موظفة إدارية-قطاع التعليم العالي-حاصلة على الإجازة في الأدب العربي
المواقد
المواقد
التقتا لأول مرة في غير موعد.. متشابهتان.. متنافرتان.. لقاؤهما عابر.. خلافهما كبير.. أبعدتهما الأنا وحب الاستحواد عن التوافق والإخاء.. أرادتا الاستفراد بها.. لا فرق بينهما ضيفتان مكرمتان معززتان فتحت لهما بابها.. رغبتا في مساعدتها.. اجتماعهما في المطبخ للمساهمة في إعداد مائدة الفطور مع توفير كل ما تشتهيان أصبح مستحيلا.. شجارهما الصامت إلا من بعض القذفات المجازية عكر صفو راحتها.. نظراتهما لبعض فيها من العداوة ما يقهر القلب.. على كبر المطبخ تنسحب إحداهما إلى بهو الدار لتهيئ إبداعها بعيدا عن عيني الأخرى.. تلتقيان من جديد على باب الفرن لتسويان صنيعهما على نار مهيلة.. صديقتهما ترقب حركاتهما متوجسة من شرارة قد تنفجر بعد محاولات متكررة للتوافق بينهما.. تسعى جاهدة المحافظة على هدوء البيت بملاطفتهما ببشاشتها ورحابة صدرها.. جو المطبخ ساخن بنيران المواقد؛ رغم النافدة الكبيرة المشرعة على مصراعيها.. صدور متقدة زادت الحرارة شعلة.. كبر حجم رأسها فوق كتفيها.. صداع قوي يؤلمه.. اقتبس وجهها لون المواقد المستعرة.. استعارت غيرتهما من بعضهما وهما تتميلان في خيلاء.. لاحظت شديد اهتمامهما بطريقة لباسهما المثيرة لرغبة الغافي.. وحرسهما على تقديم أجود ما صنعت أيديهما من شهوات مرافقة للأطباق الرئيسة التي انتهت من تحضيرها.. أخذت دوشا باردا أطفأ حرارتها.. ارتدت قميصا تقليديا أنيقا يليق بطاولة فطور رمضاني شهي.. قسمت الحضور بين طاولتين.. الذكور على قلتهم؛ زوجها وشقيقها القادم من وراء البحر في غرفة مستقلة عن النساء.. تكلفت بتقديم الطاولة المعزولة عمدا.. طلبت منهما تقديم طاولة النساء.. نظرتا إلى بعضهما نظرة قرأت فحواها من خلال هدوئهما المفاجئ.. بنهم تناول الجميع وجبة الإفطار.. انصرف الرجال بعدها إلى المسجد لصلاة العشاء والتراويح.. طلبت من زوجها أن يؤنس أخاها في بيت أمها القريب من بيتها؛ على أن تبعث لهما كل ما يلزمهما من عشاء وسحور.. بات أهل الدار في هدوء بعد أن هب نسيم عليل لطف جو المطبخ وأطفأ حرارة المواقد.