[خولة السعيد]

منذ ست سنوات، بل قد يكون أكثر من ذلك؛ كان الأب قد حفر بئرا عميقة ، وأضاف أخرى بشراكة مع أحد أقربائه، عل واحدة منهما ينبع منها ماء، لكن دون جدوى، وبقيت الحفرة مطمورة، عاد خلال هذا الأسبوع يفكر بإصلاح إحدى البئرين، وبيوم الثلاثاء بعد الظهر بقليل، أحس ببعض التعب، ودخل بيته ليؤدي فريضة الصلاة ويتناول غذاءه، ناسيا إغلاق البئر، صلى، واتجه نحو المائدة، حيث زوجه تجهز صحون الغذاء، انتبه إلى بدر وأخته موجودان بينما ريان الصغير لا أثر له، طلب من بدر أن يرى إن كان أخوه عند جده أو أحد الأهل، بحث أخوه ولم يجد، فزع الأب وقام يبحث أيضا عن ابنه، يسأل هنا وهناك، هذا الجار وذاك، ذهب إلى المقهى حيث يأخذه معه أحيانا لعله هناك يلقاه، لكن للأسف دون جدوى.. أخذ صورة ابنه، وراح كالمجنون يسأل كل من يجده ب"الدوار"، من يعرفه ومن لا يعرفه، ولا أحد كان قد رأى الطفل ريان، فجأة وكأن الأم قالت لأخته" قصيه" فتحسسته مسترشدة بأنفاسهما المشتركة، ثم إن بعض الأطفال لعلهم من أقرباء الطفل أو أصدقاء أخيه وأبناء الجيران ، تحلقوا حول البئر الضيقة التي لم تغطى، ولربما لفتهم إليه شيء معين، قد يكون سماعهم لصوت الصغير بعيدا، أو قلب الأخ الذي لم يتحرك من البئر ولم تتجاوز نبضاته حفرته الضيقة، ففكر أحدهم في ربط هاتف بحبل طويل جاعلا الهاتف في وضعية تصوير لشريط (فيديو)، حتى يصل إلى عمق البئر فكان ذلك، ليخرجوا الهاتف بعد حين ويروا الشريط... نعم ريان هنا.. إنه بالبئر قد هوى .. ينادي " أخرجوني من هنا" . فتجن الأسرة، وتتقطع القلوب، وتأتي العائلة نحو البئر، الكل ينادي: " ريان.. ريان.." ويصيح الجيران وقد خرجوا من بيوتهم أيضا " ريان.. ريان " ولا صوت غير صدى بعيد قد يسمعونه من البئر أو من قلوبهم: " أخرجوني من هنا".. ويتم الاتصال بالسلطات ، ويؤذن لهم بالحفر لتوسيع البئر حتى يتم التمكن من الوصول إلى ريان وإنقاذه .
الثلاثاء ليلا، خبر ريان انتشر بكل بقاع المملكة ولم يعد حبيس قرية إغران بالجماعة الترابية تمروت التابعة لإقليم شفشاون حيث البئر، الخبر أدمع أعين كل من وصله وارتفعت الأكف بالدعاء..
وخبر تلو الخبر، والمغاربة لم يعد أمامهم غير وسائل التواصل الاجتماعي طامعين في أن يصلهم الخبر المفرح " إنقاذ ريان " ، لكن لا شيء جديد جميل... ريان ما زال بعمق البئر، والكل يشير إلى أن هذا العمق يصل إلى ستين مترا، تنفجر القلوب، وتبيت الأعين ساهرة والقلوب مفكرة، والعقول منشغلة، ولا خبر بيوم الأربعاء أيضا غير محاولات شباب أرادوا أن يخوضوا المغامرة للوصول إلى قعر بئر ضيق جدا ، لكن نحافتهم لم تسمح لهم بتجاوز عشرين مترا ، فالبئر صار أكثر ضيقا، ويظل سائقو الجرافات في محنة الحفر ، ويخونهم انجراف التربة، والأم المسكينة المكلوم لا أكل ولا شراب منتظرة أن تضم ابنها بين ذراعيها،وكلمتها الوحيدة ، أناشد كل المغاربة بالدعاء لابني، وأدعو الله لأن رجائي فيه سيعيده لي حيا، وتردد صفحات الفايسبوك كلام الله عز وجل { ولا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك} ثم تتوصل السلطات بتقنياتها إلى الاطمئنان على حياة الصغير وتؤكد أنه ما يزال يتنفس وأنه يستطيع تحريك إحدى يديه، فتكون هذه البشرى كأنها قميص يوسف الذي أعاد البصر لأبيه، ويدب الأمل من جديد ، ويجتمع أهالي المنطقة ، كل يتمنى لو كانت له القدرة على إخراج ريان من حفرته، ويبكي الصغير وليد لعدم السماح له بمحاولة الإنقاذ خوفا عليه هو الآخر، خاصة وأن انجراف التربة قد يحصل في أي وقت، وهذا ليس أمرا مساعدا ولا مبشرا بخير، ولكن البشرى هي تلك القلوب المؤمنة بأن الله قادر على كل شيء وقادر على أن يقول للشيء كن فيكون، وينتشر الخبر أكثر ويردد الدعاء محيطا بريان ،يردد بأصوات من هبوا ناحية البئر منتظرين طلوع ريان: " اللهم رد ريان لأمه.. اللهم أنقذ ريان" وتبكي عيون كثيرة بعد أن تعبت القلوب من البكاء، ومع الألم تسطع روح الإنسانية والأخوة، فتصل الرسائل من أنحاء الكرة الأرضية ، ويصبح المغرب العربي الكبير واحدا، فتجد الجزائري والتونسي والليبي والموريتاني كلهم عن الدعاء لا يكفون، وعن السؤال لا ينقطعون، وعن تتبع أخبار ريان لا يبتعدون، ولحمة العرب تتضاعف فتنقل قنوات الأخبار العربية أحداث حفر البئر وآخر مستجدات ريان ، وتجد من اليمن دعاء، ومن مصر دعاء، من سوريا من العراق، من لبنان، من فلسطين، من السعودية، من الأردن، من عمان، من السودان ، من قطر.... ، والكل متابع الخبر ، وتصل الإنسانية إلى ما هو أبعد، فتقول : الحمد لله ما يزال العالم بخير، يا أم ريان ليس المغاربة وحدهم من ارتفعت أكفهم بالدعاء لابنك، يا سيدتي حتى غير المسلمين تعلموا كيف يكون الدعاء وكيف يصيحون: " أنقذوا ريان " .. ويأتي الخميس وقد انفطرت قلوب كل إنسان، ويحمل الخميس في كل لحظة بشرى، فتقرأ وتسمع " اللحظات الأخيرة على إنقاذ ريان" " لم يتبق غير أربع ساعات... غير ساعتين" " بقي أربعة أمتار" وتبتسم القلوب المتألمة على أمل أن يتحقق هذا الخروج أخيرا، فلا يتحقق شيء. منتصف الليل، وبكل دقيقة يكون لنا فيها أمل رؤية ريان فوق الأرض لا تحتها، لكننا نطمئن لشيء واحد فقط أنه ما زال تحت الأرض،وأنه يتنفس وقد مدوه بالأكسجين والماء ، وهو في ذاك القعر يبدو كجنين منهكة قواه، فأثر الوقعة في بئر عمقه حسب تأكيد المصادر 32 مترا قد خلف ندبات وكسورا ثم بقلوب كل إنسان جراحات ومحبة ، وبدأ التعب على الوجوه الشاحبة التي أصرت ألا تنام حتى يُنقذ الطفل ريان، فسائقو الجرارات وإن انهارت قواهم متلهفين لرؤية الصغير ومعانقته حيا، وتمضي ساعات الخميس بطيئة ومع بطئها لا تسمح التربة بإنهاء عملية الحفر سريعا، فكل متر كما صرح أحدهم يستغرق وقتا مخالفا للمتر الآخر، وتزيد التربة تمردا فلا تسعف في الوصول السريع ، والكل يسأل ويدعو - دعاة، فنانون، رياضيون، أئمة، صحافيون - أمر يجعلك تفكر أن كل إنسان على هذه الأرض يسأل وينتظر، ويطل يوم الجمعة ،ويحين موعد الصلاة، ومع الاستسقاء استرحام ودعاء لريان، سؤال عنه من كل حدب وصوب، يجعلك تفكر أن الشجر والقمر يدعو، أن الزهر والورد يدعو ، أن كل مخلوق يسأل رب الخلق، وما زال الانتظار قائما، ومازال التلاعب بالأعصاب " اللحظات الأخيرة... اللحظة الحاسمة.. " والاشاعات التي تزعزع القلوب وتجعلها في متاهة...
وما يثلج الصدر أخوة إنسانية جعلت العالم قلبا واحدا بفضل الريان الصغير... فالحمد لله

[هدى نورالدين الخطيب]

ريان هذا الملاك الصغير الذي نعيش جميعاً على أعصابنا ندعو له بالسلامة ونبتهل بالدعاء..
ريّان جمع قلوب العرب حوله في كل مكان من المحيط إلى الخليج وبمختلف أنحاء العالم من بلاد المهجر، ليثبت هذا الطفل الصغير البريئ أننا أمّة واحدة وعلى قلب واحد .. لم يعد ابن والديه فقط بل بات ابننا جميعاً..
هنا عندنا في كندا .. في مساجد مونتريال وحّد الأئمة الدعاء من أجل ريان ، وكما وصلني كان هذا أيضاً في مختلف المدن ، أوتاوا وتورنتو وحتى في الغرب الكندي ، دعاء صلاة الجمعة اليوم كانت من أجل ريان ..
جارتي التي تسكن على الطرف الآخر من الشارع مقابل منزلي وهي من أصل إيطالي ، سألتني عن ريان وكانت متأثرة ترجو أن تسمع أخبار إنقاذه وجارتي العجوز من الجهة اليسرى الموازية وهي من أصل يوناني سألتني عن أخبار ريان وقالت وفق تعبيرهم: (( أصلّي من أجله على المسبحة )) .. إلخ..
اللهم احفظه وردّه سالماً حياً يا رب.. اللهم سلّم هذا الطفل البريئ
ننتظر ونترقب وأيدينا على قلوبنا من الخوف...
شكراً لك غاليتي..

[خولة السعيد]

شكرا على ردك الجميل الحامل ألم الحرف وأمل القلب...
شكرا لك سيدة هدى ولكل من مسح على قلبه لنعانق فينا الرحمة والإنسانية...
حفظ الله ريان ورزقنا فرحة نجاته...
ريان المعجزة الحقيقية التي أكدت أخوتنا نحن أبناء آدم ...

[هدى نورالدين الخطيب]

أتابع عملية إنقاذ ريّان في مراحلها الأخيرة بإذن الله على هذا الرابط:
عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]
بدأت العملية النهائية
الكاريكاتور أدناه أعجبني وقمت برفعه مع إضافة اسم الفنان الذي أنجزه بشكل واضح بالإضافة لاسم الطفل ريّان وأضفت كذلك تعليق لي عليه وضعت أدناه اسمي الأول
قريباً إن شاء الله نطمئن على الطفل ريّان سليماً معافى

عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]

[هدى نورالدين الخطيب]

اقتباس  عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ] المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خولة السعيد شكرا على ردك الجميل الحامل ألم الحرف وأمل القلب... شكرا لك سيدة هدى ولكل من مسح على قلبه لنعانق فينا الرحمة والإنسانية... حفظ الله ريان ورزقنا فرحة نجاته... ريان المعجزة الحقيقية التي أكدت أخوتنا نحن أبناء آدم ...

غاليتي لا شكر
نحن كما أشرت أعلاه وأشار الفنان جسد واحد وقلب وشريان حياتنا واحد
يا رب..

[عزة عامر]

آه يا خولة .. فعلا هذا الحادث أثبت أننا لازلنا بخير ، بل وبخير جدا ، لازالت قلوبنا قلوب طيبة ، تتأثر وتبكي وتحن لبعضها البعض ، وإن كان المصاب منا في آخر بقاع الأرض ، رغم الألم والقلق إلا أن هذا المشهد يبشر بالخير ، ويقول بأعلى صوت نحن جسد واحد إذا اشتكى منه عضو تتداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى ، وها نحن نفعل ، يبعت الله لنا المواقف والظروف لنعرف أنفسنا جيدا وننتبه من نحن وتزال غشاوة الأنا الزائفة ، لتصحو المحبة والقرب فيما بيننا ، ونعلم أننا يد واحدة ، وقلب واحد .. ومن تأملاتي اليوم جاء اسم ريان في نفسي تردده كثيرا ، وكانه( ري آن ) وكأن صوت ما يتردد في نفسي آن ري القلوب والعيون الجافة ، لتعود لصحوتها من جديد وليفكر كل منا ، كم نحن مستقر بنا خيرا كثيرا ، وكم نحن نفخر بعروبتنا التي ليس لها مثيل على الأرض ، وكم نحن لازلنا ملحمة الطيب والحب والجمال .. وان قلت واسهبت في الحديث ساشعر الليلة .. ريان الله معه ويتولاه ، ويرده إلى أمه سالما .. شكرا لك على الخبر التفصيلي خولة .. لك مني كل المحبة والمودة ..

[عزة عامر]

اقتباس  عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ] المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هدى نورالدين الخطيب أتابع عملية إنقاذ ريّان في مراحلها الأخيرة بإذن الله على هذا الرابط: عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ] بدأت العملية النهائية الكاريكاتور أدناه أعجبني وقمت برفعه مع إضافة اسم الفنان الذي أنجزه بشكل واضح بالإضافة لاسم الطفل ريّان وأضفت كذلك تعليق لي عليه وضعت أدناه اسمي الأول قريباً إن شاء الله نطمئن على الطفل ريّان سليماً معافى عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]

أهلا بك أستاذة/ هدى
أتمنى أن تكوني بكل خير أينما كنت وحيثما حللت ..
وأما عن الصورة الكاريكاتورية ، فكم هي معبرة جدا وتحمل الكثير من الكلمات والرسائل .. شكرا لمشاركتها معنا ..
تحيتي لك على الدوام ..ودمت بكل خير ..

[خولة السعيد]

رأيت الصورة أيضا... وصورا أخرى جسدت أخوتنا وإنسانيتنا...
أسأل الله أن ينجي ريان ويفرح أمه وأباه، ويخرج قلوبنا من تلك البئر الجافة

[خولة السعيد]

السبت.. التاسعة وثلاث وأربعون دقيقة ما زال الحفر قائما، ومازال يدويا حيث هكذا بدا أمس تحسبا بنوع التربة، لكن المشكل القائم هو مفاجأة العمال بصخرة كبيرة منعتهم من المتابعة، وخافوا من خطر ذلك.
ثقة بقدرة الله وعونه جعلهم يغامرون فتمكنوا حسب آخر الأخبار من إزالتها ..
الحمد لله

[خولة السعيد]

عندما أتأمل اسم ريان، وأقرأ معناه متأنية ، يبدأ التأويل وربط حدثه بأحداث أخرى عرفها التاريخ ارتبطت بمعجزات من السماء، فأتساءل ، أيعقل أن يكون هذا الحدث معجزة؟!!!
المعجزات مضت زمن النبوة،ونحن اليوم إذ نصف شيئا أو حدثا بالمعجزة فلأننا رأيناه أمرا خارقا للعادة، أو شيئا جميلا انتظرناه لكننا لم نتوقع حدوثه،أو على الأصح حدوثه بالطريقة التي حدث بها...
ريان الذي يدل اسمه على الارتواء سقط في مكان نرتوي منه، لكنه كان جافا لا ماء فيه، ريان في ظلمة شديدة، يحاول كل البشر إنقاذه ولو بالدعاء حتى الجبل و الشجر والحجر ، فالصخرة بصلابتها تفتت للوصول إلى ريان والجبل يقبل أن ينهد لأجله..
وأنا أقول معجزة؛ أذكر يوسف النبي الصغير الذي رماه إخوته بالجب وظل به حسب المؤرخين ثلاثة أيام مظلمة، كما بقي يونس عليه السلام حيا في بطن الحوت ثلاثة أيام مظلمة .. طبعا النبوة ختمها محمد صلى الله عليه وسلم، لكن هل يقدر للصبي ريان أن يعيش سالما فيكون له شأن عظيم؟!
موسى عليه السلام عندما ألقته أمه في اليم خاطبها الله عز وجل* ولا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين * ثم أعاده لها كما نسأل الله أن يعيد ريان لأمه التي تشعر أن الله سيستجيب لها ويعيد ابنها، وقد جاء في كتاب الله سبحانه بعد عودة موسى لحضن أمه * فرددناه إلى أمه كي تقر عينها ولا تحزن ولتعلم أن وعد الله حق ولكن أكثرهم لا يعلمون.ولما بلغ أشده واستوى آتيناه حكما وعلما وكذلك نجزي المحسنين *، وعن يوسف عليه السلام قال الله تعالى، بعد إخراجه من البئر: * قال يا بشراي هذا غلام* طبعا معاذ الله أن أقارن ، لكن ربما أشير إلى أن البشرى مع ريان قد وقعت حقا وريان في البئر بتآلف البشر واتحاد الإنسانية، لكن مازال التساؤل واردا فحتى تفسير الأحلام عند المتخصصين ينطلقون من الآيات القرآنية التي غالبا ما تخص الأنبياء، فأقول ويوسف عندما خرج من البئر وتربى في بيت عزيز مصر قال عنه الله سبحانه وتعالى: * ولما بلغ أشده آتيناه حكما وعلما وكذلك نجزي المحسنين* فهل يعيش ريان؟ هل يكون لريان شأن عظيم؟؟؟
نسألك ربي أن تفرج همومنا وكروبنا