استشارة على الواتساب
اعتدت أن أتلقى رسائل على الواتساب ، وألفت أن تكون جملة منها من تلامذتي بمقر عملي الأول، -وكنت أدرسهم بسلك (الإعدادي) - قبل أيام وصلتني رسالة من وسيم:
_ أستاذة أريد أن أستشيرك في أمر ممكن؟
كان الفتى غالبا ما يسألني في شيء يخص دراسته، ترى ما سر رسالة اليوم؟
أجبته بأني أنتظر ما يريد استشارتي فيه، فبعث لي معبرا عن فرحته بذلك، وأرسل كلماته التي تنتظر مني ردا.. هناك كانت المفاجأة التي لم أتوقعها، إنه يخبرني عن رغبته في الهجرة إلى دولة من دول الخليج خلال الأيام المقبلة، فيريد أن يودعني في تردد، هو نفسه يتساءل أيسافر أم لا؟ ابن عمه هو صاحب اقتراح هذه الهجرة التي ستسعد حياته فهو سيجد عملا يعوض به معيشته الصعبة في قريته، أو قل إن ابن عمه قد وجد له هذا العمل ، فما عليه إلا أن يرحل ويهاجر ترابه مودعا والديه وأهله...
كيف لوسيم أن يهاجر ليعمل وهو لم يبلغ بعد ربيعه الثامن عشر؟ وفي أي مجال سيعمل فتى مثله؟
أعرف وسيم ليس بالتلميذ المجد ولكنه دائما يحاول أن يجتهد، لم يسبق له أن كرر موسما دراسيا..
اعتدت أن أرد على رسائله كتابة، لكني هذه المرة قررت أن أبعثها صوتا، ما إن ظهر لي بالواتس أنه استمع لرسالتي الصوتية حتى ظللت أنتظر رسالة جديدة منه، ووصلت الرسالة منه هذه المرة.. كان رده بأنه سيتابع دراسته وسيثابر من أجل الحصول على شهادة الباك، وسينجح ليبعث لي ويخبرني فأبارك له وأهنئه ..
فرحت لقراره الجميل الذي غيره سريعا، وإن كان مترددا فيه، خاصة أن والديه حين سألته عن رأيهما في الأمر، قال إنهما سيباركان له أية خطوة اختارها، وأنهما لا يرغمانه على شيء ...
الآن..وسيم. قد اقتنع وصار هدفه الأول هو حصوله على شهادة الباك..
بعد يومين أو أقل أتلقى رسالة صوتية من وسيم كنت مشغولة،أجلت سماعها، نسيتها... انتبهت إليها بعد يوم آخر
_ السلام عليكم .. أستاذة
_ تبارك الله، سبحان الله العظيم ..
ظهر على صوت وسيم الكبر، فقد تركته طفلا يدنو من أن يكون شابا، وإن كان صوته صوت رجل ( أخاطب نفسي)
_ أنا والد وسيم
_ يا إلهي!!! الله يسمعنا خير.
أقرب الهاتف مني أكثر، ماذا جرى لوسيم؟ لماذا لم أسمع الأوديو أمس ؟.... كنت أتساءل كثيرا وأعاتب نفسي في ظرف قد يكون ثانية، ولكنه جاءني بتساؤلات عديدة..
فجأة لم أشعر إلا ودمعات دافئة ملأت عيني، وبدأت تسيل حلوة على خدي، إنه يشكرني ويدعو لي، لأني كما يقول؛ الوحيدة التي استطاعت إقناع ابنه بمتابعة دراسته والتخلي عن فكرة الهجرة على الأقل حاليا، يدعو لي ، ثم تتابع زوجه الأدعية...
أحيانا بكلمة صادقة واحدة نستطيع أن نزرع حبا عظيما، أن نرسم بهجة وفرحة، الآن، والد وسيم يشكرني ويطلب مني أن أتابع خطوات ابنه وإن عبر الهاتف دائما..
لكن، أيمكن أن أكون أهلا لكل هذه الثقة؟!!!!
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|