عفوك معلمتي
قبل سنة كنت قد كتبت هذه السطور بصفحتي الفايسبوكية وأعدت نشرها الآن للذكرى..ثم قلت: " لم لا أشارككم بها أيضا؟"
................................. ..... .........
في مثل هذه اللحظة قبل أسبوع، ركبت القطار كما الآن متجهة من مشرع بلقصيري مقر عملي إلى مكناس مقر نشأتي وحياتي ،بحثت عن رقم العربة المحدد بالتذكرة، ثم اتجهت صوب المقعد المحدد كذلك فوجدت امرأة تجلس به، بادرت قائلة وكأنها تمنعني من الدخول إلى العربة: " شحال رقمكك را تنجلسو بالأرقام..خصك تشوفي شحال عندك عاد تجلسي" فاستغربت لهذه " الصنطيحة" القوية وقلت: 18.
ردت : إذن هو رقمك أنت..أنا رقمي 15 أجي لبلاصتك.
انتظرت قيامهالأجلس بمكاني لكن اصنطيحتها كانت أصلب من المتخيل أدارت وجهها ناحية النافذة وبدأت تطل منها.
يا إلهي ماهذا النوع من البشر؟! أخذت مكانا آخر بنفس العربة..تجلس .بجانبي أم لطفلة وصبي صغير وأمامي سيدة تجاوزت الستين وزوجها.
السيدة تحمل الهاتف مسجل عليه القرآن الكريم صوتا وهي تستمع إليه...والأم مع صاحبة الصنطيحة أحيانا يتحدثان في مواضيع لا أدري كيف يستطيع عقل مفكر أن يتحدث بها.. السيدة تستمع وتقول.: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وأنا الآن لا أذكر شيئا من الحوار.
الزوج كان ينظر إلينا جميعا.
تأملت هذه الأجواء ثم أخذت كتابي الممل.
لا أدري لماذا جل الكتابات المترجمة لا تستهويني رغم أني أغري نفسي بأنها ممتعة..؟ علي أن أتعلم اللغات فأتقنها حتى أقرأ الأصل.
المهم وأنا أقرأ الفضيلة أو بول وفيغجيني كما أسماها مصطفى لطفي المنفلوطي،يزداد مللي،ويزداد معه الشعور بالنعاس.في هذه الأثناء كانت السيدة قد أسكتت هاتفها وظلت تتأملني.. يا ربي ما الغريب فيّ حتى إن هذه السيدة تنظر إلي هكذا لعلني أغمضت عيني والكتاب بين يدي دون أن أشعر من شدة الإرهاق. لعل مصطفى لطفي المنفلوطي فعل فعلته، فالفضيلة موجودة،والنظرات موجودة أيضا،ولم يبق إلا العبرات.
حسنا.
أغلقت الكتاب و وضعته بحقيبتي، أخذت الهاتف وحققت المنبه على أن يرن قبل الوصول إلى مكناس بحوالي عشر دقائق.
أملت رأسي على جانبي الأيمن وبدأت أستعد للنوم، لكن السيدة منعتني من النوم.
يا إلهي أي سفر هذا وأي نوم أسعى إليه؟
قالت" أتسمحين بسؤال؟"
_" نعم" قلتها مستغربة .
_ أذاهبة أنت إلى مكناس؟
_ نعم
تسكنين بحي الرياض؟
_نعم
_ درست بالرياض؟
يا إلهي ماهذا؟ من أين تعرفني هذه السيدة؟ أكل هذا قرأته بنظراتها ...؟
درست بابن خلدون؟
هنا لا أدري كيف صحت: الأستاذة جلييييييييلة؟! ابتسمت فبدأت العبرات بعد النظرات. قمت من مكاني أقبلها،ضمتني إليها،اعتذرت لأني لم أعرفها..
غريب الأستاذ يعرف التلميذ وتلميذه يجهله!؟ في أي زمان صرنا اعتذرت واعتذرت خاصة وأنها قالت لي: أنا لا يمكن أن أنساك ،صورتك ما تزال في ذاكرتي وأعتذر لك لأني نسيت الاسم.
سعدت جدا وبنفس الوقت استحييت جدا.
طار النوم وطار الملل
فأي شرف أنا فيه الآن ظللنا نتحدث ونسترجع الذكريات ونذكر بعض الحاضر..ذكريات بدأت سنة 1997
شكرا أستاذتي وشكرا كل أساتذتي لأنكم أساتذتي.
أحبكم
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|