن النشر الأقليمى للمحاسيب فقط
* بالنسبة للسرقات فى ظاهرة تتسع الآن وليس لها قانون يحمكها وفى هذا المنتدى الراقى موضوع عن السرقات أرجو أن تتطلع عليه حتى تكتشف أن رموز الصحافة والفكر فى الوطن العربى لصوص فلا تحزن على نصك
* لو كنت وزيرا للثقافة - واتمنى ألا أكون- كنت سأجعل محمود امين العالم -رحمه الله- رئيسا للهيئات الثقافية وكنت أقلت كل العاملين فى الحقل الثقافى الآن جمعيا ليحل محلهم الشباب المخلصون لهذا الوطن والموهوبون وكنت جعلتك على رأس الحركة الأدبية فى مصر وهدمت معبد عبادة الأصنام وشيوخ الفكر الرث البالى وأنت تعرفهم معى وأول قرار آخذه هو القضاء بشكل نهائى ومعلن على ظاهرة التطبيع الثقافى مع الكيان الصهيونى وأعدمت أنيس منصور وعلى سالم لأنهم ياعبون دورا خطيرا فى نمو هذا التطبيع
لك كل مودتى ومحبتى أخى الكريم
|